الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ***
الحوالة تحويل الذمم وتفسير معناها أن يكون رجل له على آخر دين ولذلك الرجل دين على رجل آخر فيحيل الطالب له على الذي له عليه مثل دينه فإذا استحال عليه ورضي ذمته الى ذمة الاخر بريء المحيل من الدين ولم يكن عليه منه تبعة وصار الحق على المحال عليه ولا رجوع له على المحيل أبدا أفلس المحال عليه أو مات معدما إلا أن يكون قد غره من رجل معدم أو مفلس لا يعلم رب الحق بعدمه فإن كان ذلك فحينئذ يكون له الرجوع على من كان عليه الحق اولا وإن علم بعدمه ورضي الحوالة عليه فلا رجوع له على الاول بوجه من الوجوه ومن كان له على رجل عروض فلا يجوز أن يحتال بها في ذهب ولا ورق ولا عروض مخالفة لها ولا بأس ان يحتال بها في مثلها ولا يجوز ان يحتال احد بحق له على غائب لانه لا يدري ما حاله في حاله ولا يجوز لاحد أن يحتال على ميت بعد موته وهو خلاف المفلس لان الميت قد فاتت ذمته وذمة الحي موجودة ومن كان له على رجل مال فلا بأس أن يحتال به على غيره فيما حل من دين غريمه وفيما لم يحق ولو كان دينه لم يحل لم يجز شيء من ذلك. ولا يجوز ان يحيل بحق عليه لم يحل أجله في حق على رجل قد حل او لم يحل ولا بأس أن يحيل بحق قد حل عليه في حق له على آخر أو لم يحل ومن أحال رجلا على رجل له عليه خمسون دينارا بمائة دينار ولم يعلم المحتال ذلك فله عليه خمسون حالة لا رجوع له فيها على الاول وخمسون حالة يرجع بها على الاول ان شاء ومن حل عليه دين فأحال به على رجل ليس عليه شيء ورضي بذلك وعلم صاحب الدين انه ليس له عليه شيء فقنع بالاستحالة عليه وأبرأ غريمه فقد اختلف أصحاب مالك في ذلك فقال بعضهم هذا كالحمالة وحكمها حكم الحمالة وليست حوالة وقال بعضهم هي حوالة وهو تحصيل مذهب مالك ويبرأ الحميل من تباعة صاحب الدين ومن رجوعه عليه وهو كما شرط لا سبيل له على الاول أفلس بعد ذلك او مات معدما الا ان يكون غره من فلس كما تقدم ذكره فإن كان كذلك كان له الرجوع على الاول ولو كان على رجل دين فباع عبدا له من رجل وأحال الذي عليه الدين بثمنه على مشتري العبد فرضي بالحوالة واستحق العبد من يد المشتري فالحوالة عليه تامة بحالها وعليه الغرم وله ان يرجع بثمن العبد المستحق على بائعه. وكذلك لو كان البيع فاسدا فاحتال بالثمن رجل له على البائع دين ثم ادرت الصفقة وفسخ بيعها غرم المشتري الثمن للمحتال عليه ورجع بذلك على بائعها وكذلك لو باع رجل سلعة وأحال بثمنها على مشتريها فظهر المشتري على عيب في السلعة وردها به غرم ثمنها لمن احتال عليه ورجع بالثمن على بائعها فإن كانت السلعة قد فاتت غرم ثمنها لمن احتال عليه ورجع بالثمن على بائعها وكذلك لو اكترى دارا على النقد او اشترى نمرة بعد زهوها وأحال عليه رب ذلك بالثمن وأجيحت الثمرة غرم ما احيل به عليه ورجع على رب الدار ورب الثمرة بما اخذ منه المستحيل ومن ابتاع سلعة بنظرة فلا يجوز له ان يحيل بثمنها في دين له حل أو لم يحل وكذلك من اكترى دارا كراء مؤجلا فلا يجوز له ان يحيل بذلك في دين حل او لم يحل لانه دين بدين ولو حل عليه نجم من انجم الكراء كان له ان يحيل بذلك في دين حل او لم يحل ومن اشترى جارية بنقد هي من جواري المواضعة فلا يجوز له ان يحيل بثمنها في دين له حل او لم يحل لما يدخله من الدين بالدين وكذلك الثمرة في رؤوس النخل تشترى بدين هذا مذهب ابن القاسم وقال أشهب ذلك جائز إذا قبض الجارية الى نفسه وقبض الثمرة في رؤوس النخل بما يقبض به وليس من باب الدين بالدين واختار قول أشهب جماعة من نظار المالكيين ببغداد لأن الدين بالدين ما اغترف الدين طرفيه. وأما ما لم يغترف طرفيه فليس دينا بدين بسم الله الرحمن الرحيم. لا يضمن الوديعة احد ممن أودعت عنده الا ان يتعدى فيها أو يضيع ما تكلف من حرزها وإن ادعى ردها الى ربها صدق مع يمينه إلا ان يقبضها ببينة فلا يصدق عند مالك الا ببينة وإن ادعى تلفها صدق على كل حال ببينة قبضها او بغير بينة إلا ان يكون متهما فيحلف ومن أودع وديعة في حضر فلا بأس أن يودعها غيره فإن سافر فذهبت فهو ضامن وكذلك أن اراد الرحيل والانتجاع من بلد الى بلد آخر فأخرجها مع نفسه فضاعت ضمن ومن أودع وديعة في سفر فأودعها غيره فهو لها ضامن ان تلفت ومن ارسل معه مال من بلد الى بلد فعرضت له اقامة في سفره ذلك فلا بأس أن يبعثه مع غيره ولا ضمان عليه ولو كان في حضر فأودعها غيره فضاعت فإن كان أراد سفرا فأودعها لأجل ذلك لم يضمن وكذلك لو كانت بيته عورة يخاف فيه طرق السراق وبأن ذلك وشبهه بما يعذر به لم يضمن وإن لم يكن له عذر ضمن ولا بأس اذا خاف عورة منزله ان ينقلها عنه الى غيره ويودعها من يثق به ومن أودع اناء فسقط فانكسر لم يضمن ولو سقط من يده على شيء فكسره ضمن عند مالك وأصحابه وغيرهم يخالفهم في ذلك ومن استودع وديعة فدفعها الى عياله كزوجته وابنته وابنه وسريته وغيرهم من عياله الذين يتولون حفظ شيئه فلا شيء عليه في ضياعها ان ضاعت وإن دفعها الى غير من يحفظ اسبابه فهو ضامن لها ومن استودع وديعة فخلطها بماله حتى لم تتميز فقد اختلف في ذلك قول مالك فقال مرة يضمن ومرة قال لا يضمن وتحصيل مذهبه انه ان خلطها بمثلها كالدنانير بالدنانير والدراهم بدراهم مثلها فلا ضمان عليه. وإن بقي بعضها وتلف بعضها فمصيبة ما تلف بينهما بالحصص فإن خلطها بغير عيونها ثم اصيب بعض المال فمصيبة من تلف له شيء من ماله من نفسه ولا ضمان على المودع وان استودع دنانير فخلطها بدراهم أو دراهم فخلطها بدنانير فتلفت فلا ضمان عليه وليس هذا خلطا ومن اودع قمحا فخلطه بمثله في عينه وصفته فلا ضمان عليه وكذلك جميع الحب إذا خلط بمثله ولو كان قمحا فخلطه بشعيرا وكذلك لو خلطه بشيء من الحب بخلافه في عينه وصفته ضمنه ولا يشبه هذا الدنانير والدراهم ولو عدا رجل او صبي على قمح وشعير مودعين لرجلين عند رجل فخلطهما كان على الذي خلطهما ضمان مكيلة القمح ومكيلة الشعير لربه والصبي والرجل في ذلك سواء وإن كان عمد الصبي خطأ فالأموال تضمن بالخطأ كما تضمن بالعمد وليست كالدماء فإن لم يكن للصبي مال اتبع رب القمح والشعير ذمته الا ان يرضيا أن يكونا شريكين في كل ما خلط من طعامهما فصاحب القمح بقيمة مكيلة قمحه وصاحب الشعير بقيمة مكيلة شعيره ثم يباع جميعه فيقتسمان ثمنه على الحصص فذلك لهما ولا يجوز أن يأخذه أحدهما ويضمن لصاحبه مكيلة طعامه وإنما يجوز ذلك للمعتدي وحده هذا مذهب مالك وأصحابه في ذلك ومن تعدى في وديعة عنده فاستهلكها ثم ردها مكانها فإن كانت دنانير أو دراهم أو طعاما أو نحو ذلك يكون مما يكال أو يوزن وضاعت فلا شيء عليه وكذلك أن اخذ البعض وأبقى البعض وتلف فلا ضمان عليه لا فيما رد ولا فيما بقي ولو كانت الوديعة ثيابا أو سائر العروض فتعدى فيها ثم رد مثلها سواء في موضعها وتلفت فهو ضامن من ساعة تعدى. وروى ابن وهب عن مالك وقال به جماعة من اصحابه أنه ضامن لما أخذ من الوديعة فقط وفي هذه الرواية الدنانير والدراهم وغيرهما سواء اذا تلفت بعد ردها والأمين مصدق فيما يدعيه من تلف الوديعة والقول قوله ابدا وإن لم يأت بما يستدل عليه وإن اتهم حلف وإن تعدى او ضيع فهو ضامن ومن التعدى أن يودع دابة فيركب أو جارية فيزوجها أو عبدا فيوجهه في سفر ثم يتلف شيء من ذلك بسبب فعله فهو ضامن لما ادركه في ذلك من تلف او نقص وما انفق المودع على الوديعة فعلى ربها سواء اذن له او لم يأذن له اذا احتاجت الى ذلك ولا يجب لأحد أن يتعدى في وديعة عنده فيتلفها إلا ان يكون له مال مأمون يرجع اليه ان تلفت الوديعة بتعديه وترك التعدي في الوديعة أفضل وينبغي أن يشهد بها إذا استسلفها وإن تجر في وديعة عنده وربح فهو لها ضامن حتى يردها الى موضع حرزها والربح له دون رب المال ولو اشترى بالمال أمة فوطئها وحملت كانت له ام ولد وضمن المال لربه ولم يكن لرب المال على الامة سبيل هذا قول مالك لأنه ضمن المال بالتعدي فيه فطابت اذا أدى ما لزم ذمته من مال الامة لربها ومن أودع عبدا وديعة فأتلفها فهي في ذمته ولا شيء منها على سيده وسواء كان قبضه لها بإذن سيده أو بغير إذن سيده الا انه ان قبضها فله أن يفسخها عنه فإن فسخها عنه لم يكن عليه فيها تبعة عند مالك وإن قبضها بإذنه فليس له فسخها عنه وهي في ذمته يتبع بها اذا اعتق ومن كانت عنده وديعة فغاب ربها وانقطع خبره كان عليه ان ينتظره بها الى اقصى ما يرجى مثله فإن يئس من حياته دفعها الى ورثته فإن لم يكن له وارث تصدق بها عنه. سبيل البضاعة سبيل الوديعة لا ضمان على قابضها الا ان يتعدى او يخالف ما أمر به فيضمن والمبضع معه وكيل فقد مضى في باب الوكالة من حكمها ما يغني عن ذكره في هذا الباب ومن دفع اليه رجل شيئا ليوصله الى آخر أو أبضع معه مالا ليوصله الى عياله او الى غيره فزعم انه قد دفعه وأنكر المبعوث اليه فهو ضامن الا ان تكون له بينة على الدفع وهذا سبيل من أبضع معه شيء الى قريب او بعيد ولو كان صدقة لأن دفعه اياها بلا بينة سوء نظر لنفسه وتضييع وعن مالك وبعض اصحابه خلاف في الذي يعطي دراهم ليتصدق بها وتحصيل مذهبه ان الصدقة ان كانت على غير معنيين فهو مصدق وإن كانت على مساكين بأعيانهم ضمن ان لم يشهد ومن ابضع معه بضاعة في شراء شيء بعينه او بغير عينه فخالف ما أمر به فصاحب البضاعة بالخيار ان شاء اخذ ما اشترى بماله وإن شاء ضمنه ما قبض منه ومن ابضع معه بضاعة وأمر أن يبتاع بها سلعة فابتاع خلاف ما أمر به وربح فيها ثم ابتاع بها سلعة اخرى خلاف ما أمر به ايضا وتلفت فهو ضامن لأصل ما قبض من المال ولما ربح فيه وان نض المال بعد التعدي وتلف وهو عين فلا ضمان عليه وان ابتاع به بعد التعدي ما أمر به فتلف فلا ضمان عليه ومن أبضع معه بضاعة الى رجل ببعض البلدان ومات قبل وصوله الى ذلك البلد ولم يجد للبضاعة ذكرا فهو دين عليه في ماله. وان وصل الى البلد ومات وانكر المبعوث بها اليه ان تكون وصلت اليه فليس على ورثة الميت الا اليمين بالله ما يعملون للبضاعة علما ويبرؤن وإن نكلوا غرموا وإن مات المبعوث بها اليه بعد وصول الرسول بها الى البلد وادعى الرسول دفعها اليه لم يقبل قوله الا ان يأتي على دفعها بالبينة ولو وصل الرسول بها الى البلد ولم يوصلها الى المبعوث بها اليه ولم يجد لها ذكرا حتى رجع وادعى تلفها فهو ضامن لها ومن أبضع معه بضاعة فجحدها ثم اقر بها فهو ضامن وكذلك المودع له عنده ومن امر رجلا ان يبتاع سلعة بوجهه ويأتيه بها ويدفع اليه ثمنها فابتاعها وقبضها ثم تلفت من يده قبل ان يوصلها الى الآمر فمصيبتها من الآمر ولو دفع اليه الثمن بعد تلفها وضاع كان ايضا غرمة على الامر ولو أتاه بها فدفع له ثمنها ليوصله الى بائعه فتلف الثمن من يد المأمور فعلى الآمر غرمه أبدا حتى يصل الى رب السلعة ولو وزن الرسول فيها من ماله ثم اتاه بها فدفع اليه ثمنها ثم ضاع من يد الرسول فلا شيء عليه لانه دين اداه ومن قبض من قوم بضائع ليبتاع لهم بها قمحا فخلطها على وجه النظر فضاعت فلا ضمان عليه وان ضاع بعضها فهم جميعا شركاء فيما ضاع وفيما بقي بالحصص وكذلك لو اشترى بها كلها طعاما صفقة واحدة على ان يقسمه عليهم بقدر اموالهم فهلك الطعام كانت مصيبته منهم اجمعين هذا اذا كانوا قد امروه بصفتة واحدة من القمح فإذا اختلفت صفاتهم كان فيما فعل من ذلك متعديا وضمن إذا خالف فيما حد له وفيما خلط من النوعين المختلفين من الطعام لان الشركة فيه لا تجوز ولو خالف بعضها دون بعض ضمن نصيب من خالف امره دون غيره. العارية أمانة غير مضمونة في الحيوان كله من الرقيق والدواب وكذلك الدور وكل شيء ظاهر لا يغاب عليه لا يضمن شيء من ذلك كله الا ما تضمن به الامانات من التعدي والتضيع والخلاف لما استعير له الى ما هو أضر عليه. وأما الحلي والثياب والآنيه والسلاح والمتاع كله الذي يخفى هلاكه فإنه لا يقبل قول المستعير فيما يدعيه من ذهابه وهو ضامن له الا ان تقوم له بينة على هلاكه من غير تفريط ولا تضيع ولا تعد وكذلك الدنانير والدراهم والفلوس والطعام الا انه هنا يرد مثل ملكية الشيء او وزنه في عينه وصفته ويضمن ما تقدم ذكره مما يغاب عليه من العروض كلها بقيمته هذا كله تحصيل مذهب مالك في العواري وقد روي عن مالك ان المستعير لما يغاب عليه يضمنه متى تلف عنده سواء قامت بينة على هلاكه او لم تقم ومن شرط ضمان ما لا يغاب عليه من الحيوان وشبهه بالعارية او طرح ضمان ما يغاب عليه منها فالشرط باطل وهو تحصيل المذهب وقد قيل ان شرطه ينفعه اذا كان لذلك وجه مثل الخوف على الدابة في السيل المخوفة ونحو ذلك من تلف من جميع العارية التي يغاب عليها او يضمنها مستعيرها فالقول قول المستعير في صفتها مع يمينه ان لم تكن لربها بينة على ما يدعيه من صفتها ومن استعار دابة فحمل عليها رديفا فعطبت الدابة فربها مخير في اخذ كراء مثل ركوب الرديف ولا شيء له غير ذلك وبين ان يأخذ بقيمة الدابة حين تعدى عليها ولا شيء له من الكراء في ركوبه ولا في ركوب الرديف ومن استعار دابة فاختلف هو وربها في الموضع الذي استعارها اليه وقد عطبت الدابة فالقول قول المستعير اذا جاء بما يشبه مع يمينه ومن استعار دابة ليركبها ميلا فركبها أميالا او ليركبها يوما فركبها اياما او اكثر مما استعارها ثم ردها على ما اخذها عليه او افضل في بدنها وحالها فليس لربها الا الكراء فيما زاد من المسير عليها ولا يكون له فيها خيار الا ان تعطب فيكون له الخيار بين ان يأخذ من المستعير كراء مثلها فيما تعدى يوم تعدى ولا قيمة له وبين أن يأخذ منه قيمتها ساعة تعدى عليها ولا كراء له فيها ومن استعار دابة او عبدا الى سفر فادعى انفلات الدابة او موتها او موت العبد او اباقه فالقول قوله مع يمينه ولا ضمان عليه في موت الدابة ولا انفلاتها الا ان يتبين كذبه وقد قيل انه ان لم يتهم لم يحلف وان ادعى ذلك في حضر فإنه لا يصدق على الموت خاصة لان ذلك لا يخفى على جيرانه وغيرهم. وأما ما ادعاه من اباق العبد وانفلات الدابة او سرقتها فالقول قوله في ذلك مع يمينه في الحضر والسفر وإن تبين كذبه فهو ضامن ومن استعار ثوبا ليلبسه مرة فلبسه أكثر فقد روي عن مالك ان عليه فيما زاد على ما شرط له من المدة قيمة ما نقص الباسه لثوب الايام التي زادها. وروي عنه ان عليه كراء ذلك الثوب تلك الايام وهذا اولى وبه أقول لان ما نقص الثوب مجهول لا يوقف عليه وقد يلبسه اياما ولا ينقصه شيئا وما تلف من الحلي عند المستعير فإن كان ذهبا رجع بقيمته مصوغا دراهم وإن كان فضة رجع بقيمته مصوغا دنانير عينا وان كان ذهبا وفيه جوهر تكون قيمة الذهب الثلث وقيمة الجوهر الثلثين رجع بقيمته مصوغا مما شاء من الذهب معجلا لا يؤخر شيئا من ذلك فتدخله النظرة في الصرف ولا بأس ان يأخذ بقيمة ما وجب له في جميع ذلك كله عوضا وطعاما واذا ما سوى غير ما تلف يتعجل قبض ذلك ولا يؤخره فيدخله الدين بالدين واحب الي أن لا يضمن ولا يباع ما فيه ذهب وجوهر بشيء من الفضة ولا يضمن الا بعرض او بما يخالف عينه من العين نقدا كالصرف ومن أعار شيئا الى مدة فليس له عند مالك واصحابه اخذه من المستعير قبل مضي المدة ومن اعار شيئا عارية مطلقة فليس له عند مالك اخذه من المستعير حتى ينتفع به الانتفاع المعهود بمثله في العواري في تلك المدة. ومن أعار بقعة من أرضه ليبني فيها المستعير ويسكن مدة فليس له إخراجه قبل انقضاء المدة كما لو اكرى مدة لم يكن له ان ينقض الاجارة قبل المدة وان لم يضرب العارية البقعة في البنيان مدة فليس له ايضا أن يرجع فيها حتى ينتفع بها المستعير مثل ما يعلم الناس ويتعارفون من منفعة مثل تلك العرية في ذلك فإن اخرجه قبل ذلك لزمه ان يعطيه ما انفق في البنيان كاملا وقد قيل يعطيه نقضه أو قيمته قائما وقد قيل منقوضا والاول تحصيل المذهب وهو المعمول به فيه وإن سكن ما جرى في عرف الناس وأراد رب البقعة اخراجه بعد ذلك كان له ذلك وكان عليه ان يعطيه نقضه أو قيمته منقوضا الخيار في ذلك لرب الارض لم يختلف عن مالك في ذلك كما لو اخرجه عند انقضاء المدة المعلومة وكذلك لو أراد المستعير الخروج قبل تمام مدته ومن اعار ارضه على ان يبني فيها المستعير له بنيانا موصوفا معلوما محدودا على انه اذا انقضى الاجل كانت الارض بما فيها لربها فذلك جائز وهو من باب الكراء لا من باب العارية والمعروف ولا يجوز مثل هذا في الغرس لانه غرر قد يتم وقد لا يتم ومن استعار شيئا دابة او غيرها مدة فلا بأس ان يكريها من مثله في تلك المدة ولا بأس ان يعيره ارضا من مثله في مدته والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم. معنى الرهن ان يكون الشيء وثيقة من دين صاحب الدين يعود بدينه فيه ان لم يكن الراهن يفديه والرهن في البيع وفي القرض وفي الحقوق الثابتة كلها جائز وجائز عند مالك ان يتقدم الرهن الدين مثل ان يقول هذا لك رهن بكل ما تقرضني وينعقد الرهن بالقول ويتم القبض وكل من جاز تصرفه وجاز بيعه وشراؤه جاز رهنه وكل ما جاز بيعه جاز رهنه من جميع الاشياء كلها كالعقار والحيوان والثياب والعروض كلها والدنانير والدراهم إلا ان الدنانير والدراهم خاصة يحتاج قابضها الى الختم عليها. وأما سائر ما يرهن مما يغاب عليه او لا يغاب فإذا قبض صح رهنا. وقد يجوز عند مالك في الرهون من الغرر والمجهول ما لا يجوز في البيوع مثل رهن العبد الآبق والجمل الشارد والجنين في بطن امه والثمرة التي لم يبد صلاحها ولا يصح الرهن الا مقبوضا محرزا لقول الله عز وجل فرهان مقبوضة البقره ومن شرط الرهن اتصال حيازته وقبضه ومن ارتهن رهنا ثم رده الى ربه بعارية او غيرها وخلي بينه وبين لبسه او يركبه او يسكنه بطل الرهن فإن رده اليه رهنا قبل موته أو فلسه جاز ذلك وعاد رهنا على حاله ويحتاج عند الموت والفلس مع اقرار الراهن والمرتهن جميعا بقبض الرهن الى شهود يشهدون بالقبض معاينة له في حين عقد الرهن او بعده قبل الحاجة الى الخصام فيه وقبل موت ربه وليس الرهن مقبوضا ان جعل على يدي صاحب الرهن أو ولده او زوجته أو عبده وجائز أن يوضع الرهن على يدي عدل غير ما ذكرنا ويعد مقبوضا ورهن المشاع جائز فإن كان الرهن كله للراهن فقبضه وحيازته ان يقبض المرتهن جميعه ولا يكون بيد الراهن شيء منه وإن لم يكن للراهن من المشاع الا ما رهن منه نظر فإن كان عقارا او ما أشبه ذلك مما لايزال به ولا ينقل فقبض المرتهن ما كان للراهن فيه وحازه وحل فيه محله صح الرهن وإن كان ما يزال به يغاب عليه فلا يصح حوزه حتى يقبض المرتهن جميع ما فيه الاشاعة منه وذلك لا يصح الا بإذن الشريك وقد قيل ان الرهن كله عرضه وحيوانه وعقاره لا يصح رهن المشاع منه حتى يقبض المرتهن جميع المشاع منه كان مما يزال به او لم يكن وله المطالبة بالقسم ليجوز رهنه وهو قول أشهب وقد قيل ان العقار وغيره سواء. ويصح قبضه على حسب ما كان يبرأ الراهن منه مما يمكن الانفراد به قال مالك ومن كان له سهم من دار فرهنه صح الرهن فيه اذا قبضه المرتهن مع الشريك فيه بما يقبض به المشاع وانفرد به دون ربه ومن رهن نصف دار مشاعا وقبض ذلك المرتهن بما يقبض به المشاع فاكترى الراهن نصيب شريكه فالرهن باطل وليس بمجوز حتى لا يكون للراهن في جميع الدار حكم ولا كراء ومن اكترى دارا ثم ارتهنها ثم أكراها من ربها بطل رهنه وإذا كانت دار بين رجلين فرهن احدهما نصيبه ثم اراد ان يكري نصيب صاحبه لم يجز له ذلك لأنه يؤدي الى بطلان رهنه فإن اراد ان يصح الكراء بينهما تقاسما الدار قسمة صحيحة وحاز المرتهن حصة الراهن وصارت بيده واكترى الشريك من شريكه نصيبه ومن عقد بيعا على رهن بشيء من ماله بعينه وأبى من دفعه حكم عليه به ابدا إذا طالبه المرتهن بإقباضه اياه ما لم يمت أو يفلس فإذا مات أو أفلس قبل القبض بطل الرهن وصار ميراثا يضرب فيه لغرماء الراهن كلهم ومن اشترط في بيعه رهنا مطلقا بغير عينه فامتنع المشتري من دفعه اليه فالبائع بالخيار في امضاء البيع بغير رهن وفي فسخه وإذا جاز المرتهن رهنه بقبضه له وانفراده به فهو احق الناس به حتى يستوفي حقه منه لا يشركه فيه غريم غيره وجاز رهن الدار من مكتريها الذي هي بيده ومن غيره ولا ينقص الرهن الإجارة وقيل اذا تقدم الكراء لم يصح حوز الرهن وليس بشيء ومن سقى حائطه من رجل ثم رهنه غيره به فلا بأس به وينبغي للمرتهن ان يستخلف مع العامل في الحائط غيره ومن باع سلعة واشترط انها رهن بحقه الى اجل ثمنها فلا بأس في ذلك عند مالك في الدور والارضين والعقار والعروض كلها الا الحيوان فلا يجوز ذلك فيه وقد قيل ان ذلك لا يجوز بحال. نسل الحيوان كله رهن مع امهاته اذا جاء بعد عقد الرهن حتى فراخ النحل وليس مال العبد برهن معه ولا يدخل في الرهن الا ان يستثني ذلك المرتهن عند عقد الرهن ويشترطه وكذلك الثمرة الحادثة لا تدخل في الرهن الا ان يشترطها المرتهن وكذلك اللبن والصوف وجائز ارتهان الثمرة في رؤوس النخل بدا صلاحها أو لم يبد اذا كانت ظاهرة وكذلك المرتهن يلي سقيا ويحتاج اذا لم يبد صلاحها ان يقبض الاصل معها لأنه لا يقدر على قبض الثمرة الا بقبض الاصل وليس الاصل برهن اذا لم يرتهنه فإن افلس الراهن وقد حاز المرتهن النخل بثمرها فالثمرة له دون الغرماء والنخل للغرماء وكذلك لو افلس راهن العبد كان مرتهنة اولى برقبته من غرماء سيده فإن فضل من حقه شيء كان اسوة الغرماء في مال العبد وما ارتهن من الدور والارضين والحوائط والحيوان والرقيق وكان لشيء من ذلك غلة او اجرة فهي لرب الرهن والمرتهن هو الذي يتولى كراء ذلك واجارته والنظر فيه بإذن ربه ويشاوره في ذلك كله وجائز ان يشترط المرتهن قبض الصلة والكراء من دينه كان دينه حالا او الى اجل معلوم فإن استوفى حقه من ذلك الى اجله صرف الرهن بحاله الى ربه والا حاسبه ببقية دينه حتى نتصف منه ولو كان الدين ليس بحال ولا الى أجل معلوم وإنما جعل قضاؤه من الغل ة والإجارة حتى يستوفي لك يجز هذا في بيع ولا سلف للجهل بمقدار ذلك وقد أجازه بعضهم في السلف خاصة والاول اشهر في المذهب واما في البيع فلا يجوز البتة ونفقة الرهن ومؤنته على ربه حيوانا كان او غيره. الرهون عند مالك على ضربين مضمونة وغير مضمونة فالمضمون منها ما يغاب عليه من الاموال الباطنة مثل الثياب والحلي والمتاع وغير المضمون منها الأموال الظاهرة مثل الربع والحيوان وما ضمن في العارية ضمن في الرهن وكذلك كل ما يغاب عليه ويخفى هلاكه مصيبته من المرتهن وهوله ضامن إلا ان يكون له بينة على تلفه بغير تفريط منه ولا تضييع ولا تعد فإن كان ذلك سقط عنه الضمان وقد روي عن مالك ان ما يغاب عليه من الرهون مضمون على كل حال قامت بينة على تلفه او لم تقم وهو قول أشهب والاول تحصيل المذهب ولو شرط في مثل هذا ان لا ضمان عليه لم ينفعه ذلك وكان الرهن على سنته وكذلك أن اشترط فيما لا يضمن الضمان لم يجز وكان على سنته وقال اشهب له شرطه ويضمن السوس وغيره يضمن من ذلك ما نقض الرهن عيبه الذي حدث فيه عنده الا ان يكون الذي عرض عنده عيبا مفسدا فيضمن قيمة الثوب كله لانه اتلفه بتضييعه إلا أن يكون ربه منعه من تفقده وأمره أن لا يحل عنه فلا شيء عليه حينئذ فيما عرض فيه من غير سببه وما كان مما يظهر هلاكه مثل العقار والحيوان فمصيبته من ربه ويرجع المرتهن بحقه تاما ومن ارتهن مما يغاب عليه رهنا بدون ما يساوي فتلف في يده ضمن قيمته كلها ورد على الراهن الفضل عن حقه. وإن كانت قيمة الرهن اقل من حقه رجع على الراهن بتمام حقه فإن هلك الرهن عند المرتهن وكان مما يغاب عليه ولزمه ضمانه اختلف هو وربه في تلفه وصفته وقيمته كان القول في ذلك كله قول المرتهن مع يمينه فإذا حلف على تلفه وصفته قومها أهل البصر بها فإن جهل صفته حلف على قيمته وهذا كله إذا اتى بما يشبه في الصفة والقيمة فإن جهل القيمة أيضا رد ذلك الى ربه فإن وصفه ربه وعرف صفته حلف عليها وقومت فإن جهل الصفة حلف على القيمة فإن عرفها فإن كان في قيمة تلك الصفة او في القيمة ان جهل الصفة فضل على الدين وصدقه المرتهن في الوصف غرم لرب الرهن ما كان فيه من فضل وإن أكذبه المرتهن حلف الراهن على الصفة التي ادعاها وكان مصدقا فيما بينه وبين ما رهنه به ويسقط ذلك عنه ويحلف المرتهن في الفضل فإن نكل عن اليمين غرم ولو اتفق الراهن والمرتهن على الصفة واختلفا في قدر الدين الذي رهن به فالقول قول المرتهن فيما يدعيه من الدين على الرهن مع يمينه فيما بينه وبين قيمة الرهن ولا يصدق على اكثر من ذلك والقول قول الراهن مع يمينه فيما زاد على ذلك لأنه مدعى عليه هذا اذا لم يكن لواحد منهما بينة فإن حلف بريء وان نكل غرم فضل الدين بنكول يمينه ويمين خصمه وان اختلفا في الدين والرهن قائم فإن كان الرهن قدر حق المرتهن اخذ المرتهن بحقه وكان أولى بها الا ان يشاء رب الرهن ان يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه. وإذا كان الرهن من ثمن بيع جاز ان يشترط الانتفاع به في عقدة البيع اذا كان الرهن مأمونا دارا كان او عرضا ويضرب للانتفاع به حدا وأجلا معلوما سواء كان ابعد من اجل ثمن السلعة او مثله او اقرب ويكره اشتراط الانتفاع بشيء من الحيوان الرهن والثياب لسرعة تغيرها ولجهالة قيمة المنفعة لو هلكت قبل انقضاء الاجل ولو كان مصحفا أو كتب علم أو سلاحا جاز الانتفاع بها اذا اشترط ذلك في عقد البيع واما السلف فلا يجوز لاحد أسلف سلفا وارتهن به رهنا ان يشترط الانتفاع بشيء من الرهن لان ذلك ربا ولو كان مصحفا ما كان يقرأ فيه فضلا عما سواه وليس لمن رهن رهنا ان يبدله بغيره الا ان يرضى بذلك المرتهن ومن رهن رهنا وقبضه المرتهن لم ينفذ فيه للراهن بيع ولا هبة الا بإذن المرتهن فإن باعه بإذنه جاز بيعه وقضى المرتهن حقه بعد ان يحلف ما أذن له الاليستوفي حقه وإن باعه بغير اذنه وأجاز المرتهن بيعه وقف الثمن الى الاجل ولم يعجل للمرتهن حقه قبل الاجل الا إن يشاء الراهن ان يعطيه حقه كاملا من ثمن الرهن ومن رهن هنا على اقل من قيمته فما فضل عن قيمته رهن معه ولا يجوز رهن فضل الرهن من غير المرتهن وجائز ان يزيده المرتهن دينا آخر ويكون رهنا بهما. وقد روي عن مالك أن المرتهن أن أذن له في رهن فضل الرهن جاز وتحصيل مذهبه ان ذلك لا يجوز وان ارتهن رجل فضلة رهن بإذن مرتهنه على احدى الروايتين عن مالك ثم حل الحقان الحقان جميعا على الراهن بيع الرهن وبدأ بالاول فقضى حقه ثم كان الباقي لمن ارتهن فضله فلو كان الرهن منهما جميعا أو رهن نصف رهن ثم رهن بإذن مرتهنه نصفه الآخر وحل الحقان بيع لهما جميعا وكانا فيه سواء فإن حل حق احدهما ولم يحل للآخر وكان الرهن مما ينقسم قسم فبيع للذي حل حقه نصيبه وأمسك نصيب الآخر وإن كان مما لا تمكن قسمته بيع الرهن كله وقضي المرتهنان جميعا حقوقهما ومن رهن أمة لم يجز له وطؤها فإن وطئها بإذن المرتهن وحملت بطل رهنها وان وطئها بغير إذنه فلم تحمل فهي رهن بحالها فإن حملت وله مال كانت له ام ولد ودفع للمرتهن حقه الذي ارتهنها به وان لم يكن له مال بيعت الامة عليه وقضى المرتهن حقه من ثمنها فإن فضل من حقه شيء اتبعه به دينا في ذمته وان كان ثمن الامة اكبر من ثمن الحق بيع منها بقدر الحق وكان ما بقي بحساب أم الولد ولا يباع الولد بحال كان الاب الراهن موسرا أو معسرا ولو وطئها المرتهن كان زانيا وعليه الحد ولا يلحق به الولد وولدها رهن معها يباع ببيعها ولو احلها الراهن للمرتهن فوطئها ولم تحمل لزم المرتهن قيمتها وقاصه الراهن بها من حقه الذي عليه وان حملت منه كانت أم ولد ولا حد عليه في الوجهين ولزمته قيمتها دون قيمة ولدها يقاص ربها بها من حقه واذا رهن السيد عبدا له زوجة أمة لسيده لم يجز للعبد وطئها حتى يخرج من الرهن وكذلك لو رهن الامة دون العبد وهي زوجته لم يكن له وطؤها. وكذلك لو رهن أمة لعبده لم يجز للعبد وطؤها حتى يفكها سيدها ولو كان العبد مرهونا مع زوجته كان له وطؤها ومن كان عليه لرجل دين برهن ودين بلا رهن فقضاه احدهما وقال قضيتك الدين الذي على الرهن وقال الآخر المرتهن بل قضيتني الدين بلا رهن قسم القضاء بينهما بالحصص بعد ايمانهما وكذلك لو كان احد المالين مضمونا والآخر بغير ضمان سواء فإن نكل احدهما عن اليمين قضي عليه بيمين خصمه ولو اعتق السيد الرهن نفذ عتقه ان كان موسرا وغرم المال معجلا أو حل عليه فإن كان معسرا لم ينفذ عتقه وبقي رهنا بحاله فإذا فداه عتق عليه وإن لم يفده ولم يكن له مال سواه بيع في الرهن ومن ارتهن رهنا فلما اخرجه الى ربه ليفديه ذكر انه غير رهنه فالقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه ولو ادعى المرتهن انه رد الرهن الى ربه لم يقبل في ذلك قوله ومن أقر لرجل بسلعة في يده وادعى انها رهن عنده وأنكر ذلك ربها فالقول قول ربها والبينة على الذي ادعاها رهنا ولو قال احدهما اودعتك هذا الشيء وقال الآخر رهنتنيه فالقول قول رب الشيء وعلى مدعي الرهن البينة ولو مات رب الثوب وادعاه الذي هو في يده رهنا حلف ورثة الميت على العلم انهم ما علموا ما يدعي فيه وأخذوا متاعهم لو كان بيد الورثة رهن فادعى ربه انه قضى الميت دينه وتركه عنده حلف الورثة بالله ما يعلمون انه اقتضي منه شيئا وأخذوا ما أقر به الراهن من الدين برهنه. وأما الحي المدعى عليه فيحلف على البت انك ما قضيتني شيئا ويغرم الراهن وأجاز مالك رهن الدين ولم يجز غيره من الفقهاء ان يكون الدين رهنا بدين سواه واذا رهن رجلان رهنا في عقدة واحدة فإن كانا شريكين فأدى احدهما لم يخرج حصته من الرهن حتى يؤديا جميعا وان لم يكونا شريكين فإذا قضى احدهما قبض حصته وليس للراهن اذا قضي بعض الدين ان يأخذ بعض الرهن ولا شيئا منه الا بعد قضاء الحق كله الا بإذن المرتهن وإذا جنى العبد الرهن جناية فعلى الراهن بدله فإن ابى فداه المرتهن وكان رهنا بدينه وبما فداه به ولم يأخذه سيده حتى يؤدي ذلك كله فإن ابى المرتهن ايضا من فدائه بيع العبد فبديء منه بإرش الجناية ولا يباع حتى يحل اجل الدين ولا يبيع المرتهن الرهن اذا حل دينه دون الحاكم فإن باعه لم يجز بيعه. وكذلك العدل الذي وضع على يديه لا يبيعه دون الحاكم وقال ابن القاسم وبلغني عن مالك انه أن بيع نفذ البيع اذا لم يكن له فيه غبن بين ومن رهن رهنا ووكل المرتهن ببيعه وصدقه في ذلك جاز بيعه اذا كان يسيرا وكان مالا يبقى مثله وما ينقص ببقائه فإن كان ربعا أو عرضا تكثر قيمته ولا يضره بقاؤه فقد كره له بيعه الا ان يأذن الحاكم إن غاب ربه وقال أشهب لا بأس ببيعه إذا وكله للبيع وغيره ولو باع وكيل السلطان الرهن وضاع الثمن من يده فلا ضمان عليه وهو من المرتهن قياسا عند ابن القاسم على ما باعه وكيل الحاكم وقال أشهب الضياع من الغريم ولو ادعى وكيل السلطان دفع الثمن الى المرتهن لم يصدق والقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه وكذلك العدل الموضوع على يده الرهن ان لم يكن له بينة ومن وكل وكيلا ببيع رهنه وقضاء دينه لم يكن له عزله عن وكالته الا بإذن المرتهن بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. اذا لحق التاجر من ديون الناس ما يضرب السلطان من اجله على يده ويفلسه عند قيام غرمائه لاحاطة ما لهم عليه بماله فمن وجد منهم متاعه قائما بعينه فهو بالخيار ان شاء أخذ سلعته بثمنها الذي باعها به وكان احق بها من سائر الغرماء فله ذلك وان شاء تركها وكان أسوة الغرماء وحاصهم بثمنها فيها وغيرها من سائر مال المفلس وما يثوب له من مال وان كان البائع قد قبض من ثمن متاعه شيئا فاختار ان يرد ما يرد ما اقتضى منه ويكون أحق بسلعته كان له ذلك فإن كان بعض المتاع قد خرج من يد المبتاع أو غيره فاختار البائع اخذ ما بقي بحصته ان كان نصف المبيع بنصف الثمن او ثلثه بثلث الثمن أو كان بحساب ذلك يوم باعه لا يوم أفلس ويحاص الغرماء فيما تلف كان له ذلك الا ان يعطيه الغرماء قيمة ما أصاب من متاعه كاملا ويأخذونه لرغبتهم فيه فيكون ذلك لهم. فإن وجد البائع سلعته ناقصة في بدنها او سوقها وأراد اخذها كان ذلك له وكان احق بها الا ان يضمن له الغرماء ثمنها لما يرجونه فيها من الفضل فيكونون حينئذ احق بها كذلك إذا وجدها صاحبها عند المفلس زائدة في بدنها أو سوقها وخالفه الغرماء في اخذها كانوا احق بها إذا أعطوه ثمنها كاملا لما يرجون فيها من الزيادة فإن لم يضمنوا له ثمنها كان له اخذها نامية ان شاء وهو احق بها لانه قد وجدها بعينها وان كان البائع قد اقتضى بعض ثمن سلعته وقد فوت المشتري بعضها وأدرك البائع ما بقي منها كان له اخذ ما وجد منها بحسابه من ثمنها وان اراد الغرماء اخذ تلك الحصة من السلعة بما يصيبها من الثمن الذي باعها به فذلك لهم وإن أبوا ذلك وأسلموها اليه رد اليهم ما يصيبها بالحصص فيما اقتضى ثم حاصهم بذلك فيما بقي من مال المفلس مثال ذلك رجل باع عبدين بعشرين دينارا فاقتضى من قيمتها عشرة دنانير وباع المشتري احدهما وبقي الآخر عنده ثم افلس فإن أراد البائع اخذ العبد الباقي منهما رد خمسة من العشرة التي اقتضاها واخذه وحاص الغرماء بالخمسة التي رد هذا الحكم مخصوص به المفلس الحي عند مالك واصحابه. وأما الميت الذي يموت وعليه دين محيط بماله فمن أصاب من غرمائه سلعة كاملة بعينها فلا سبيل له اليها وهو فيها أسوة الغرماء لأن ذمته قد انقطعت وتحل الديون المؤجلة على المفلس بتوقيف الحاكم وتعود حالة كما تحل ديون الميت المؤجلة بموته وسواء عند مالك من مات او افلس فقد حل دينه ومن وجد متاعه بعينه عند مفلس فلم يأخذه حتى مات كان له اخذه بعد موته الا ان يشاء الغرماء انصافه من حقه. وليس لغريم المفلس اخذ نتاج ما باعه من الماشية والدواب ولا غلة ماله غلة من ذلك ولا أجرة العبد إذا فات ذلك وليس له الا الرقاب بعينها اذا وجدها وما فات من النتاج والغلة والاجرة والثمرة فلا شيء له فيه ومن باع أمة فولدت عند المشتري ثم ماتت وبقي الولد كان له أخذه بالثمن كله ولو مات الولد وبقيت الام اخذها بالثمن كله ولم يوضع عنه لموت الولد شيء ولو باع المشتري الولد أو الام كان للبائع أخذ الباقي منهما بحسابه من الثمن ومن ابتاع زيتا فصبه في جراره ثم افلس قبل ان ينفذ ثمنه فالبائع أحق بملكية زيته من سائر الغرماء ولو ابتاع دنانير فخلطها بدنانير له في كيسه قبل ان ينفذ ثمنها ثم افلس كان صاحب الدنانير احق بوزنها من ذلك الكيس من سائر غرمائه. واذا مات الرجل وعنده ودائع وقرائض وبضائع وعليه الديون للناس لم يوص بذلك ولا ذكر منه شيئا وثبتت الامانات بغير تعيين فإن اهل الديون الواجبة وأهل الامانات من الودائع والقراض والبضائع وغيرها يتحاصون فيما وجدوا من ماله اذا ثبت ذلك عليه وان ذكر في وصيته او اشهادا فقال هذا قراض وهذه وديعة او نحو ذلك وقال هذا مالي فما سمى من ذلك وذكر فهو كما قال لمن ذكر لا ينازع فيه وما قال هو مالي فهو بين غرمائه لا يدخل في ذلك معهم أهل القراض ولا سائر الامانات الا ان يثبت خلاف ما قال. واذا كان على المفلس او على الميت ديون من العين والعرض والطعام المسلم اليه قوم لكل واحد قيمة شيئه بسوق يومه حن مات او افلس وقسم ماله بينهم على تلك الحصص واشترى لكل واحد منهم بما صار اليه من المحاصة سلعته أو ما أدرك منها ولا يدفع الى احد من ارباب العروض ثمنا الا ان يكون احد منهم أسلم عرضا في عرض فجائز ان يدفع اليه محاصته ذهبا أو ورقا الا ان يكون عليه طعام او أدام فلا يجوز ان يدفع اليه في شيء من الاشياء غير حصته لانه يدخله بيع الطعام قبل ان يستوفى ويشترى له بما أصابه طعام من صفة طعامه فإذا قسم مال الميت بين غرمائه ولم يفضل شيء فجاء غريم آخر فاستحق حقه رجع على الغرماء فحاص كل واحد منهم فيما وصل اليه من مال الهالك يتبع كل واحد منهم بقدر قسطه موسرا كان أو معسرا ولو فضل للورثة شيء ثم جاء الغريم المستحق بعد بدأ بما صار للورثة فأخذه فإن كان فيه وفاء حقه بذلك والا رجع على الغرماء بباقي حقه فحاص كل رجل منهم فيما صار اليه بقدر الذي بقي من حقه. واذا مات الميت ولا دين عليه في الظاهر في امره فاقتسم ماله ورثته ثم اتى غريم فاستحق عليه دينه وانصرف عن الورثة فوجد بعضهم قد تلف ما بيده مما صار اليه وألفاه منهم مليا رجع على الملي بكل ما صار اليه من مال الهالك فإن كان في ذلك وفاء دينه فذلك ويرجع الوارث الذي اخذ منه على من بقي من الورثة الفقراء وغيرهم وان كان ما صار الى الوارث لايقوم بدين الغريم اخذ الغريم منه صار اليه من مال الهالك واتبع سائر الورثة بما بقي من ماله فإن كان ما أخذه من الوارث الموسر أكثر مما يلزمه في نصيبه من دين الغريم ثم أيسر بعض الورثة الغرماء رجع الغريم عليه بما بقي من حقه وشريكه فيه الوارث بما كان له من فضل فيما اخذه الغريم منه ويتحاصان في ذلك لانهما غريمان للوارث المعدم واذا جمع الحاكم مال المفلس لغرمائه فتلف قبل بيعه فعلى المفلس ضمانه ودين الغرماء ثابت في ذمته ولو باع الحاكم ماله وقبض ثمنه ثم تلف الثمن قبل قبض الغرماء له كان عليهم ضمانه وقد بريء المفلس وقال محمد بن عبدالله بن عبد الحكم ضمان الثمن من المفلس دون الغرماء ورواه أشهب عن مالك وقال عبد الملك بن عبد العزيز إذا كان ماله ذهبا وورقا ودينه كذلك فتلف ماله بعد جمعه ونزعه منه فضمان الذهب ممن له ذهب وضمان الورق ممن له ورق وقال ابن القاسم اذا أفلس الرجل وخلع من ماله لغرمائه وجمع ليباع للغرماء وحال الحاكم بينه وبينه فما تلف من المال فمصيبته من الغرماء لأنه قد وجب لهم ولم يفرق بين الثمن وغيره من ماله. وروى عن ابن القاسم مثل قول مالك الاول. ومن كان عليه دين يحيط بماله ولم يوقف لتفليس فجائز أن يقضي بعض غرمائه دون بعض وجائز تصرفه في بيعه وشرائه واخذه وعطائه ونكاحه وسائر معاوضاته الا ان يحابي في ذلك فإن حابى أحد فالمحاباة عطية وهبة ولا يجوز لمن ذلك احاط الدين بماله قبل التفليس ولا بعده واقراره لمن يعرف بمعاملته ولا يتهم فيه جائز له ماض له وعليه ما لم يفلسه الحاكم ويحال بينه وبين ماله ومن كان عليه دين يحيط بماله فللغرماء ان يردوا عتقه وهبته وصدقته الا انه ان احبل شيئا من امائه لم يكن له سبيل الى بيعها واذا وقف الحاكم مال المفلس وقضى بتفليسه لم يجز له في ماله حكم حتى ينقضي أمره فإن اقر في هذه الحال كان اقراره في ذمته فإن افاد مالا غير ما بقي في يده فقضى من ذلك المال ما اقر به ويستوي حال المديان الذي لم يفلسه غرماؤه اذا كان الدين الذي يحيط بماله وحال الذي وقف الحاكم ماله لفلسه فيما اعتقا جميعا او وهبا أو تصدقا ويختلفان في المعاوضات فإن وهب او تصدق او اعتق في كلتا الحالتين بإذن غرمائه جاز واختلف في رهنه عن مالك فروي عنه جواز رهنه بعد تفليسه. وروى عنه المنع ولم يختلف قوله وقول اصحابه في الذي تحيط ديونه بماله ان له ان يقضي بعض غرمائه دون بعض بعد التفليس. واذا فلس الرجل لغرمائه الذين قاموا عليه بالبينات واقر الآخرين فلا شيء لمن اقر له حتى يستوفي ارباب البينات فإن فضل كان لمن اقر له وان لم يقم ماله بما عليه لغرمائه ثم افاد مالا بديء ايضا بأصحاب الديون المستحقه بالبينه فإن فضل دفع الى الذين اقر لهم ومن فلس وقسم ماله بين غرمائه ولم يقم بما لهم عليه ثم داينه آخرون وفلس ثانية فالذين داينوه ثانية اولى بما في يديه ولا يدخل معهم الاولون فإن فضل شيء من حقوقهم تحاص فيهه الاولون وهذا الحكم فيما حصل في يده من معاملة الاخرين. فأما ملكه بهبه او ميراث أو أرش جناية او وصية فإن الاخرين والاولين فيه اسوة واذا وهب للمفلس هبة أو تصدق عليه بصدقة او اوصي له بوصية او وجبت له شفعة فيها ربح لم يجبر على قبول شيء من ذلك ان اباه وان اخذه طائعا فهو بين غرمائه وليس الميراث كذلك لانه يدخل في ملكه بغير قبول ومن فلس من رجل او امرأة لم يجز عفوه عن نصف الصداق ولا عن شيء منه والعبد المأذون له بالتجارة كالحر في التفليس يقسم ما في يده بين غرمائه ولا يحاص سيده غرماؤه بشيء مما استئجره به ولا سبيل لغرمائه على رقبته ولا على سيده الا ان يضمن شيئا عنه فيؤخذ به فإن باع منه سيده بيعا يشبه بياعات الناس وقامت له بذلك بينة ضرب مع الغرماء بدينه ذلك ومن أعتق عبده على مال ثم أفلس العبد قبل أدائه لم يحاص السيد بدينه غرماؤه وليس للغرماء بيع العبد المأذون له في ديونهم ولا لهم أن يمنعوا سيده من بيعه وأخذ ثمنه لنفسه دونهم ولا لهم أن يؤاجروه ليأخذوا أجرته ولا لهم في رقبته شيء وإنما لهم ذمته فمتى أفاد مالا قاموا عليه بديونهم وقسم ما وجد بيده بينم عند كل سيد يملكه وكذلك ان أعتق وإذا أدين العبد بغير إذن سيده وأفلس فلسيده ان يأخذ ما كان في يده ولا يلتفت إلى إقرار العبد فمن قامت له عليه بينة في شيء بعينه ووجد قائما أخذه وإلا فلا حق له في رقبة العبد واقرار العبد المفلس لسيده ولغير سيده لا يقبل وإن كان مأذونا له ولسيده ان يفسخ عن العبد ما أدان به بغير إذنه وإن لم يفسخه عنه السيد اتبعت به ذمته متى ما عتق ومن زرع زرعا فأصابته جائحة فاستقرض من رجل مالا فأنفقه عليهفلم يكفه ثم استقرض من آخر مالا فأنفقه عليه ثم أفلس فالثاني أحق بالزرع من الأول ثم الأول أحق بما بقي من سائر غرماء المفلس ولا يدخل الغرماء على من حاز شيئا من مال المفلس وصار بيده كالمكري منه دابته حتى تنقضي اجارته والقصار والصباغ والحمال كل واحد من هؤلاء أحق بما بقي في يده من الغرماء في الموت والفلس كالرهن سواء وكذلك الأجير في الزرع والحائط يقوم بأباره وتذليل عراجينه وتفجير مياهه وهو بمنزلة الصناع للتأثير الذى له في الزرع والنخل. وأما الراعي والدلال فهما في اجرتهما اسوة الغرماء ولا سبيل للراعي على الغنم ولا للدلال على السلعة وكذلك من استؤجر على حفظ شيء ليس هو أحق به في الموت ولا فلس وهو أسوة الغرماء فيما في يده على ذلك وصاحب الأرض إذا أفلس الزارع أحق بما في أرضه في الفلس دون الموت حتى يستوفي كراء أرضه ومن استأجر دارا لسنة ولم ينقد اجرتها وسكنها بعض السنة ثم أفلس أو مات فرب الدار أحق بما بقي من مدة الإجارة ويحاص غرماءه باجرة ما مضى وقال ابن القاسم تحاص المرأة غرماء زوجها إذا أفلس بصداقها في حياته ولا تحاصصهم بصداقها بعد مماته وسائر أصحاب مالك يرون أنها تحاصهم بصداقها في الموت والفلس ومن خلع من ماله لغرمائه ترك له ما يعيش به هو وعياله الشهر ونحوه ولا يباع ما على ظهره من كسوة إذا كانت كسوة مثله فإن زاد على كسوة مثله بيع الفضل ومن صح عدمه لم يسجن فإن سجن وثبت ذلك أطلق ومن أكثر العقود بأموال الناس مرة بعد مرة منع من الجلوس في أسواقهم ونودي عليه ليلا يغتر به وليس للمريض أن يقضي بعض غرمائه دون بعض كالمفلس الذي وقف الحاكم ماله. كل صغير فيحجر عليه حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد ويجب الحجر على السفيه المتلف لماله صغيرا كان أو كبيرا شيخا كان أو شبابا والسفيه أن يبذر ماله في المعاصي أو في الإسراف فأما أن يكون محرزا لماله غير مضيع له غير أنه فاسق مسرف على نفسه في الذنوب فهذا لا يجوز عليه بل ينطلق من الولاية لحسن نظره في ماله ولا بأس بالتجارة في مال اليتيم ولا ضمان على الوصي وإن كان الفضل لليتيم في خلط ماله معه جاز ذلك ومن أراد الحجر على ولده البالغ فليأت به الحاكم حتى يشهده عنده على حاله ويمنع الناس من مداينته ومعاملته وما باعه السفيه فبيعه باطل ويرد عليه ما باع ولا يرجع عليه بشيء من ثمنه ان كان أتلفه ومن دفع إلى محجور حر أو عبد بالغ أو صغير مالا أو شيئا فقد أتلفه على نفسه ان لم يدركه بعينه وكذلك أن أقرضه قرضا ولا يتبع المحجور بشيء من ذلك كله لا في حال سفهه ولا بعد حسن حاله ولا تتبع ذمته وانما للذى يعامله ما وجده عنده من عين ماله ويقضي للسفيه بعد رشده بالرجوع فيما باعه أيام سفهه كما يحكم له به قبل ويفسخ عند الحاكم ما أتلفه وأن أدرك بيده شيء أخذ منه والبكر وإن عنست بمنزلة المحجور حتى يبنى بها زوجها ويعلم صلاح حالها هذا تحصيل مذهب مالك ومن اصحابه من يخالف في ذلك وان دفع الوصي إلى المحجور شيئا من ماله ليختبره به فداين عليه فالدين باطل عن ماله وعن ذمته وعن مال الوصي وليس كالعبد اذا دفع غليه سيده مالا ليختبره به فهو مأذون له. وقد قيل انه إذا إذن الولي للسفيه في التجارة في مال بعينه فاستدان دينا فهو في ماله ذلك دون سائر ماله ولا يكون شيء من ذلك الدين في ذمة الوصي وولي السفيه مصدق فيما ذكر من نفقة اليتيم إذا كان ما يمكن ولا يصدق الوصي في رد مال اليتيم إليه بعد بلوغه الا ببينة تشهد له وإذا بلغ المحجور مبلغ الرجال وانس منه الرشد دفع إليه ماله وان طلب ترشيد نفسه سمع من بينته فإذا شهد له شهادة فيها بعض الاستفاضة بالرشد وحسن النظر والضبط لماله أطلق من الولاية وجاز أمره وفعله وان أطلقه وصيه بما بان له من حسن حاله ونظره وأشهد على ذلك جاز ونفذ ويوسع على الأيتام بالمعروف في أموالهم والله من فضله يرزقهم وغيرهم لا شريك له وينفق على أم اليتيم من ماله إذا كانت محتاجة وينفق عليه منه في تأديبة وتؤدي عنه منه زكاة الفطر وتخرج زكاته إذا وجبت وان ضحى عنه وصيه جاز ذلك وحمد له ان كانت له سعة ولا يجوز للمرأة ذات الزوج وان كانت رشيدة عند مالك وأصحابه ان تهب ولا تتصدق باكثر من ثلثها إلا بإذن زوجها فإن تصدقت بأكثر من ثلثها فزوجها بالخيار في غجازة ما زاد على الثلث من عطيتها أو رده وقد قيل له رد هبتها أو صدقتها كلها إذا زادت على ثلثها وكل وكل ذلك مذهب مالك وإلى هذا ذهب ابن القاسم فإن لم يعلم زوج المرأة بما أعطيته من مالها وذلك حتى ماتت أو طلق نفذ فعلها وصح وكذلك العبد عند مالك يتصدق أو يهب مما بيده من ماله فإن لم يعلم بذلك سيده حتى أعتقه ينفذ فعله. بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وصلى الله على ما لا نبي بعده ليس أخذ اللقطة بواجب عند مالك إلا أن يخاف ذهابها وتلفها ان تركها فإن كان كذلك أو كانت شيئا له بال أخذه ولم يتركه وان كان شيئا يسيرا فليتركه ومن التقط لقطة على الحرز لها ثم ردها إلى موضعها بعد أخذه لها فهو ضامن وان التقطها وهو يظنها لقوم يراهم أمامه فلحقهم فلم يتعرفها أحد منهم فهو مخير منهم فهو مخير بين امساكها وتعريفها وبين امساكها وتعريفها وبين ردها إلى الموضع الذى وجدها فيه ولا ضمان عليه وقد روي عنه ان كان يعرف رب اللقطة فحسن أن يأخذها وليس بواجب عليه وان لم يعرف ربها فله تركها وان كانت دنانير أو دراهم أو شيئا ذا بال فأخذها أحب إليه من تركها ومن التقط شيئا غير الحيوان ذهبا أو فضة أو ثوبا أو غير ذلك من العروض كلها والطعام الذى له بقاء وسائر الأموال غير الحيوان ولو درهما واحدا فإنه يلزمه تعريف ذلك سنة كاملة على أبواب المساجد والجوامع بالموضع الذى وجدها وبقربه ويشهرها فإن لم يعرفها أحد بعد انقضاء السنة فهو مخير بين تركها عنده باقية حتة يأتى ربها وبين الصدقة بها وبين أكلها إن كان محتاجا إليها. فإن جاء صاحبها وعرف علاماتها عفاصها وهو الخرقة ووكاءها وهو الخيط ونحو ذلك من اماراتها واستحقها أخذها ان وجدها والا كان مخيرا بين أن يجيز الصدقة بها وبين أن يضمنه اياها كما لو أهلكها وقد قيل ان الدرهم والدرهمين ونحو ذلك يعرف أياما ويعرف الدينار شهرا ونحوه وهذا عندى لا وجه له لأن السنة الواردة بتعريف اللقطة لم تفرق بين القليل والكثير من ذلك إذا كان مما له بقاء لا يلحقه تغير ولا فساد والله اعلم وتدفع اللقطة إلى متعرفها ان عرف عفاصها ووكاءها وان لم يعرف عدد دنانيرها ودراهمها ولا صفة سكتها ومن عرفها ثم حبسها على ربها فتلفت لم يكن عليه ضمانها ولو تنازعها رجلان فوصف أحدهما الدنانير والدراهم وذكر وزنها وعددها ووصف الآخر العفاص والوكاء والعدد والوزن وتداعياهما رفعا إلى الحاكم حتى يحلفهما ويقسمهما بينهما وان دفع الملتقط إلى من عرف عفاصها ووكاءها ثم جاء آخر يصفها فلا ضمان عليه لأنه قد دفعها بعد اجتهاده كما أمره ومن التقط طعاما لا بقاء له ولم يتعرفه أحد بحضرة وجوده فليس عليه ان يعرفه منتظرا لربه ولا يمسكه حتى يفسد ولكن هو مخير في الصدقة به أو أكله إن كان فقيرا محتاجا إليه فإن تعرفه ربه بعد ذلك ضمنه ان كان أكله وان كان تصدق به فربه مخير بين الأجر والضمان كسائر اللقطة وان تلف عنده فلا ضمان عليه وقد قيل انه لا ضمان عليه في شيء من الطعام الذي يسرع الفساد إليه كالشاة في الفلاة والاول أصح. وأما التافه النزر اليسير الحقير مثل التمرة والفتاتة والزبيبة فيؤكل ذلك ولا تبعة فيه ولو باع ماله بال وثمن من الطعام الذى لا بقاء له ووقف ثمنه لعل صاحبه يتعرفه كان حسنا ولا أحب لغني أكل شيء من اللقطة فإن أكله بعد الحول فلا حرج قال مالك وصاحبها أن استحقها بعد ذلك مخير على ما تقدم ذكره وأما الطعام الذي لا يسرع إليه الفساد ويحتمل الادخار من الحبوب كلها ويابس الفاكهة فسبيله سبيل غيره من اللقطة فإن حبسه بعد السنة زمانا فخشي عليه فيه التغيير وذهاب المنفعة فأكله أو تصدق به لخوف دخول الفساد والتلف عليه ثم تعرفه ربه فحكمه إذا آلت حاله غلى ما ذكرت لك حكم الطعام الذى لا بقاء له ويتعجل فساده ومن التقط شاة فى فلاة من الأرض حيث يخاف عليها السباع فلا تعريف عليه فيها عند مالك وهو مخير بين الصدقة بها أو أكلها أو تصدق بها ثم جاء ربها فلا ضمان عليه فيها عند مالك في المشهور عنه وقد قال بعض أصحابه انه يضمنها ان أكلها وهو قول جماعة من أهل العلم. وقد روي ذلك أيضا عن مالك ولو وجدها لحما قد ذبحها واجدها أخذ اللحم ان شاء ولو باعها ملتقطها نفذ البيع ولم يكن لربها نقضه وحسبه أخذ الثمن لأن ملتقطها قد احتاط واجتهد فيها وبيعه لها أحوط من أكلها ولو التقط الشاة بقرب القرى ضمها إلى أقرب القرى وعرفها فإن لم يتعرفها أحد دفعها إلى من يثق به فيحبسها لربها وبرىء منها وان شاء حبسها هو لربها وان تصدق بها عند اليأس من ربها مسكين كان حسنا والبقرة ان خيف عليها التلف من السبع أو عدم الكلاء فهي بمنزلة الشاة وان لم يخف ذلك عليها فهي بمنزلة البعير والبعير إذا وجد في الفلاة بموضع يرد فيه الماء ويأكل الكلاء والشجر فهو مخير في أخذه أو تركه فإن أخذه عرفه فإن لم يجد له طالبا رده إلى الموضع الذى وجده فيه ولو رفعه إلى الحاكم فباعه أو باعه هو بنفسه وحبس على ربه ثمنه كان وجها حسنا معمولا به وتعريف الضالة من الحيوان كله على قدر الاجتهاد ليس في ذلك عن مالك حد كحد اللقطة وواجدها إذا عرفها واجتهد في ذلك ولم تعرف تصدق بها ان شاء على أنه يضمنها وليس عليه رفع أمرها إلى الحاكم غلا أن لا يكون عدلا ويخاف عاقبة أمرها وما أنفقه الملتقط على اللقطة والضالة مما لا غنى لها عنه فهو على مستحقها والملتقط مصدق فيما ادعاه من النفقة إذا جاء بما يشبه فإن اتهم حلف وسواء انفق بإذن حاكم أو بغير إذنه وعلى ربها أن يؤدي إليه جميع ما أنفق إلا أن يشاء أن يسلم إليه ذلك الشيء الملتقط بما أنفق فلا يكون عليه غير ذلك تجاوزت النفقة قيمته أم لا وليس على من وجد آبقا أن يأخذه. فإن كان لجار أو لمن يعرفه فحسن أن يجوزه له وليس ذلك بواجب عليه ومن وجد آبقا دفعه إلى الحاكم فعرفه سنة وأنفق عليه من بيت المال أو من مال نفسه فإن لم يستحقه أحد باعه وأخذ ما أنفق عليه فإن فضل شيء حفظه لربه حتة يستحقه السنة قبل بيع الحاكم لم يكن عليه من النفقة أكثر من قيمته وبيع الحاكم فيه نافد بعد السنة لا يرده ربه فإن ادعى ربه انه كان قد اعتقه أو دبره قبل اباقه لم يقبل قوله ولم ينقض بيع الحاكم فيه إلا أن يأتى ببينة على ما ذكر فينقض البيع ومن أرسل آبقا بعدما أخذه فهو ضامن لقيمته ومن لم ينصب نفسه لأخذ الاباق والضوال فلا أجرة له من عرف بذلك أعطى أجرة مثله على قدر نصبه وما يستحق في حفظه وكذلك الذين يجمعون ما يلفظ البحر ان نصبوا أنفسهم لذلك والا فلا أجرة لهم ومثل ما يلفظ البحر شأن اللقطة لا يدفع الا بما تدفع له اللقطة ويرفع ذلك إلى الحاكم يتولى النظر فيه لربه وإذا التقط الصبي أو المجنون اللقطة فاستهلكها قبل السنة ضمنها في ماله ويضمنها العبد في رقبته يسلمه بها سيده أو يفتكه فإن استهلكها بعد السنة فهي في ذمته ان أعتق أتبع بها بسم الله الرحمن الرحيم.
|