الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ***
الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ج1 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا قال الشيخ الفقيه الحافظ أبو عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري رضي الله عنه الحمد لله ولي كل نعمة وكاشف كل غمة الذي كتب على نفسه الرحمة وجعل الوسط هذه الأمة من علينا بالإيمان وصيرنا من أهله وهدانا للإسلام وعلمنا شرائعه وفضلنا بالقرآن وتعبدنا بأحكامه وجعلنا من أمة محمد نبيه ورسوله وخاتم أنبيائه وألهمنا اتباع سنته فله الحمد كثيرا كما هو أهله وأحمده شكارا لما سلف من آلائه وملتمسا للمزيد من نعمائه وأستعينه على رعاية ما استودعنا من حقوق وأرغب إليه في العون على توفيقه وصلى الله علي سيدنا محمد رسوله أما بعد فإن بعض إخواننا من أهل الطلب والعناية والرغبة في الزيادة من التعلم سألني أن أجمع له كتابا مختصرا في الفقه يجمع المسائل التي هي أصول وأمهات لما يبنى عليها من الفروع والبينات في فوائد الأحكام ومعرفة الحلال والحرام يكون جامعا مهذبا وكافيا مقربا ومختصرا مبوبا يستذكر به عند الاشتغال وما يدرك الإنسان من الملال ويكفي عن المؤلفات الطوال ويقوم مقام المذاكرة عند عدم المدارسة فرأيت أن أجيبه إلى ذلك لما رجوت فيه من عون العالم المقتصر ونفع الطالب المسترشد التماسا لثواب الله عز وجل في تقريبه على من أراده واعتمدت فيه على علم أهل المدينة وسلكت فيه مسلك مذهب الإمام أبي عبدالله مالك بن أنس رحمه الله لما صح له من جمع مذاهب أسلافه من أهل بلده مع حسن الاختيار وضبط الآثار فأتيت فيه بما لا يسع جهله لمن أحب أن يسم بالعلم نفسه واقتطعه من كتب المالكيين ومذهب المدنيين واقتصرت على الأصح علما والأوثق نقلا فعولت منها على سبعة قوانين دون ما سواها وهي الموطأ والمدونة وكتاب ابن عبدالحكم والمبسوط لاسماعيل القاضي والحاوي لأبي الفرج ومختصر أبي مصعب وموطأ ابن وهب وفيه من كتاب ابن الموازي ومختصر الوقار ومن العتبة والواضحة فقر صالحة. الذي يوجب الوضوء عند أهل المدينة مالك وأصحابه أربعة أنواع أحدها ما خرج من أحد المخرجين من ريح أو غائط أو بول أو مذي أو ودي ما خلا المني فإنه يوجب الغسل والحجة في ذلك قول الله عز وجل أو جاء أحمد منكم من الغائط المائدة وذلك كناية عن كل ما يخرج من الفرجين مما كان معتادا أو معروفا دون ما خرج منهما نادرا أو غبا مثل الدم والدود والحصاة التي لا أذى عليها وما كان مثل ذلك لأن الإشارة بذلك عند مالك إلى ما عهد دائما مترددا دون مالم يعهد والنوع الثاني ما غلب على العقل من الإغماء والنوم الثقيل والسكر والصرع فإن كان النوم خفيفا لا يخامر العقل وال يغمره فإن استثقل نوماص فقد وجب عليه الوضوء ولا يكاد الجالس ولا المحتبي يستثقلان نوما والحجة في ذلك أن النوم يوجب الوضوء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في وضوئه فدل على أن الوضوء على من انتبه من نومه وقال زيد بن أسلم في قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة المائدة. قال يريد قمتم من المضاجع يعني النوم وقال صفوان بن عساب أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ننزع خفافنا من غائط ولا بول ولا ننزعهما إلا من جنابة فسوى بين البول والغائط والنوم في هذا الحديث والنوم كالحدث ولكنه لا يقوى قوة الحدث لأن الحدث قليله وكثيره وصغيره وكبيره سواء في نقض الطهارة وقليل النوم متجاوز عنه لا حكم له والدليل على الفرق بينهما قوله صلى الله عليه وسلم وكاء السه العينان فإذا نامت العينان استطلق الوكاء فمن نام فليتوضأ فدلنا بقوله عليه السلام على أن النوم إذا استحكم ونامت العينان لم يؤمن الحدث في الأغلب أصل في أمور الدين والدنيا والنادر لا يراعي ومن لم يستثقل نوما وإنما اعتراه النعاس سنة فقد أمن منه الحدث وأقل أحوال النائم المستثقل أن يدخله الشك في الوضوء فلا يجوز له أن يستفتح الصلاة بغير وضوء مستيقن وهذا على مذهب مالك وجمهور أصحابه ولذلك دليل آخر وهو قول أنس بن مالك وكان أصحاب رسول الله صلعم ينتظرونه في صلاة العشاء فينامون حتى تخفق رؤوسهم ولا يتوضأون فهذا يدلك على أن النوم ليس كالحدث ومن ارتد ثم راجع الإسلام لزمه الوضوء وقد قيل أن الوضوء ههنا إن لم يكن منه حدث والنوع الثالث الملامسة وهي ما دون الجماع من دواعي الجماع فمن قبل امرأة لشهوة كانت من ذوات محارمه أو غيرهن وجب عليه الوضوء التذ أم لم يلتذ فإن كانت من ذوات محارمه فقبلها رحمة وبرا كالأم والإبنة والأخت فلا وضوء عليه إلا أن يقصد إلى ما لا ينبغي فيلتذ ويشتهي ومن قصد إلى لمس امرأة فلمسها بيده انتقض وضوؤه إذا التذ بلمسها من فوق الثوب الرقيق الخفيف أو من تحته وساء مس منها عند مالك شعرها أو سائر جسدها إذا التذ بلمس ذلك منها وليس لمس المرأة للرجل وهو لا يريد ذلك بموجب عليه شيئا إلا أن يلتذ بذلك ويريده وهذا كله قول مالك وأكثر أصحابه ومن أهل المدينة من قال ليس بملامس من لمس من فوق الثوب لأنه إنما لمس الثوب والقائلون بهذا يقولون بإيجاب الوضوء على كل قاصد إلى ملامسة النساء التذ أو لم يلتذ إذا كان عامدا لذلك فباشر بيده وفي الموطأ لابن مسعود وابن عمر وهو مذهب عمر إيجاب الوضوء من الملامسة والقبلة دون اشتراط لذة وهذا كله علم أهل المدينة وأما أهل العراق فإن الملامسة عندهم الجماع وذكر ابن وهب عن عائشة وسعيد بن المسيب وابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة وابن هرمز وزيد بن اسلم ومالك والليث وعبد العزيز بن أبي سلمة إيجاب الوضوء من القبلة ولم يذكر عن واحد منهم اعتبار اللذة والنوع الرابع مس الرجل لذكره بباطن الكف قاصدا لذلك فإن فعل ذلك فاعل وجب عليه الوضوء وكذلك ان مسه قاصدا من بالغ غيره ولا شيء على من مس فرج البهيمة ولا فرج الصبي والصبية واختلف عن مالك فيمن مس فرجه ناسيا أو بظاهر كفه وهو مع ذلك يستحب منه الوضوء ومن أصحابه من يجعل مسه من باب الملامسة ويعتبر في ذلك اللذة ويوجب الوضوء منه وإعادة الصلاة في الوقت وبعده كالملامس المتقدم ذكره وكان مالك لا يوجب إعادة الصلاة منه. وروي عن ابن عمر أنه أعاد الصلاة منه بعد خروج الوقت وقال به جماعة من المدنيين من أصحاب مالك وغيرهم واختلف عن مالك في مس المرأة فرجها فروي عنه انها في ذلك كالرجل على ما ذكرنا من اختلاف أحوال الرجل في ذلك وعليها الوضوء وهو الأشهر. وروي عنه أنه خفف ذلك ولم يوجب منه وضوء إلا أن تلطف وفسر الألطاف بالالتذاذ وقال اسماعيل بن أبي أويس سألت مالك بن أنس عن المرأة إذا مست فرجها أعليها الوضوء. قال مالك إذا ألطفت وجب عليها الوضوء فقلت له ما الطفت قال تدخل يدها بين الشفرين ويوجب الوضوء عند مالك الشك في الحدث وهو من باب الاستثقال بالنوم هذا إذا لم يكن الشك في ذلك كثيرا ويستنكحه وأكثر أهل المدينة وغيرهم لا يوجبون الوضوء بالشك ولا يرون الشك عملا وقد كان بعض شيوخ العراقيين من المالكيين يقولون أن الوضوء عند مالك على من أيقن بالوضوء وشك في الحديث استحبابا ولمالك في الموطأ من وجد في ثوبه احتلاما ولم يدر متى نزل ذلك به أنه لا يعيد الصلاة إلا من أحدث نومة نامها وهذا طرح منه لأعمال الشك على ما روي عن عمر رضي الله عنه وما سلس من البول والمذي أو الودي وجرى على غير العادة فلا وضوء في شيء منه ويستحب مالك لسلس البول والمذي الوضوء لكل صلاة وغيره يجعل الوضوء في ذلك إيجابا لكل صلاة لا استحبابا وهو الأحوط عندي قياسا على الصلاة لأنه يصلي وبوله يقطر فكذلك يتوضأ وبوله يقطر ولا يكلف إلا ما يقدر فان كان سلس مذيه لشهوة متصلة وطول عزبة وجب عليه الوضوء لك صلاة عند مالك وغيره وواجب حينئذ عليه التسري أو النكاح أن قدر ومن كان مذيه لعلة فأمذى في خلال ذلك لشهوة فعليه الوضوء وكذلك إذا بال صاحب سلس البول بول العادة فعليه الوضوء وما خرج من غير المخرجين من سائر الجسد من الدماء وغيرها فلا وضوء في شيء منها والرعاف والقئ والقلس والفصد والحجامة وعصر الجراح وما أشبه ذلك كله لا وضوء في شئ منها ولا وضوء في كل ما مسته النار ولما أجمع العلماء على أن القهقهة لا تنقض الوضوء في غير الصلاة فكذلك لا تنقضه في الصلاة والحديث فيها لا يصح اه. يوجب الغسل إنزال المء الدافق من الرجل والمرأه في النوم واليقظة جامع أو لم يجامع وكذلك يوجبه ايلاج الحشفة ومغيب الختان في فرج مباح أو محظور وسواء انزل او لم ينزل وفي المحظور مع الغسل العام وجوبه أحكام ستأتي في كتاب الحدود إن شاء الله ويوجب الغسل أيضا على النساء مع ما تقدم ذكره الطهر من الحيض والنفاس ويجب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا أن يكون إسلامة قبل احتلامه فإن كان ذلك فغسله حينئذ مستحب ولاحتلامه واجب ومتى ما أسلم بعد بلوغه لزمه أن ينوى بغسله الجنابة هذا تحصيل مذهب مالك وقد قال بعض بعض المتأخرين من أصحابه غسله مستحب لأن الاسلام يهدم ما قبله ويقطع ما سلف من معاني الكفر وهذا ليس بشئ لأن الوضوء يلزمه إذا قام إلى الصلاة بعد إسلامه وإن لم يحدث بعد فكذلك يلزمه الغسل إن كان قد إجنب ولو مرة واحدة لأنه مخاطب بالغسل إذا قام إلى الصلاة كما هو مخاطب بالوضوء سواء مع ما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم في أمر قيس بن عاصم حين أسلم بالغسل وأجاز ابن القاسم للكافر ان يغتسل قبل إظهار الشهادة بلسانه إذا اعتقد الإسلام بقلبه وهو قول ضعيف في النظر مخالف للأثر وذلك أن احدا لا يكون بالنية مسلما دون القول حتى بلفظ شهادة الإيمان وكلمة الإسلام ويكون قلبه مصدقا للساعة في ذلك فكما لا يكون مسلما حتى يشهد بشهادة الحق فكذلك لا يكون متطهرا ولا مصليا حتى ينطق بالشهادة وانما تعتقده الافئدة من الإسلام والإيمان ما تنطق يه الألسنة والإيمان عندنا الإقرار باللسان والتصديق بالقلب وإنما بعث رسول الله يدعو الناس إلى أن يقولوا لا اله الله. وقال عليه السلام من قال لا إله إلا الله صادقا من قبله دخل الجنة وقال السوداء أتشهدين أن لا إله الا الله وإنى رسول الله والآثار بهذا المعنى كثيرة جدا وهذا قول جماعة أهل السنة في الإيمان إنه قول باللسان وتصديق بالقلب ويزكو بالعمل. قال الله عز وجلإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعهفاطر وإذا حاضت المرأة الجنب لم تغتسل حتى تطهر من حيضتها ويجزئها غسل واحد لجنابتها وحيضتها وان نوت بغسلها الحيض وحده اجزأها فهذا كله غسل يجب على الحي وغسل الميت واجب كدفنه والصلاة عليه ومن قام به من الأحياء سقط بذلك فرضه واجزأ وأما الغسل المستحب والمسنون فغسل الجمعة والعيدين والإحرام بالحج وكان عمر يغتسل لدخوله مكة ولوقوفه عشية عرفة وكثير من أصحاب مالك يستحبون ذلك ويروونه عنه وكان مالك أيضا يستحب الغسل من غسل الميت ثم سكت عنه لحديث أسماء بنت عميس في غسلها زوجها أبا بكر رضى الله عنه وسؤالها من حضرها من المهاجرين والأنصار وكانوا يومئذ متوافرين هل عليها من غسل. قالوا لا وإذا وطئ بالغ أو غير بالغ فالغسل على البالغ منهما ذكرا كان أو أنثى ولا غسل على غير البالغ وسيأتي ذكر حد البلوغ في أول كتاب الصيام ان شاء الله ومن أصحبنا من لا يرى على المرأة غسلا إذا وطئها صبي إلا أن تنزل وجعله كالإصبع تستدخله والصحيح ما ذكرت لك وقد أجمعوا على الغسل في الرجل يطأ الصغيرة إذا أولج فيها وان لم ينزل ومن خرج منه المنى من غير لذة ولا شهوة فلا غسل عليه وعليه الوضوء إلا أن يكون سلسا فيكون حكمه ما تقدم ذكره ومتى اغتسل لالتقاء الختانين وصلى ثم خرج منه الماء الدافق فقد اختلف في ذلك عن مالك وأصحابه فقيل لا غسل عليه وانما عليه الوضوء لا غير وهو تحصيل المذهب وقيل عليه الغسل وهو الأحوط ولا إعادة عليه لما صلى. الماء نوعان جار وراكد فالجارى إذا وقعت فيه نجاسة جرى بها فما بعدها منه طاهر والراكد على ضربين إذا كان طاهرا احدهما ماء يحل به التطهر للصلاة وتطهر به النجاسة وهوالطاهر المطهر والآخر ماء طاهر جائز شربه ولا يجوز التطهر به للصلاة ولا يغسل به نجاسة فهو طاهر غير مطهر فأما الطاهر المطهر الذى يجوز به الوضوء وتغسل به النجاسات فهو الماء القراح الصافي مثل ماء السماء والأنهار والبحار والعيون والآبار وما عرفه الناس ماء مطلقا غير مضاف إلى شئ خالطه كما خلقه الله عز وجل صافيا ولا يضره لون أرضه. وأما الماء الطاهر الذى لا يتطهر به فهو ماء أضيف شئ من الأشياء الطاهرة تخالطه أو باستخراج حتى غير ذلك الشيء اسمه ولونه وطعمه وريحه مثل ماء بل فيه خبز أو نقع فيه تين أو زيت أو تمر أو جلد او مسه زعفران أو زيت أو ماء ورد أو عصارة شئ أو غير ذلك مما غير منه طعما أو لونا أو رائحة وغلب عليه فإذا كان شئ من ذلك فقد حرم الوضوء بذلك الماء والتطهر به وصار في حكم المرق لا في حكم الماء. وأما شربه فحلال وما خالط الماء عندهم مما سواه فغلب عليه صار الحكم له لا للماء فإن غلب الماء كان الحكم للماء لا له فإن وقع في الماء شئ من النجاسة فغير لونه أو طعمه أو ريحه فهو حرام لا يحل شربه ولا قربه ولا استعماله في شئ يحتاج إلى طهارة وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء فإن سقطت في الماء نجاسة أو مات فيه حيوان فلم يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فهو طاهر مطهر وسواء كان الماء قليلا أو كثيرا عند المدنيين واستتحب بعضهم أن ينزح من ذلك الماء ان كان في بئر أو نحوها دلاء لتطيب النفس عليه ولا يحدون في الدلاء حدا لا يتعدى ويكرهون استعمال ذلك الماء قبل نزح الدلاء فإن استعمله أحد في غسل أو وضوء جاز إذا كان حاله ما وصفنا وقد كان بعض أصحاب مالك يرى لمن توضأ بهذا الماء وان لم يتغير أن يتيمم فيجمع بين الطهارتين احتياطا فان لم يفعل وصلى بذلك الوضوء أجزأه فهذا كله يدلك على أن أقوالهم في ذلك خرجت على الاستحباب لا على التحريم والايجاب وذهب المصريون من أصحاب مالك إلى أن الماء القليل يفسد بقليل النجاسة والماء الكثير لا يفسده إلا ما غير لونه أو طعمه او ريحه ولم يحدوا في ذلك حدا يجعلونه فرقا بين القليل والكثير ولم يوجبوا الإعادة على من توضأ بما حلت فيه نجاسة ولم تغيره ان كان يسيرا إلا في الوقت خاصة فدل أيضا على أن ذلك منهم استحباب وذهب إسماعيل بن اسحاق القاضي ومن تبعه من المالكيين البغداديين إلى القول الأول لعموم قول الله عز وجل وأنرلنا من السماء ماء طهورا الفرقان ويكون بمعنى ما طهر غيره مثل الضروب والقئول وشبهه. وقال عز وجل وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به الأنفال ولم يفرق مالك واصحابه بين الماء تقع فيه النجاسة وبين النجاسة يرد الماء عليها راكدا كان الماء أو غير راكد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ وقد روي لا ينجسه شئ إلا ما غلب عليه فغير طعمه أو ريحه أو لونه ويكره سؤر النصراني وسائر الكفار والمدمن خمرا وما اكل الجيف ومن توضأ بسؤرها فلا شئ عليه حتى يستيقن النجاسة والماء حيث ما وجد صافيا غير مضاف فهو على طهارته حتى يصح أنه قد حلت فيه نجاسة وتغير الماء بالطين والحمأة فهو على طهارته حتى يصح أنه قد حلت فيه نجاسة وتغير الماء مما لا دم له سائل كالعقرب والذباب والخنافس والجنادب والزنبور وبنات وردان والجراد فلا يضر الماء ان لم يغير ريحه فان انتن لم يتوضأ به وكذلك ما كان له دم سائل من دواب الماء كالحوت والضفدع لم يفسد ذلك الماء موته فيه إلا أن تتغير رائحته فإن تغيرت رائحته أو أنتن لم يجز التطهر به ولا الوضوء منه وليس بنجس عند مالك والماء المستعمل طاهر إذا كانت أعضاء المتوضئ به طاهرة إلا أن مالكا وجماعة من الفقهاء الجلة كانوا يكرهون الوضوء به. وقال مالك رحمه الله لا خير فيه ولا أحب لأحد أن يتوضأ به فإن فعل وصلى لم أر عليه إعادة الصلاة وليتوضألما يستقبل وكذلك عنده الماء الذي يلغ فيه الكلب لا يتوضأ به أحد وهو يجد ماء غيره وقد اضطرب فيه قوله وهذا هو الصحيح من مذهبه في ذلك وقد كان يفرق بين ما يجوز اتخاذه من الكلاب وبين ما لا يجوز منها اتخاذه في غسل الإناء من ولوغه وتحصيل مذهبه أنه طاهر عنده لا ينجس ولوغه شيئا ولغ فيه طعاما أو غيره إلا أنه استحب إهراق ا ولغ فيه من الماء ليسارة مؤنته وكلب البادية والحاضرة سواء ويغسل منه الإناء سبعا على كل حال تعبدا هذا ما استقر عليه مذهبه عند المناظرين عليه من أصحابه وذكر ابن وهب في موطئه قال لي مالك لا يتوضأ بسئور الكلب ضارا كان أو غير ضار إلا أن يكون الماء كثيرا مثل الحياض الكبار ومن كان معه إناءان أحدهما نجس لا يعرفه بعينه فان توضأ بالواحد وصلى ثم غسل أعضاءه من الثاني وتوضأ به وصلى فقد قيل ذلك وقيل إنه يهرق الإناء الواحد ثم يحصل الثانى ماء مشكوكا فيه فلا يؤثر فيه الشك لأنه على طهارنه فيتوضأ به ولا شئ عليه إذا كان الماء لا أثر فيه للنجاسة ولم يتغير منه لون ولا طعم ولا ريح وهذا أصح المذاهب في ذلك وكذلك الثوب والأرض على طهارتهما لا يجب غسل شئ منهما حتى يستيقن الوسوسة وكأنه سنة طهارة ماشك فيه مما لا يلزم فيه طهارة. إزالة النجاسة من الأبدان والثياب سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه ووعند غيرهم فرض وهو قول أبى الفرج ولا يجوز تطهيرها بغير الماء إلا من مخرج الغائط والبول خاصة فإن المخرجين مخصوصان بالأحجار والاستنجاء بالأحجار رخصة والماء أطهر وأطيب وأحب ويستنجى من الغائط والبول بثلاثة أحجار لا يكون واحد منها مما قد استنجي به بل تكون نقية وما أنقى عند مالك من الأحجار أجزأ ويستحب الوتر ولا بأس بالاقتصار على حجر واحد إذا أنقى ولا يجزأ عند أكثر المدنيين دون ثلاثة أحجار وهو اختيار أبي الفرج فإن لم توجد الأحجار ولا الماء فكل ما ينقى من جواهر الأرض وغيرها يقوم مقامها إلا العظم والروث وما يجوز أكله فلا يجوز الاستنجاء به ويكره الاستنجاء بالحممة ولا يجوز لأحد أن يستنجي بيمينه ومن صلى بغير استنجاء فعيه الإعادة. قال مالك في الوقت وإنما الأحجار طهارة للمخرج وما فيه وعليه فإذا تعدى الأذى المرج فحكمه حكم سائر الجسد ولا يزيله إلا الماء وجائز الاستجمار في الحضر والسفر مع وجود الماء وعدمه ولا يستنجى من الريح. والنجاسات كل ما خرج من مخرجي بني آدم ومن مخرجي ما لا يؤكل من لحمه من الحيوان وكذلك القئ المتغير والخمر والميتة كلها إلا ما لا دم له أو كان من دواب البحر ولم يختلف قول مالك وأصحابه في بعر ما يؤكل لحمه أن ليس بنجس وكذلك بوله عند أكثرهم واختلف قول مالك وأصحابه في إيجاب غسل الخف من روث الدواب ولم يختلف قوله في نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه من الدواب وكذلك اختلف قوله في ذرق الطير التي تأكل الجيف على أنه يرى أكل الطير كله والتنزه عن رجيع كل حيوان أحب إلى للخروج من الاختلاف في ذلك كله والاحتياط للصلاة وما يبس من النجاسات ولم يلصق بثوب ولا أرض ولا بدن فلا حكم له. وأما الحيوان كله في عينه فليس في حي منه نجاسة إلا الخنزير وحده وقد قيل أن الخنزير ليس بنجس حيا والأول أصح فإن احتبس من لعابه أو شعره أو شئ منه في بدن أو ثوب نجسه إلا في مماسته الماء فإن الماء ليس كسائر الأشياء وهو على ما قدمت لك من مراعاة تغيره وسئور كل حيوان غير الخنزير طاهر عند مالك في الماء وغيره إلا أن الأصل في الماء مراعاة تغيره بالنجاسة فلا يضره ولوغ الخنزير فيه ان لم يغيره على اختلاف من أصحابنا في سئورالخنزير والصحيح ما ذكرت لك ومن أهل المدينة جماعة تذهب إلى أن الكلب نجس كله في سئوره وعينه كالخنزير ومذهب مالك في الكلب أنه طاهر على ماقدمت لك في باب الماء وما اصاب الثوب أو البدن من النجاسات غسل حتى تزول عينه وإن أمكن إزالة لونه أزيل وإلا فلا يضر لون الدم إذا ذهب عينه وبقي أثره ويسير الدم معفو عنه إذا كان كدم البراغيث ونحوه واختلف قول مالك في دم الحيض فمره جعله كالبول والمذي والغائط ومرة جعله كسائر الدماء وليس على الحائض غسل ثوبها إلا أن ترى فيه دما فإن كان مصبوغا وشكت فيه غسلته استحبابا وان أيقنت بالنجاسة فيه غسلته واجبا وإن كان أبيض فلا شيء عليها إلا أن تكون النجاسة من لونه ولم تظهر فيه ومن أيقن بنجاسة في جهة من ثوبه غسل تلك الجهة وإن أيقن بها في ثوبه وجهل موضعها غسله كله وان كانت النجاسة ذات رائحة سعى في ازالة رائحتها وتطهيرها وإذا كانت النجاسة مائعة فصب عليها الماء حتى يغلبها ويزيلها طهر موضعها من الأرض والثوب والبدن ومن أحرق نجاسة كان الرماد نجسا ولا تزيل النجاسة النار ولا شئ غير الماء إلا ماذكرنا من الاستنجاء وما قدمنا ذكره من اختلاف قوله في مسح الخف من روث الدواب فمرة أجازه ومرة أمر بغسله وان أصاب الخف بول أو عذرة رطبة فلا بد من غسل ذلك ولا يغسل صاحب السلس ما أصاب ثوبه من ذلك إلا أن يكثر ذلك ويفحش ولو كلف غسل ما لا يرقأ ولا ينقطع كان ذلك حرجا ولم يجعل الله في الدين من حرج وعليه أن يتوقى ذلك بالخرق واللفائف. كل إناء طاهر فجائز الوضوء منه إلا من إناء الذهب والفضة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذها وذلك والله أعلم للتشبه بالأعاجم والجبابرة على مابينته في كتاب التمهيد لا لنجاسة فيها ومن توضأ فيها اجزأه وضوؤه وكان عاصيا باستعمالها وقد قيل لا يجزئه الوضوء فيهما ولا في احدهما والاول اشهر وكل جلد زكي فجائز استعماله للوضوء وغيره وكان مالك يكره الوضوء في إناء جلد الميتة بعد الدباغ على اختلاف من قوله ومرة قال انه لم يكرهه إلا في خاصة نفسه ويكره الصلاة عليه وبيعه وتابعه على ذلك جماعة من أصحابه. وأما أكثر المدنيين فعلى اباحة ذلك واجازته وقد قال صلى الله عليه وسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر وهو اختيار ابن وهب وجلد الخنزير لا يطهر بدباغ ولا غيره لأنه محرم الزكاة. لا تجزأ طهارة وضوء ولا تيمم ولا غسل من جنابة أو حيض إلا بنية من ذلك ومن توضأ تبردا أو اغتسل تبردا أو علمه غيره وهو لا نية له في ذلك فلا يجزئه وضوؤه وإذا قصد بنية الوضوء إلى صلاة بعينها جاز أن يصلي بها غيرها وليس التيمم كذلك وسيأتي حكمه في باب إن شاء الله والوضوء للفريضة والنافلة والصلاة على الجنائز ومس المصحف سواء لأنه رفع حدث ليستباح به ما منع منه غيره المتوضئ فإذا قصد بالنية إلى ذلك صلى به المكتوبه والأصل في ذلك عند مالك وجمهور أصحابه ان كل ما لا يجوز استباحته وعمله إلا بوضوء فالوضوء له يصلى به كل صلاة لأنه رفع للحدث بذلك وكل ما جاز عمله واستباحته بغير وضوء فلا يجوز أن يصلي بالوضوء له صلاة نافلة ولا مكتوبة ولا على جنازة إلا أن ينوي المتوضئ لذلك رفع الحدث فهذه جملة مذهب مالك وقد روي عنه غير ذلك فيمن توضأ للنوم أو للدخول على الأمير والصحيح ما ذكرناه ولا يجزأ غسل الجمعة عن غسل الجنابة في تحصيل مذهب مالك ومن أصحابه جماعة أجازوا ذلك ومن اغتسل للجنابة ذاكرا للجمعة وقاصدا بالغسل إليها أيضا مع الجنابة اجزأه منهما ولو لم يذكر الجمعة في غسله للجنابة لم يكن مغتسلا للجمعة ولا يضر ذلك بجمعته. وقال بعض المتأخرين من المالكيين إن نوى بغسله الجنابة والجمعة جميعا لم يجزه عن واحد منهما لأنه خلط الفرض بالسنة وهذا خلاف مالك وخلاف جمهور السلف وليس بشئ وقد روي عن ابن عمر أنه كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلا واحدا وذكر سنيد قال حدثنا الفرج بن فضالة قال سألت العلاء بن الحارث عن الرجل يغتسل يوم الجمعة للجنابة والجمعة هل يجزأ ذلك عنه فقال قال مكحول إذا فعل ذلك فعل ذلك فله أجران ولا يجوز تفريق الوضوء ولا الغسل من غير عذر ولا عذر في ذلك إلا النسيان ونقصان الماء فمن أعجزه الماء بنى مالم يطل ذلك فإن طال ذلك استأنف وضوءه ومن نسي شيئا من وضوئه أو غسله قضاه وحده طال أو لم يطل ولم يعد مفرقا ومن تعمد تفريق وضوئه أو غسله أو تيممه تفريقا بينا لم يجزه عند مالك وكان عليه استئنافه ويجزأ ازالة النجاسة بغير نية. يبدأ المتوضئ فيغسل يديه مرتين أو ثلاثا قبل أن يدخلهما في الإناء ويقدم التسمية قبل ذلك أو مع ذلك يقول بسم الله الرحمن الرحيم ثم يدخل يده في الإناء فيغرف غرفة لفيه وأنفه فيمضمض منهما ويستنشق ويستنثر وإن تمضمض من غرفة واستنشق من أخرى فلا بأس ويبالغ في الاستنشاق مالم يكن صائما يدخل الماء خياشيمه يفعل ذلك ثلاثا ويتمضمض ثلاثا وإن دلك أسنانه فحسن ثم يغسل وجهه ثلاثا والوجه ما بين منابت شعر الرأس والذقن واختلف في البياض الذي بين العارض والأذن والذي أحب له أن يغسله ويغسل ظاهر لحيته وليس عليه تخليلها ويكفي السدلة ما مر عليها من الماء مع إمراره يده عليها ويغسل يديه ثلاثا ثلاثا وليس عليه تحريك خاتمه إذا كان سلسا ويدخل المرفقين في الغسل ثم يمسح رأسه كله يضم يديه عليه ولا يرفعهما عن فوديه يبدأ بمقدم رأسه إلى قفاه ثم يرد يديه إلى حيث بدأ حتى يعمه ولا فضيلة عند مالك في مسحه ثلاثا كما أنه لا يمسح عنده في التيمم الوجه واليدين إلا مرة واحدة وكذلك على الخفين ولا فضل عنده في تكرار المسح في ذلك. وأما سائر الأعضاء فلا يجب الاقتصار على اثنين لفضل الثلاث في ذلك وأفضل الوضوء ثلاثا ثلاثا وما زاد عليها وهي سابغة فتعد اساءة وبدعة والوضوء مرتين مرتين أفضل منه مرة واحدة ومرة سابغة تجزأ ويغسل رجليه ثلاثا ثلاثا أيضا أو حتى ينقيهما ويعمهما بالغسل ويدخل الكعبين في الغسل والكعبان هما العظمان الناتئان عند مجمع الساق والقدم وإن بقى للأقطع شئ من الكعب غسله وكذلك المرافق لمن بان فيه قطع غسل ما بقي منه وإن لم يبق منهما شئ سقط فرضهما عنه وإن خلل أصابع رجليه ويديه فهو افضل وإن غمرهما تيقن أن الماء قد دخل فيما بينهما وعم ذلك اجزاءه إذا عرك بعضهما ببعض وترتيب الوضوء مسنون وقيل مستحب وتحصيل مذهب مالك فيه أنه مسنون لأنه إذا نكس المرء وضوءه وذكر ذلك قبل صلاته لزمه عنده أن ياتي به على الرتبة وكذلك إن ذكره بعد صلاته رتبه لما يستقبل ولم يعد صلاته وهذا حكم السنن وقد كان مالك يوجب الترتيب ثم رجع عنه وقال به أبو مصعب الزهري صاحبه اقل ما يجزأ من عمل الوضوء ما نطق به القرآن قال الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا بروؤسكم وأرجلكم إلى الكعبينسورة المائدة والغرض في تطهير هذه الأعضاء مرة مرة سابغة مع النية على ما تقدم ذكره ويكون ماؤه طاهرا مطهرا يغسل وجهه مرة واحدة ويغسل عارضيه إلى وصول أذنيه ويتفقد باطن مارنه وشاربه وما على الذقن من الشعر وإن لم يغسل ما استرسل من شعر اللحية أجزأه ما مر عليها من الماء ويغسل ذراعيه حتى يغسل المرفقين واختلف أصحاب مالك وسائر أهل المدينة في عموم مسح الرأس فمنهم من قال لا يجزئ مسح بعض الرأس وهو قول مالك المشهور ومنهم من اجاز مسح بعضه وذكر أبو الفرج عن محمد بن مسلمة أنه قال لا يجزئ ان يمسح دون ثلثه وإليه ذهب أبو الفرج والذي حكاه عن محمد بن مسلمة وهم والله أعلم والمعروف لمحمد بن مسلمة ومنهم من يرويه عن مالك أنه إن أسقط من مسح رأسه ثلثه فما دون أنه يجزيه ولا يجزيه إن كان المتروك من الرأس أكثر من ثلثه في المسح هذا قول محمد بن مسلمة فيما ذكر اسماعيل في المبسوط فلهذا قلنا إن ماذكره أبو الفرج وهم وما ذكره اسماعيل عنه يشبه أصول مالك في استدارة الثلث في مواضع كثيرة من كتبه وأصول مذاهبه وما زاد على الثلث عنده فكثيرا يراعى ذلك ويعتبره ولا يلغيه في شيء من مذاهبه فكأنه والله أعلم أنه لا يكاد أحد يسلم من أن يفوته الشئ اليسير من شعر رأسه عند مسحه بعد اجتهاد فجعل الثلث فما دونه في حكم ذلك واجزأه عنده إذا أتى على مسح الثلثين فأكثر هذا وجه ما ذهب إليه محمد بن مسلمة وعزاه إلى مالك والله أعلم وقد يخرج قول أبي الفرج على أصل مالك والله أعلم في استدارة الثلث وقد اوضحت ذلك في كتاب التمهيد والمسح عندي ليس شأنه الاستيعاب ويغسل رجليه مع الكعبين وقد ادى فرض طهارته ومن ترك شيئا من ذلك ناسيا حتى صلى غسل ما نسي وأعاد صلاته وكذلك لو يصل لا يغسل إلا ما نسي ومن تعمد ترك ذلك استأنف الوضوء وأعاد صلاته ومتى لم يأت بالماء على كل عضو مغسول فلا يجزئه لأنه يكون ماسحا لما قد أمر بغسله والإسباغ فرض وهو الاتيان بالماء على العضو المغسول حتى يعمه بالغسل وإمرار اليد عليه والمرأة والرجل في ذلك سواء. المضمضة والاستنشاق والاستنثار ومسح الأذنين سنة كل ذلك ومن نسي شيئا منها حتى صلى فلا إعادة عليه وينبغي له أن يستأنف ما نسي منها لما يستقبل ومن نسي من المفروض شيئا حتى صلى أتى به وأعاد الصلاة وفرض الوضوء ما ذكرنا في الباب قبل هذا وأعاد الصلاة وفرض الوضوء ما ذكرنا في الباب قبل هذا ويأخذ المتوضئ لأذنيه ماء جديدا فيمسحهما باطنهما وظاهرهما وإن ترك مسح داخل اذنيه فلا شئ عليه وكل عضو ممسوح فليس شأنه الاستيعاب ومعنى قولنا الأذنان من الرأس أي إنهما ممسوحتان لا مغسولتان ويستحب لكل من أراد الوضوء من محدث أو راغب فضل أن لا يبدأ بشئ قبل غسل يديه ولا يدخلهما في إنائه وذلك لمن استيقظ من نومه أوكد في الاستحباب والندب لأن النص ورد فيه ولو احدث في أضعاف وضوئه أو غسله استحب له مالك أن يعيد غسل يديه فإن لم يفعل فلا حرج عليه وكل من كانت يده سالمة من النجاسة لم يضره أن يدخلها في إناء وضوئه فإن كانت فيها نجاسة فقد مضى في باب الماء حكم ذلك واليد محمولة على الطهارة حتى تصح نجاستها وكذلك سائر الاشياء الطاهرة وكل شئ على أصله حتى يتبين فيه غير ذلك ويستحب السواك لكل صلاة ومع تغير الفم وقد قيل السواك وكان سواكهم الأراك والبشام وكل من يجلو الأسنان ويطيب نكهه الفم فمثل ذلك ويكره للرجال التزين بزينة النساء ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائط ولا بول في الصحارى والسطوح. وأما البيوت فقد رخص في أن يكون المقعد إلى القبلة وقد قيل عن مالك إن السطوح بمنزله البيوت ويستحب ذكر اسم الله على كل وضوء وذكراسم الله حسن وحمد الله عند الخروح منه وعلى كل حال حسن ومستحب ومرغوب فيه ومندوب إليه روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل الخلاء اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وأنه كان يقول أيضا في ذلك اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس المخبث الشيطان الرجيم وكان يقول إذا خرج من الخلاء الحمد لله الذي أخرج عني الأذى وعافاني. وروي عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج من الخلاء غفرانك اللهم غفرانك ولا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن على اختلاف عن مالك وأصحابه في قراءة الحائض وأما الجنب يمكنه الطهر بالماء أو بالصعيد فلا يقرأ حتى يرفع حدث الجنابة بأحدهما وأكثر العلماء على أن الحائض والجنب لا يقرءان شيئا من القرآن ولو قرأت الحائض لصلت. وأما المصحف فلا يمسه أحد قاصدا إليه مباشرا له أو غير مباشر إلا وهو على طهارة ورخص لمعلم الصبيان فيما اضطر إليه من ذلك لما يلحقه من المشقة في الوضوء له وفضل الجنب والحائض طاهر مطهر إذا لم يلحقه نجاسة وهما طاهران في أنفسهما وإنما غسلهما عبادة والنفساء بمنزلة الحائض وعرق كل واحد منهما ومن الجنب لا بأس به وإذا لم يكن بأس بفضل الحائض فغير الحائض أحرى أن يتوضأ بفضلها ووضوء الجنب عند النوم حسن وليس بواجب وأكله وشربه قبل الغسل جائز إذا غسل يديه ويتنظف من الأذى. كمال الغسل أن يغسل الجنب يديه قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثا حتى ينقيهما ويذكر اسم الله ويتوضأ وضوءه للصلاة والمضمضة والاستنشاق والاستنثار سنة في غسل الجنابة كما هو في الوضوء ثم يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بالماء ويصب عليه الماء ويضغثه ويعركه حتى يعرف أن الماء قد بلغ أصول شعره وعم جمعيه ثم يغسل جسده يبدأ إن شاء بميامنه ويصب الماء على أعضائه بيديه أو بالإناء ويتدلك حتى يعم جميع جسده بالماء وإمرار اليد عليه وكذلك غسل المرأة من الحيض والنفاس والجنابة سواء ويلزم كل واحد منهما أن يتعهد مغابنة وأعكانه وما تغضن منه بصب الماء والأسباغ وليس على المرأة نقص شعرها عند غسلها ويجزئها الحثي والضغث مع كل حثية وقد قيل إن من غمر جسده في الماء بالصب والانغماس مع نية القصد لأداء فرضه اجزأه وإن لم يعم جسده بالتدليك إذا عمه بالغسل والأول أصوب وهو المذهب وليس لقدر ما يتوضأ به المحدث ويغتسل به الجنب من الماء حد وحسب المرء ما يكفيه والإسراف فيه مذموم والوضوء قبل الغسل من الجنابة سنة لا حتم ومن خرج منه ماء دافق بعد الغسل دون شهوة اجزأه الوضوء ومن اغتسل في ماء راكد من جنابة بعد أن غسل مابه من الأذى كره له ذلك لإدخاله على غيره فيه بالاستعمال وهو مع ذلك طاهر على ماتقدم ذكره. أقل ذلك أن يأتي بالماء على جميع بدنه ويعم رأسه ولحيته حتى يوقن ببلل جمعيها ويجري الماء في أصول شعره إن كان ذا شعر من رجل أو امرأة ويغسل الظفائر ويمر يديه على جميع بدنه ولا يجزيه في المشهور من مذهب مالك غير ذلك وذكر أبو الفرج رحمه الله أنه يجزي عند مالك أن ينغمس الرجل في الماء إذا طال مكثة فيه أو والى بصب الماء على نفسه حتى يعم بدنه. قال وهذا ينوب للمغتسل عن إمرار يديه على جسده قال وإلى هذا المعنى ذهب مالك قال وإنما أمر بإمرار اليد على البدن في الغسل لأنه لا يكاد من لم يمر يديه يسلم من سكب الماء عن بعض ما يجب غسله من جسمه قال أبو عمر رضي الله عنه قد قال بترك التدلك في الغسل جماعة من فقهاء التابعين بالمدينة على ظاهر حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما في غسل النبس عليه السلام ولم يذكرا تدلكا ولكن المشهور من مذهب مالك أنه لا يجزيه حتى يتدلك وهو الصحيح إن شاء الله قياسا على غسل الوجه ومن ترك شيئا من غسله من رأسه إلى طرف قدمه ناسيا غسله متى ما ذكر وأعاد ما صلى قبل ذلك وأن تركه عامدا استأنف الغسل وقد اختلف أهل المدينة قديما في تبعيض الغسل فاجازه من سلفهم طائفة إذا كان ذلك الغسل بنية الغسل وأباه الآخرون وبه قال مالك وأصحابه. كل من توضأ فأكمل وضوءه ثم لبس خفيه جاز له إذا أحدث أن يمسح عليهما ولا يجوز أدخل قديمه في خفيه وهما طاهرتان بطهر الوضوء وتمامه أنه يمسح على خفيه ومن لبس خفيه بطهارة التيمم لم يجز له المسح عليهما وكذلك من لبس أحدهما قبل تمام غسل رجليه جميعا لم يمسح عليهما في المشهور من مذهب مالك وقد قيل له المسح لأن كل رجل لم تدخل في الخف إلا بعد طهارتها فإن نزع الخف من الأولى هم أعاده مسح عليهما بلا اختلاف والرجال والنساء والمسافر والحاضر في المسح على الخفين سواء يمسح كل واحد منهما ما بدا له من غير توقيت إذا كان الخفان قد تجاوزا الكعبين ولم يكونا مخرقين خرقا فاحشا واليسير من الخرق معفو عنه ولا يجوز المسح على خف لم يبلغ الكعب فإذا بلغ الكعب مسح عليه لابسه ولا يضره قصره والمحرم لا يمسح على الخفين إلا أن يكون مضطرا إلى لباسهما فيلبسهما ويفتدي فإن كان ذلك مسح عليهما وإن لبسهما فيلبسهما ويفتدي فإن كان ذلك مسح عليهما وإن لبسهما من غير ضرورة لم يمسح لأنه عاص بلبسهما والخفان اللذان يجوز للمحمرم لباسهما لا يجوز لأحد المسح عليهما لقصورها عن الكعبين وقد روى ابو مصعب عن مالك أنه أجاز للمحرم المسح على خفيه وإن كانا دون الكعبين وتحصيل مذهبه ما قدمت لك وقد روي عن مالك في رسالته إلى هارون التوقيت في المسح على الخفين ولا يثبت ذلك عنه عند أصحابه وقد قال به جماعة من علماء المدينة وغيرها والتوقيت ثلاثة ايام بلياليه للمسافر خمس عشرة صلاة ويوم وليلة للمقيم خمس صلوات والمشهور عن مالك وأهل المدينة ان لا توقيت في المسح عاى الخفين وأن المسافر يمسح ما شاء ما لم يجنب ويستحب له أن لا يمسح أكثر من جمعة لغسل الجمعة وقد قيل عنه لا يمسح من جمعة ولا يجوز لمن مسح عل خفيه ثم نزعها أن يصلى حتى يغسل قدميه ومن نزع خفيه أو أحدهما بعد أن كان مسح عليهما غسل رجليه مكانه فإن كان اخر ذلك استأنف الوضوء وكيفية المسح أن يمسح على ظهور الخفين وبطونهما فيضع يدا على الخف ويدا تحته ويمسح إلى مقدم المؤخر وأصل الساق ولا يتبع غضون الخف وإن جعل يده السفلى من مؤخر الرجل إلى أطراف الأصابع كان وجها وكيف ما مسح أجزأه ويبلغ بالمسح الكعبين وإن استوعب المسح كره له واجزأه عنه ويجزئ مسح ظهور الخفين ولا يجزئ مسح بطونها وإن مسح بطونهما دون ظهورهما لم يجره وكره مالك الاقتصار على الظهور خاصة واستحب لمن فعله أن يعيد في الوقت ويمسح على الجرموقين ولا يمسح أحد على الجوربين فإن كان الجوربان مجلدين كالخفين مسح عليهما وقد روي عن مالك منع المسح على الجوربين وإن كانا مجلدين والأول اصح وكذلك اختلف قوله في المسح على خفين تحتهما خفان فروي عنه إجازة المسح على الأعليين لأن علة المسح على الخفين الأسفلين موجودة في الخفين الأعليين فإن مسح الأعليين مسح على الأسفلين فإن نزعهما غسل رجليه ولو نزع الأعليين ولم يمسح على الأسفلين كان كمن نزع خفيه ولم يغسل رجليه وقد مضى الحكم في ذلك ومن خرج عقبه من قدم خفه إلى ساقه لم يضره فأن خرجت الرجل كلها أو جلها نزع خفيه جميعا وغسل رجليه وهذا هو المشهور من مذهب مالك وقد روى عنه أشهب أنه يغسل الرجل التي ظهرت وحدها والأول ذكره ابن القاسم وابن عبد الحكم وهو تحصيل المذهب ويجوز المسح على جبائر الفك والكسر وعلى عصائب الجراح ولا يجوز على خضاب ولا غيره مما لا ضرر في نزعه وعلى الماسح على الجبائر وإذا مسح غسل موضع الغسل فإن أخر استأنف الغسل والوضوء وقد قيل يجزءه غسل الموضع وإن طال وإنما يمسح على الجبائر والعصائب إذا قلت الجراح في الجسد. فأما إذا كثرت فيه ففرض من نزل به ذلك التيمم دون غسل المواضع الصحيحة من جسده ويمسح على العصائب والجبائر من شدهما على وضوء وعلى غير وضوء بخلاف المسح على الخفين لأنها طهارة ضرورة وإذا نزعهما لزمه ما يلزم من نزع خفيه فإن نزعهما ثم أعادهما أعاد المسح عليهما في الحال ولا يجوز لأحد المسح على عمامة ولا خمار كما لا يجوز على الخضاب. كل من عدم الماء فلم يجده بعد طلبه ولا قدر عليه جاز له التيمم في السفر والحضر ومن خاف خروج الوقت في معالجة الماء تيمم في الحضر والسفر وإن أدرك هذا خاصة الماء في الوقت أعاد استحبابا ولا يتيمم أحد في حضر لخوف فوت الصلاة على الجنازة ومن رجا الماء من المسافرين لم يتيمم عند مالك إلا في آخر الوقت استحبابا ومن يئس منه تيمم في أول الوقت ومن كان بين الراجي والخائف تيمم وقد استحب طائفة من أصحاب مالك التيمم في وسط الوقت للجميع ولو تيمم مسافر لا يجد الماء في أول الوقت لم يخرج لأنه بادر إلى ما قد وجب عليه من صلاته بما أمكنه من طهارة ومن خاف على نفسه من الماء كالمحصوب والمجدور وصاحب الجراح الكثيرة تيمم ومن لم يكن معه من الماء إلا مقدار ما يحتاج إليه لشربه وهو عاطش يخاف على نفسه ولا يرجو الماء فهو كمن لا ماء له ويتيمم وكذلك إن خاف العطش على غيره وخشي ذهاب نفسه والجنب الصحيح إذا خاف من شدة البرد التلف تيمم وكذلك المريض إذا خاف الزيادة في مرضه أو تأخر برؤه أو لم يجد من يناوله الماء تيمم وليس على أحد أن يشتري الماء لوضوئه بأكثر من قيمته أضعافا ولا حد فيما يزاد فيه إلا ما لا يتغابن بمثله ومن كثرت الجراح في جسده وهو جنب وترك استعمال الماء وكذلك المحدث إذا كثرت الجراح في مواضع الوضوء ولو كانت جراحه يسيرة وأجنب غسل ما صح من جسده ومسح على العصائب والجبائر واجزأهولا يجزأ التيمم إلا بنية والتيمم للجنابة وللحدث وللفريضة والنافلة سواء إلا أنه لا بد من ذكر الجنابة في نفسه والقصد إليها بنية عند التيمم من أجلها ومن لم يكفه الماء لم يلزمه أن يجمع بين التيمم والوضوء وصفة التيمم أن يضرب بيديه على الصعيد الطاهر ثم يمسح بهما وجهه ويعمه بإمرار يديه عليه ثم ضربة أخرى بيديه يمسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى إلى المرفقين يبدأ بيمنى يديه فيمسحها باليسرى منهما ويجرى باطن أصابع اليسرى وكفه على ظاهر راحته اليمنى وذراعه إلى مرفقه ثم يمر باطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ويفعل في يده اليسرى باليمنى كذلك وإن قدم في التيمم يسرى يديه على اليمنى كره له واجزأه وكذلك إن نكس التيمم فمسح يديه قبل وجهه وهذا أشد كراهية وقد مضى في الوضوء هذا المعنى ولو مسح وجهه وذراعيه بضربة واحدة أجزأه ولو تيمم إلى الكوعين فقد اختلف أهل المدينة وأصحاب مالك في ذلك فقيل لا شئ عليه وقيل يعيد في الوقت وهو تحصيل مذهب ابن القاسم وقيل يعيد على كل حال إذا لم يتيمم إلى المرفقين وهو قول ابن نافع وابن عبد الحكم وابن سحنون وهذا أحب إلى والتيمم للرجال والنساء سواء ويلزم الحائض أن تنوي بتيممها الطهر من حيضتها ومن تيمم على صعيد نجس أعاد أبدا وقيل في الوقت وهذا إذا كانت النجاسة غير ظاهرة في الصعيد فإن كانت ظاهرة وتيمم عليها أعاد أبدا والصعيد كل ما اتصل بالأرض وصعد عليها من السباخ والحجارة والحصاة والثلج الملتئم على وجه الأرض واختلف قوله في التيمم على الثلج وكل تراب صعد وليس غبار الثياب بصعيد إذا كان فيها وافضل الصعيد أرض الحرث ولا يتيمم أحد لصلاة إلا بعد دخول وقتها وبعد طلب الماء لها فإذا عدمه تيمم ويلزمه التيمم لكل صلاة مكتوبة لأنه يلزمه الطلب للماء إذا دخل وقت الصلاة فإذا عدم الماء دخل فيمن خوطب بالتيمم بقول الله عز وجل فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيباالمائدة ولا يصلي صلاتي فرض ولا صلوات مكتوبة بتيمم واحد إلا إن يكون ممن فاتته صلوات فذكرها في غير وقتها فجائز ان يصليها كلها بتيمم واحد ومن أهل المدينة واصحاب مالك من يقول يتيمم للفوائت أيضا لكل صلاة منها والأول أقيس لأن وقتها بالذكر واحد ومن رأى التيمم لكل صلاة من الفوائت ذهب إلى أن وقت الثانية لا يجب إلا بانقضاء الأولى وإنما يجب التيمم بدخول الوقت لأن أصلهم أنه لا يتيمم لكل صلاة مكتوبة قبل دخول وقتها. وأما النوافل فجائز أن يصلي منها ما شاء بتيمم واحد إذا اتصل ذلك ويتنفل بعد المكتوبة في الفور بالتيمم ما أحب وإن تنفل قبلها استأنف التيممم لها عند مالك وأكثر أصحابه ولا يصلي الصبح بتيمم ركعتي الفجر وكذلك من تيمم لنافلة لم يصل بذلك التيمم شيئا من الفرائض ومن شرط التيمم أن يكون متصلا بالصلاة ومن تيمم بعد طلب الماء وعدمه ثم جاء الماء قبل دخوله في الصلاة بطل تيممه فإن افتتح الصلاة ثم طلع عليه الماء فلا يقطع صلاته ويتمادى فيها ولا شئ عليه إلا أنه يستأنف الوضوء لما يستقبل صلواته قد قيل يقطع ما هو فيه من الصلاة ويتوضأ بالماء ويستأنف صلاته لأنه لا يجوز له أن يصلي بعض صلاته بالتيمم وهو واجد ماء كما لا يجوز له أن يبتدئها بالتيمم وهو واجد ماء كالمعتدة بالشهور يظهر بها الدم ولا يجوز لها ان تعتد بما مضى من الشهور وتستأنف عدتها بالحيض وكان سحنون يميل إلى هذا وهو صحيح في النظر والاحتياط والأول قول مالك وعليه أكثر الحجاز ولو اجتمع في سفر جنب وحائض وميت وليس معهم من الماء ما يكفي أحدهم فأيهم سلمه لصاحبه فلا حرج عليه إذا كانوا شركاء فيه وفرض الآخرين التيمم وقيل ان الميت أولى بالماء على طريق الاستحباب لأن الحي يجد الماء فيتطهر به بعد وإذا دفن الميت فليس كذلك وقيل بل الحي أولى به لأن غسله آكد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة وأجمع العلماء على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم ما دام حيضها يحبسها وأجمعوا أيضا على أنها لا تقضي الصلاة وتقضي الصوم وتقضي الحائض والنفساء كل صلاة طهرت في وقتها ولا تجوز مضاجعتها إلا إذا كان عليها مئزرها قال مالك ولا يجامعها إذا رأت الطهر حتى تغتسل والحائض والنفساء في ذلك سواء وأكثر الحيض خمسة عشر يوما وليس لأقله حد وكل دم ظهر من الرحم فهو حيض قليلا كان أو كثيرا ولو دفعة واحدة حتى يتجاوز مقدار الحيض فيعلم حينئذ أنه استحاضة والصفرة والكدرة عند مالك حيض في أيام الحيض وفي غير أيام الحيض وقد قيل إنما تكون كالحيض في أيام الحيض أو بعقبة والأول تحصيل مذهبه واختلف أصحاب مالك في أقل الطهر الذي تعتد به المطلقة فقال بعضهم سبعة أيام أو ثمانية. وقال بعضهم عشرة. وقال بعضهم أقله خمسة أيام وقال بعضهم عشرة وقال بعضهم أقله خمسة أيام وقال بعضهم أقله خمسة عشر يوما وعلى هذا أكثر العلماء وليس لكثرة الطهر حد وأما النفاس فلا حد لأقله وأكثره ستون يوما عند مالك وجماعة من فقهاء الحجاز وروي عن جماعة من الصحابة أن أكثر مدة النفاس أربعون يوما وهو قول الليث وقد روى عن مالك في أكثر النفاس أنه مردود إلى عرف النساء. وقال محمد بن مسلمة أقصى ما تحيض النساء خمسة عشر يوما وأدناه ثلاثة أيام وقال غيره من المدنيين أدنى الحيض يوم وليلة وعلى حسب اخبلافهم في الطهر مراعاتهم لما بين الدمين فإن كان طهرا كاملا كان الدم بعده حيضا مستأنفا وإن كان مقداره لا يبلغ أقل الطهر ألغي ولم يحتسب به وأضيف الدم الأول إلى الثاني وجعل حيضة منقطعة تغتسل منها المرأة عند إدبار الدم وإقبال الطهر يوما كان أو أكثر وتصلي فإذا عاد الدم إليها كفت عن الصلاة وضمته إلى إيام دمها وعدته من حيضتها فإذا زاد على مقدار أكثر الحيض عدته استحاضة والمستحاضة كالطاهر تصلي وتصوم ويأتيها زوجها والحيض في النساء على أصناف فمنهن المبتدئة بالحيض فإذا رأت الدم كفت عن الصلاة إلى تمام خمسة عشر يوما فإن انقطع فيها أو فيما دونها فهو حيض كله لا تصلي معه فإن زاد على الخمسة عشر يوما فهو دم فساد واستحاضة وتغتسل عند انقضاء الخمسة عشر يوما وتصلي ويغشاها زرجها وأحكامها أحكام المستحاضة وسواء عند مالك كانت مبتدئة بالدم أو كانت لها أيام معروفة هذه رواية ابن وهب عن مالك وعليها أكثر أهل المدينة إلا أن منهم من يقول إن المبتدئة إذا اغتسلت قضت صلوات تلك الأيام إلا أقل ما تكون فيه المرأة حائضا من الأيام لأن الصلاة لا تتركها إلا بيقين وهو احتياط والأول هو المذهب وقد قيل فيمن استمر بها الدم بعد أيام حيضها المعروفة أنها تستظهر بثلاث وقيل تستظهر مابينها وبين أكثر الحيض وقد قيل لا تترك الصلاة بعد أيامها ولكنها لا يأتيها زرجها حتى تتم لها خمسة عشر يوما ولو تمادى ذلك بها. وروى ابن القاسم عن مالك في التي لها أيام معروفة أنها إذا زادت عليها استظهرت بثلاثة أيام إلا أن تكون الثلاثة الأيام تتجاوز بها الخمسة عشر يوما فإن كان ذلك لم تتجاوز الخمسة عشر يوما ثم تغتسل وتصلي وتكون مستحاضة بعد ذلك قال وإن كانت مبتدئة الأيام لها جلست مقدار حيض لداتها من النساء ثم استظهرت بثلاثة أيام استظهار التي لها أيام معروفة ومنهن إمرأة لها أيام ترى الدم فيها وتختلف بها الأيام فيطول عدد أيامها ويقصر فإنها تقعدعن الصلاة إذا رأت الدم وتصلي إذا رأت الطهر كالمبتدئة وقيل تستظهر على أكثر أيامها وقيل بل على أقلها وقيل لا تستظهر وإذا زاد دمها على خمسة عشر يوما رجعت إلى أقل العادة ومن كانت لها عادة في أيام حيضتها فانقطع دمها قبل تمام تلك الأيام لنقصان حيضها اغتسلت عند انقطاع دمها وصلت ومنهن إمرأة اتصل بها الدم ورادت على خمسة عشر يوما وكانت ممن تميز دمها فترى منه أسود محتدما منتنا ومنه أصفر رقيقا منتزفا فحيضتها منه الأسود الثخين المحتدم وما بعده استحاضة وفي هذه قال مالك تعمل التمييز بين الدمين على تغير الدمين لا على الأيام التي كانت تحيضها وسواء رأت الدم في أيام طهرها أو بعدها إذا كان دما تنكره من دم الاستحاضة وترى أنه دم حيض تترك له الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر لا تزيد عليها وقد قيل إنها تستظهر بثلاث وقيل إنها تقعد إلى أقصى أمد الحيض والأول أصوب إن شاء الله ثم تغتسل ولا تزال تصلي وتصوم أبدا حتى ترى ماتنكره فتترك له الصلاة قدر أيامها المعروفة لها ومنهن إمرأة اتصل بها الدم وأطبق عليها ولم تميز دم حيضها فإنها تقعد عدد تلك الأيام ثم تغتسل من دم استحاضتها غير أنها تذكر أيامها المعتادة في حيضتها فإنها تقعد عدد تلك الأيام وتستثفر وتصلي وقد قيل في هذه إنها تقعد أيام لداتها وقيل إنها كالمبتدئة وقيل إنها تقعد ستا أو سبعا وهذا القول أضعفها والأول أصحها من جهة الأثر والنظر وكلها أقاويل أهل المدينة وإذا أدبر دم الحيض وانقطع وأقبل دم الاستحاضة اغتسلت كغسل الحائض إذا طهرت وكذلك من انتقل حكمها من الحيض إلى الاستحاضة اغتسلت ولا غسل على مستحاضة وتتوضأ لكل صلاة وليس ذلك عليها عند مالك بواجب ويستحسنه لها وعند غيره من أهل المدينة هو واجب عليها ولو أفاقت المستحاضة من علتها وانقطع دم الاستحاضة عنها لم يكن عليها غسل ومن أهل العلم من يستحب لها الغسل وقد روي ذلك عن مالك والمستحاضة طاهر تصلي وتصوم وتطوف بالبيت وتقرأ في المصحف ويجامعها زوجها إن شاء مادامت تصلى في استحاضتها وحكم سلس البول والمذي إذا كان دائما لا ينقطع كحكم المستحاضة يستحب لهما مالك الوضوء لكل صلاة وغيرة يوجبه فإن خرج المذي لشهوة أو البول لعادة وجب الوضوء على ما قدمنا ذكره قياسا على من صلى وجرحه لا يرقأ ومن غلبه الرعاف وأمأ في صلاته بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وسلم تسليما. أول وقت الظهر حين تزول الشمس عن كبد السماء وعلامة الزوال في الأرض رجوع الظل وطوله بعد تناهي قصره عند انتصاف النهار فمن كان وحده استحب له أن يصلي في أول الوقت ويستحب لمساجد الجماعات تأخيرها حتى يتمكن وقتها بمضي ربع القائم من الظل وكذلك يستحب لمساجد الجماعات تأخير العصر والعشاء قليلا لاجتماع الناس وأوائل الأوقات للمنفردين أفضل في كل صلاة ثم لا يزال وقت الظهر قائما إلى أن الأوقات للمنفردين أفضل في كل صلاة ثم لا يزال وقت الظهر قائما إلى أن يصير طل كل شئ مثله وإذا كان ذلك خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر ولا فصل بينهما ثم لا يزال وقت العصر ممدودا إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه وإنما المثل والمثلان في الزائد على المقدار الذي تزول عليه الشمس وذلك الوقت المختار ومن فاته ذلك فقد فاته وقت الاختيار وما دامت الشمس بيضاء نقية فهو وقت للعصر مختار أيضا عندنا واختلف فيمن أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس وهو مقيم لا عذر له فقيل هو عاص بتأخيره صلاة العصر إلى ذلك الوقت وقيل ليس بعاص ولكنه ترك الوقت المختار وأما المغرب فلا وقت لها إلا وقت واحد عند غيبوبة الشمس ودخول الليل هذا هو المشهور من مذهب مالك واصحابه وجمهور أهل المدينة في وقت المغرب في الحضر ولمالك في وقتها قول ثان إنه من صلاها قبل مغيب الشفق فقد صلاها في وقتها في الحضر والسفر والأول عنه أشهر وعليه العمل وللرجل إذا حضر عشاؤه أو وجد البول أو الغائط وقد حضرت الصلاة او أقيمت أن يبدأ بالعشاء وبالخلاء قبل الصلاة والفضل المرغوب فيه تعجيل المغرب والتقليس بالصبح وتعجيل المغرب أوكد ووقت صلاة العشاء مغيب الشفق وهي الحمرة التي تكون في المغرب بعد غروب الشمس ثم لا يزال وقتها المختار به ممدودا إلى ثلث الليل وقيل إلى نصف الليل والأول قول مالك ومن صلاها قبل الفجر فقد صلاه في وقتها عند مالك وإن كره له ذلك ويكره النوم قبلها والحديث بعدها إلا لدارس علم أو فاعل خير وأول وقت صلاة الصبح إذا طلع الفجر المعترض في أفق المشرق وهو أول بياض النهار ثم لا يزال وقتها ممدودا قائما حتى يسفر فإذا أسفر فقد فات وقت الاختيار ولا يجوز أن يؤخرها من لا عذر له حتى تطلع الشمس قبل إتيانه بركعة منها. وقال مالك الصلاة الوسطى صلاة الصبح لأن وقت صلاة الصبح صغير ولم يفت للنبي عليه السلام من الصلوات غير صلاة الصبح فإنه صلاه بعد طلوع الشمس فهذه أوقات الرفاهية واما من كان مضطرا أو معذورا مثل الصبي يحتلم والكافر يسلم والحئض تطهر والمغمى عليه يفيق فإن كل واحد من هؤلاء إن أدرك قبل المغرب مقدار ركعة صلى العصر وإن أدرك قبل الغروب مقدار خمس ركعات صلى الظهر والعصر وكذلك إن أدركوا قبل الفجر أربع ركعات صلوا المغرب والعشاء وإن كان أقل من ذلك صلوا العشاء وراعى مالك للحائض فراغها من غسلها إذا لم يكن معها تفريط ثم أدركت ركعة على حسب ماوصفنا وغيره لا يجعل عليها في الغسل حدا ويسقط ذلك عنها كالجنب والصبح لا تشترك مع غيرها في حضر ولا سفر ولا حال والجمع ين المغرب والعشاء ليلة المطر رخصة وتوسعة وصلاة كل واحدة لوقتها أحب إلي لمن لم يكن مسافرا إلا في مسجد النبي عليه السلام وهذه رواية اهل المدينة عن مالك رواها زياد أيضا عنه ولكن تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه إباحة الجمع بين الصلاتين في المطر في كل بلد بالمدينة وغيرها وقد قيل لا يجمع بالمدينة ولا بغيرها إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والطين والظلمة إذا اجتمعنا عند مالك كالمطر يجمع لذلك بين الصاتين وحكم الجمع في المطر تؤخر الأولى وتقدم الثانية ويصليان في وسط الوقت بأذانين وإقامتين أو بأذان واحد وإقامتين كل ذلك قد روي عن مالك ومن لم يدرك الأولى لم يصل الثانية إلا في وقتها على اختلاف من قول مالك في ذلك وكذلك اختلف قوله في وقت انصرافهم فقيل ينصرفون عند مغيب الشفق وقيل ينصرفون وعليهم أسفار واختار ابن القاسم لمن أدرك العشاء مع الجماعة وكان قد صلى المغرب في بيته أن يصليها معهم ولو لم يدرك العشاء معهم لم يصل العشاء حتى يغيب الشفق ولا يجمع بين الظهر والعصر في مطر عند مالك وأصحابه وجائز الجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت إحداهما للمسافر جد به السير أو لم يجد وقد قيل لا يجمع إلا من جد به السير يؤخر الأولى ويقدم الثانية وإلى هذا ذهب ابن القاسم والقول الأول أصح لإجماعهم على مثل ذلك في الصلاتين بعرفة والمزدلفة وذلك سفر ولحديث معاذ بن جبل في جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك نازلا غير سافر. قال ابن شهاب سألت سالم بن عبد الله هل يجمع بين الصلاتين في السفر فقال لي ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة ويجمع المريض أيضا ويجمع من به سلس البول في شدة البرد إذا أضر به الوضوء بالماء البارد. أما المكتوبات وهي المفترضات من الصلوات فمن نام عنها أو نسيها صلاها في كل وقت على ما نذكره في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله وقد بينا الحجة على المخالف في ذلك في كتاب التمهيد والحمد لله والصلاة على الجنائز يأتي ذكرها وحكمها في كتاب الجنائز إن شاء الله وأما الصلوات المسنونات وسائر النوافل والتطوع فلا يصلي شئ من ذلك عند طلوع الشمس ولا عند غروبها وجائز عند مالك الصلاة عند استوائها في يوم الجمعة وغيره ولا يتنفل أحد بصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وليس في الليل وقت يكره فيه الصلاة ولا صلاة نافلة بعد الفجر إلا ركعتي الفجر ومن دخل المسجد بعد صلاة العصر وقد صلاها أو بعد الصبح وقد صلاها فلا يركع الركعتين تحية المسجد قبل غروب الشمس ولا قبل طلوعها وإن دخل المسجد وقد فاته فيه العصر أو الصبح جاز له إذا كان في الوقت سعة أن يركع قبل أن يصلي المكتوبة فإن صلاها فلا يتنفل بعدها ومن أتى المسجد وقد ركع ركعني الفجر في بيته فإن شاء رحع الركعتين تحية المسجد وإن شاء جلس كل ذلك مباح له وقد قيل لا يركعهما وكلاهما صحيح عن مالك والأول أولى واحفظ إن شاء الله ولا يركع أحد عنده يوم الجمعة إذا دخل المسجد والإمام يخطب وكل وقت يكره فيه التطوع فلا يركع عند مالك فيه ركعتا الطواف ولا يسجد به سجدة التلاوة ومن طاف بعد العصر أو الصبح أخر عند مالك الركوع حتى تطلع الشمس أو تغرب ثم ركعهما قبل صلاة المغرب إن شاء أو بعدها ولا يتنفل قبلها. وأما سجود التلاوة فلا يسجدها ذلك الوقت ولا شئ عليه وقد قيل إنه إذا خرج الوقت المنهى عن الصلاة فيه عاد لتلاوة السجدة وسجد لها وفي باب صلاة الكسوف وغيره شئ من معاني الباب. الأذان سنة مؤكدة وليس بفريضة وهو على أهل المصر وحيث الأمراء والخطباء والجماعات أوكد منه على غيرهم من المسافرين وأهل العذر ولا أذان إلا للمكتوبات ولا يؤذن لنافلة ولا لصلاة مسنونة ولا لصلاة مكتوبة فائتة تقضى في غير وقتها ولكن يقام لها ولا يؤذم لصلاة قبل دخول وقتها إلا الصبح وحدها ولا يؤذن لها إلا بعد ثلثي الليل إلى طلوع الفجر وإن إذن لها قبل ذلك أعاد وقد قيل سدس الليل واستحب أن يكون من المؤذنين من يقع أذانه لها مع الفجر أو بعده فإن لم يكن فلا بأس أن يؤذن لها قبل الفجر والاختيار أن يؤذن لها مؤذن آخر مع الصباح وأن أذن قبل دخول الوقت لغيرها لزمه إعادة الأذان والأذان سبع عشرة كلمة الله أكبر مرتين أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم يرجع فيزيد في صوته فيقول أشهد ألا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ويزيد في أذان الصبح خاصة بعد قوله حي على الفلاح مرتين الصلاة خير من النوم مرتين والإقامة عشر كلمات وهي الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح وقد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والإقامة كلها فرادى إلا قوله الله أكبر في أول الإقامة وفي آخرها فإنه مرتين مرتين وآخر الأذان وآخر الإقامة لا إله إلا الله والإقامة أوكد من الأذان ويجزيء الأذان على غير طهارة ولا يقيم أحد إلا طاهرا ولا بأس بالأذان للمسافر راكبا ولا يقيم إلا بالأرض فإن أقام راكبا ثم نزل للصلاة كره له ذلك وأجزأته صلاته وبئس ما فعل وجائز أذان رجل وإقامة غيرة وإن أقام المؤذن فذلك خير ولا يؤذن في كل مسجد ولكل صلاة إلا عالم بالأوقات وليس على النساء أذان ولا إقامة وإن أقامت المرأة فلا تجهر ومن وجد الناس قد فرغوا من الصلاة أقام ولم يؤذن ومن سها عن الإقامة فلا شئ عليه ومن تركها عامدا لم تفسد صلاته وقد أساء في ترك سنة مؤكدة من سنن صلاته وليستغفر الله. ولا تجوز صلاة فريضة إلى غير القبلة إلا أن يكون في شدة الخوف والمقاتلة ومن لم يستقبل القبلة وهو عالم بها قادر عليها بطلت صلاته وحكم استقبال القبلة على وجهين أحدهما أن يراها ويعاينها فيلزمه استقبالها وإصابتها وقصد جهتها بجميع بدنه والآخر أن تكون الكعبة بحيث لا يراها فيلزنه التوجه نحوها وتلقاؤها بالدلائل وهي الشمس والقمر والنجوم والرياح وكل ما يمكن به معرفة جهتها ومن غابت عنه وصلى غير مجتهد إلى غير ناحيتها وهو ممن يمكنه الاجتهاد فلا صلاة له فإذا صلى مجتهدا مستدلا ثم انكشف له بعد الفراغ من صلاته أنه صلى إلى غير القبلة أعاد الصلاة إن كان في وقتها وليس ذلك بواجب عليه لأنه قد أدى فرضه على ما أمر به ولهذا لم ير مالك عليه الإعادة إذا لم يبن له خطأ إلا بعد خروج الوقت والكمال يستدرك في الوقت استدلالا بالنسبة فيمن صلى وحده ثم أدرك تلك الصلاة في وقتها في حماعة أنه يعيدها معهم حاشا المغرب عند مالك وليس له أن يعيدها في جماعة بعد خروج وقتها وإنما يعيد في الوقت استحبابا من استدبر القبلة مجتهدا أو شرق أو غرب جدا مجتهدا. وأما من تيامن أو تياسر قليلا مجتهدا فلا إعادة عليه في وقت ولا غيره وللمسافر أن يتنقل راكعا حيثما توجهت به راحلته وجائز له عند مالك أن يفتح صلاته على الدابة إلى غير القبلة كما له ذلك بعد الافتتاح ويكره أن تصلى المكتوبة في الكعبة وفي الحجر ويستحب لمت فعل ذلك الإعادة في الوقت ولا بأس بالنافلة فيها. وأما الصلاة على ظهرها فقد اختلف فيها والقياس أن يعيد من فعل ذلك لأنه لم يستقبل شيئا منها ولا يتنفل في السفينة إلى غير القبلة.
|