الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد ***
وهي من أفضل تطوع البدن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [واعلموا أن من خير أعمالكم الصلاة] رواه ابن ماجة ولأن فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوع. وهي تنقسم أربعة أقسام: القسم الأول: السنن والرواتب وهي ثلاثة أنواع: النوع الأول: الرواتب مع الفرائض وآكدها عشر ركعات وذكرها ابن عمر قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح كانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحد حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين متفق عليه. وآكدها ركعتا الفجر قالت عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتي الفجر وقال: [ركعتا الفجر أحب إلي من الدنيا وما فيها] رواهما مسلم وقال: [صلوهما ولو طردتكم الخيل] رواه أبو داود ويستحب له تخفيفها لقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بفاتحة الكتاب؟ متفق عليه ويقرأ فيهما وفي ركعتي المغرب: {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} قال أبو هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} رواه مسلم وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في الركعتين بعد المغرب {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} رواه ابن ماجة ويستحب ركوعهن في البيت لحديث ابن عمر ولما روى رافع بن خديج قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عبد الأشهل فصلى المغرب في مسجدنا ثم قال: [اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم] رواه ابن ماجة قال أحمد: ليس هاهنا شيء آكد من الركعتين بعد المغرب يعني فعلها في البيت. ويستحب المحافظة على أربع قبل الظهر وأربع بعدها لما روت أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار] وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وعلى أربع قبل العصر لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [رحيم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا] رواه أبو داود. وعلى ست بعد المغرب لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى بعد المغرب ستا لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له عبادة اثنتي عشرة سنة] رواه الترمذي. وعلى أربع بعد العشاء لقول عائشة رضي الله عنها: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات رواه أبو داود.
النوع الثاني: الوتر وهو سنة مؤكدة لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره وروى أبو أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [الوتر حق فمن أحب أن يوتر بخمسة فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل] رواه أبو داود وحكي عن أبي أنه واجب لذلك والصحيح أنه ليس بواجب لأنه يصلي على الراحلة من غير ضرورة ولا يجوز ذلك في واجب. والكلام فيه في ثلاثة أشياء: وقته وعدده وقنوته. أما وقته فمن صلاة العشاء إلى صلاة الصبح لما روى أبو بصرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله زادكم صلاة فصلوها ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر] رواه الإمام أحمد وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة] متفق عليه. والأفضل فعله سحرا لقول عائشة: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى وتره إلى السحر متفق عليه فمن كان له تهجد جعل الوتر بعده ومن خشي أن لا يقوم أوتر قبل أن ينام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله ومن طمع أن يقوم من آخره فليوتر من آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل] رواه مسلم. فمن أوتر قبل النوم ثم قام للتهجد لم ينقض وتره وصلى شفعا حتى يصبح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا وتران في ليلة] وهذا حديث حسن ومن أحب تأخير الوتر فصلى مع الإمام التراويح والوتر قام إذا سلم الإمام فضم إلى الوتر ركعة أخرى لتكون شفعا ومن فاته الوتر حتى يصبح صلاه قبل الفجر لما ذكرنا متقدما. وأما عدده فأقله ركعة لحديث أبي أيوب وأكثره إحدى عشر يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة لما روت عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة متفق عليه وأدنى الكمال: ثلاث بتسليمتين لما روى ابن عمر أن رجلا سال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [افصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم] رواه الأثرم. فإن أوتر خلف الإمام تابعه فيما يفعله لئلا يخالفه قال أحمد: يعجبني أن يسلم في الركعتين وإن أوتر بثلاث لم يضيق عليه عندي. ويستحب أن يقرأ في الأولى بـ {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية: {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة: {قل هو الله أحد} لما روى أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} رواه أبو داود. وإن أوتر بخمس سردهن فلم يجلس إلا في آخرهن لأن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر في ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرهن متفق عليه وإن أوتر بتسع لم يجلس إلا بعد الثامنة ولم يسلم ثم جلس بعد التاسعة فتشهد وسلم وكذلك يفعل في السبع لما روى سعد بن هشام قال: قلت لعائشة: أنبئيني عن وتر رسول اله صلى الله عليه وسلم فقالت: كنا نعد كل سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه فيتسوك ويصلي تسع ركعات ولا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمد ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيحمد الله ويذكره ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشر ركعة يا بني فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين صنيعه في الأول رواه مسلم وأبو داود وفي حديثه: أوتر بسبع ركعات لم يجلس فيهن إلا في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة. وأما القنوت فيه فمسنون في جميع السنة وعنه: لا يقنت إلا في النصف الأخير من رمضان لأن أبيا كان يفعل ذلك حين يصلي التراويح وعن أحمد ما يدل على رجوعه قال في رواية المروذي: قد كنت أذهب إلى أنه في النصف الأخير من رمضان ثم إني قنت هو دعاء وخير ولأن ما شرع في الوتر في رمضان شرع من غيره كعدده ويقنت بعد الركوع لما روى أبو هريرة وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع رواه مسلم. ويقول في قنوته: ما روى الحسن بن علي قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: [اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت] رواه الترمذي وقال لا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئا أحسن من هذا وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في آخر الوتر: [اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ومعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك] رواه الطيالسي. وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت فقال: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك وهاتان سورتان من مصحف أبي وقال ابن قتيبة: نحفد نبادر وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع والجد بكسر الجيم أي: الحق لا اللعب وملحق بكسر الحاء لاحق وإن فتحها جاز. وإن قنت الإمام أمن من خلفه فإن لم يسمع قنوت الإمام دعا هو نص عليه. ويرفع يده في القنوت إلى صدره لأن ابن مسعود فعله وإذا فرغ أمر يديه على وجهه وعنه: لا يفعل والأولى أولى لأن السائب بن يزيد قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه رواه أبو داود.
وهي مستحبة لما روى أبو هريرة قال: أوصاني خليلي بثلاث صيام ثلاث أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام متفق عليه. وأقلها ركعتان لحديث أبي هريرة وأكثرها ثمان ركعات لما روت أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثمان ركعات فلم أر قط صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود متفق عليه. ووقتها إذا علت الشمس واشتد حرها لقوله عليه السلام: [صلاة الأوابين حين ترمض الفصال] رواه مسلم قال أبو الخطاب: يستحب المداومة عليها لحديث أبي هريرة ولقول عليه السلام: [من حافظ على شفعة الضحى غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر] أخرجه الترمذي ولأن أحب العمل إلى الله أدومه وقال غيره لا يستحب ذلك لقول عائشة: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قط متفق عليه ولأن فيه تشبيها بالفرائض.
منها التراويح وهو قيام رمضان وهي سنة مؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من صام رمضان وقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه] متفق عليه وقام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثلاث ليال ثم تركها خشية أن تفرض فكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر رضي الله عنه عليهم وهم أوزاع يصلون فجمعهم على أبي بن كعب قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة فالسنة أن يصلي بهم عشرين ركعة في الجماعة لذلك ويوتر الإمام بهم بثلاث ركعات لما روى مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في عهد عمر رضي الله عنه بثلاث وعشرين ركعة قال أحمد يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة] قال: ويقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس ولا يشق عليهم قال القاضي: لا تحتسب الزيادة على ختمة لئلا يشق عليهم ولا النقصان منها ليسمعهم جميع القرآن إلا أن يتفق جماعة يؤثرون الإطالة فلا بأس بها وسميت هذه تراويح لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربعة يستريحون. وكره أحمد التطوع بينها وقال: فيه عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كراهية عبادة وأبو الدرداء وعقبة بن عامر. ولا يكره التعقيب وهو أن يصلوا بعد التراويح نافلة في جماعة لأن أنسا قال: ما يرجعون إلا لخير يرجونه أو لشر يحذرونه وعنه: أنه يكره إلا أنه قول قديم قال أبو بكر: إن أخروا الصلاة إلى منتصف الليل أو آخره لم يكره رواية واحدة قال أحمد فإذا أنت فرغت من قراءة: {قل أعوذ برب الناس} فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع وادع وأطل القيام رأيت أهل مكة وسفيان بن عيينة يفعلونه واختلف أصحابنا في قيام ليلة الشك فأقامها القاضي لأن القيام تبع للصيام ومنعها أبو حفص العكبري لأن الأصل بقاء شعبان ترك ذلك في الصيام احتياطا ففيها يبقى على الأصل.
وهو مشروع في الليل والنهار وتطوع الليل أفضل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة الليل] وهو حديث حسن والنصف الأخير أفضل قال عمرو بن عبسة: قلت: يا رسول الله أي الليل أسمع؟ قال: [جوف الليل الأخير] رواه أبو داود وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه] متفق عليه. ويستحب للمجتهد أن يستفتح صلاته بركعتين خفيفتين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين] رواه مسلم. ويستحب أن يكون له ركعات معلومة يقرأ فيها حزبه من القرآن لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [أحب العمل إلى الله الذي يدوم عليه صاحبه وإن قل] متفق عليه. وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة رواه مسلم. وهو مخير إن شاء خافت وإن شاء جهر قالت عائشة: كل ذلك كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ربما أسر وربما جهر حديث صحيح إلا أنه إن كان يسمع ما ينفعه أو يكون أنشط له وأطيب لقلبه فالجهر أفضل وإن كان يؤذي أحدا أو يخلط عليه القراءة فالسر أولى فإن أبا سعيد قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: [ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة] رواه أبو داود.
ويستحب أن يختم القرآن في كل سبع لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عبد الله بن عمرو: [اقرأ القرآن في كل سبع] متفق عليه. ويحزبه أحزابا لما روى أوس بن حذيفة قال: قلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أبطأت علينا الليلة قال: [إنه طرأ علي حزبي فكرهت أن أجيء حتى أتمه] قال أوس: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن؟ قال: قالوا: ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاثة عشرة وحزب المفصل وحده رواه أبو داود.
وصلاة الليل مثنى مثنى لا يزيد على ركعتين لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [صلاة الليل مثنى مثنى] قيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: تسليم من كل ركعتين متفق عليه. وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس لأن تخصيص الليل بالتثنية دليل على إباحة الزيادة عليها في النهار. والأفضل التثنية لأنه أبعد فيها من السهو.
والتطوع في البيت أفضل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة] رواه مسلم ولأنه من عمل السر ويجوز منفردا وفي جماعة لأن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم كان منفردا وقد أم ابن عباس في التطوع مرة وحذيفة مرة وأنسا واليتيم مرة فدل على جواز الجميع.
وتجوز التطوع جالسا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة] رواه مسلم ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لأنه يستحب تطويله وتكثيره فسومح في ترك القيام تكثيرا له ويستحب أن يكون في حال القيام متربعا ليخالف حالة الجلوس ويثني رجليه حال السجود لأن حال الركوع كحال القيام وقال الخرقي: يثنيها في الركوع أيضا لأن ذلك يروى عن أنس وإن صلى على غير هذه الهيئة جاز وإذا بلغ الركوع فإن شاء قام ثم ركع لما روت عائشة قالت: لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية أو أربعين آية ثم ركع متفق عليه. وإن شاء ركع من قعود لما روت عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد رواه مسلم.
منها تحية المسجد لما روى أبو قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس] متفق عليه. ومنها صلاة الاستخارة قال جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة في القرآن يقول: [إذا هم أحدكم في الأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بمقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم إن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: من عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به] أخرجه البخاري.
وسجود التلاوة سنة للقارىء والمستمع لأن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة من غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لوضع جبهته متفق عليه ولا يسن للسامع على غير قصد لأن عثمان رضي الله عنه مر بقاص فقرأ سجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد وقال: إنما السجدة على من استمع. ويشترط كون التالي يصلح إماما للمستمع لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنك كنت إمامنا ولو سجدت لسجدنا] رواه الشافعي. ويسجد القارئ لسجود الأمي والقادر على القيام بالعجز عنه لأن ذلك ليس بواجب فيه ولا يقوم الركوع مقام السجود لأنه سجود مشروع فأشبه سجود الصلاة وإن كانت السجدة آخر السورة سجد ثم قام فقرأ شيئا ثم ركع وإن أحب قام ثم ركع من غير قراءة وإن شاء ركع في آخر السورة لأن السجود يؤتى به عقيب الركوع.
وسجود التلاوة غير واجب لأن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد منا أحد متفق عليه وقال عمر: يا أيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يكتبها الله علينا. وله أن يومئ بالسجود على الراحلة كصلاة السفر ويشترط له ما يشترط للنافلة ويكب للسجود تكبيرة واحدة في الصلاة وفي غيرها لأن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه ويرفع يديه في غير الصلاة لأنها تكبيرة افتتاح وإن كان في صلاة ففيها روايتان ويكبر للرفع منه لأنه رفع من سجود أشبه سجود الصلاة ويسلم إذا رفع تسليمة واحدة لأنها صلاة ذات إحرام فأشبهت صلاة الجنازة. وعنه: لا سلام له لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يفتقر إلى تشهد ولا يسجد فيه لسهو لأنه لا ركوع فيه أشبه صلاة الجنازة ولا يفتقر إلى قيام لأنه لا قراءة فيه ويقول فيه ما يقول في سجود الصلاة فإن قال ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن: [سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته] فحسن وهذا حديث صحيح فإن قال غيره مما ورد في الأخبار فحسن.
وسجدات القرآن أربع عشرة سجدة في (الحج) منها اثنتان وثلاث في المفصل وعنه: أنها خمس عشرة سجدة منها سجدة صلى الله عليه وسلم لما روى عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصل وسجدتان في الحج رواه أبو داود والصحيح أن سجدة صلى الله عليه وسلم ليست من عزائم السجود لما روى ابن عباس أنه قال: ليست صلى الله عليه وسلم من عزائم السجود رواه أبو داود. ومواضع السجدات واجبة بالإجماع إلا سجدات المفصل والثانية من الحج وقد ثبت ذلك في حديث عمرو وروى عقبة بن عامر أنه قال: يا رسول الله أفي الحج سجدتان؟ قال: [نعم ومن لم يسجدهما لا يقرأهما] رواه أبو داود وأول السجدات آخر الأعراف وفي الرعد عند قوله: {بالغدو والآصال} وفي النحل عند: {ويفعلون ما يؤمرون} وفي سبحان عند {يزيدهم خشوعا} وفي مريم عند: {خروا سجدا وبكيا} وفي الحج: الأولى عند: {يفعل ما يشاء} والثانية عند: {لعلكم تفلحون} وفي الفرقان عند: {وزادهم نفورا} وفي النمل عند: {العرش العظيم} وفي ألم تنزيل عند: {وهم لا يستكبرون} وفي {حم} عند: {وهم لا يسأمون} وفي آخر النجم عند: {إذا السماء انشقت} عند {لا يسجدون} وآخر {اقرأ} ويكره اختصار السجود وهو أن يجمع آيات السجدات فيقرأ في ركعة وقيل: أن يحذف آيات السجدات في قراءته وكلاهما مكروه لأنه محدث وفيه إخلال في الترتيب.
وسجود الشكر مستحب عند تجدد النعم لما روى أبو بكرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه شيء يسر به خر ساجدا وصفته وشروطه كصفة سجود التلاوة وشروطها ولا يسجد للشكر في الصلاة لأن سببه ليس منها فإن فعل بطلت كما لو سجد في الصلاة لسهو صلاة أخرى.
وإنما يشرع لجبر خلل الصلاة وهو ثلاثة أقسام: زيادة ونقص وشك. والزيادة ضربان: زيادة أقوال تتنوع ثلاثة أنواع: أحدها: أن يأتي بذكر مشروع في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود والجلوس والتشهد في القيام والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ونحوه فهذا لا يبطل الصلاة بحال لأنه ذكر مشروع في الصلاة ولا يجب له سجود لأن عمده غير مبطل وهل يسن السجود لسهره؟ فيه روايتان: إحداهما: يسن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين]. والثانية: لا يسن لأن عمده غير مبطل فأشبه العمل اليسير. الثاني: أن يسلم في الصلاة قبل إتمامها فإن كان عمدا بطلت صلاته لأنه تكلم فيها وإن كان سهوا وطال الفصل بطلت أيضا لتعذر بناء الباقي عليها وإن ذكر قريبا أتم صلاته وسجد بعد السلام فإن كان قد قام فعليه أن يجلس لينهض عن جلوس لأن القيام واجب للصلاة ولم يأت به قاصدا لها والأصل فيه ما روى أبو هريرة قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي فصلى ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فوضع يده عليها كأنه غضبان شبك بين أصابعه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى وخرج السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يكلماه وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين فقال له: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: [لم أنس ولم تقصر] فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم قال: فتقدم فصلى ما ترك من صلاته ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر متفق عليه. وإن انتقض وضوءه أو دخل في صلاة أخرى أو تكلم من غير شأن الصلاة كقوله: اسقني ماء فسدت صلاته وإن تكلم مثل كلام النبي صلى الله عليه وسلم وذي اليدين ففيه ثلاث روايات: إحداهن: لا تفسد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وذا اليدين تكلموا ثم أتموا صلاتهم. والثانية: لا تفسد صلاة الإمام لأن له أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم وتفسد صلاة المأموم لأنه لا يمكنه التأسي بأبي بكر وعمر لأنهما تكلما مجيبين للنبي صلى الله عليه وسلم وإجابته واجبة ولا بذي اليدين لأنه تكلم سائلا عن قصر الصلاة في زمن يمكن ذلك فيه فعذر بخلاف غيره واختارها الخرقي. والثالثة: تفسد صلاتهم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: [إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس] اختارها أبو بكر والأول أولى. النوع الثالث: أن يتكلم من صلب الصلاة فإن كان عمدا أبطل الصلاة إجماعا لما رويناه ولما روى زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه حتى نزلت: {وقوموا لله قانتين} فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام متفق عليه وإن تكلم ناسيا أو جاهلا بتحريمه ففيه روايتان: إحداهما: يبطلها لما روينا ولأنه من غير جنس الصلاة فأشبه العمل الكثير. والثانية: لا يفسدها لما روى معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم لكي أسكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال: [إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن] رواه مسلم فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة لجهله والناسي في معناه. وإن غلب بكاء فنشج بما انتظم حروفا لم تفسد صلاته نص عليه لأن عمر رضي الله عنه كان يسمع نشيجه من وراء الصفوف وإن غلط في القراءة وأتى بكلمة من غيره لم تفسد صلاته لأنه لا يمكنه التحرز منه. وإن نام فتكلم احتمل وجهين. أحدهما: لا تفسد صلاته لأنه عن غلبة أشبه ما تقدم. والثاني: أنهه ككلام الناسي وإن شمت عطاسا أفسدت صلاته لحديث معاوية وكذلك إن رد سلاما أو سلم على إنسان لأنه من كلام الآدميين فأشبه تشميت العاطس وإن قهقه بطلت صلاته لأن جابرا روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء] رواه الدارقطني. والكلام المبطل ما انتظم حرفين فصاعدا لأنه أقل ما ينتظم منه الكلام وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نفخ في الصلاة وتنحنح فيها وهو محمول على أنه لم يأت بحرفين أو لم يأت بحرفين مختلفين.
وهي ثلاثة أنواع: أحدهما: زيادة من جنس الصلاة كركعة أو ركوع أو سجود فمتى كان عمدا أبطلها وإن كان سهوا سجد له لما روى ابن مسعود قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم فقال: [ما شأنكم؟] قالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: [لا] قالوا: إنك صليت خمسا فانفتل وسجد سجدتين ثم سلم ثم قال: [إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين] وفي لفظ: [إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين] رواه مسلم. ومتى قام الرجل إلى ركعة زائدة فلم يذكر حتى سلم سجد للحال وإن ذكر قبل السلام سجد ثم سلم وإن ذكر في الركعة جلس على أي حال كان فإن كان قيامه قبل التشهد تشهد ثم سجد ثم سلم وإن كان بعده سجد ثم سلم وإن كان تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه ثم سجد وسلم.
وإذا سها الإمام فزاد أو نقص فعلى المأمومين تنبيهه لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فزاد أو نقص ثم قال ك [إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني] وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء] وفي لفظ: [التسبيح للرجال والتصفيق للنساء] متفق عليه. وإذ سبح به اثنان لزمه الرجوع إليهما لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول أبي بكر وعمر وأمر بتذكيره ليرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا وليس لهم اتباعه لبطلان صلاته فإن اتبعوه بطلت صلاتهم إلا أن يكونوا جاهلين فلا تبطل لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوا في الخامسة وإن فارقوه وسلموا صحت صلاته وذكر القاضي رواية أخرى أنهم يتابعونه استحبابا ورواية ثالثة أنهم ينتظرونه اختارها ابن حامد وإن كان الإمام على يقين من صواب نفسه لم يرجع لأن قولهما إنما يفيد الظن واليقين أولى وإن سبح به واحد لم يرجع نص عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجع بقول ذي اليدين وحده وإن سبح به من يعلم فسقه لم يرجعه لأن خبره غير مقبول وإن افترق المأمومون طائفتين سقط قولهم لتعارضه عنده وإن نسي التشهد الأول فسبحوا به بعد انتصابه قائما لم يرجع ويتابعونه في القيام لما روى زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم قوموا فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتين وسلم وقال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الإمام أحمد. وإن رجع بعد شروعه في القراءة لم يتابعوه لأنه خطأ فإن سبحوا به قبل قيامه لزمه الرجوع فإن لم يرجع تشهدوا لأنفسهم وتابعوه لأنه ترك واجبا تعين عليهم فلم يجز لهم اتباعه في تركه وإن ذكر التشهد قبل انتصابه فرجع إليه بعد قيام المأمومين وشروعهم في القراءة لزمهم الرجوع لأنه رجع إلى واجب فلزمهم متابعته ولا عبرة بها فعلوه قبله. النوع الثاني: زيادة من غير جنس الصلاة كالمشي والحك والتروح فإن كثر متواليا أبطل الصلاة إجماعا وإن قل لم يبطلها لما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع إذا قام حملها وإذا سجد وضعها متفق عليه وروي عنه أنه فتح الباب لعائشة وهو في الصلاة ولا فرق بين العمد والسهو فيه لأنه من غير جنس الصلاة ولا يشرع له سجود لذلك واليسير: ما شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيما رويناه ومثل تقدمه وتأخره في صلاة الكسوف والكثير: ما زاد على ذلك مما عد كثيرا في العرف فيبطل الصلاة إلا أن يفعله متفرقا. النوع الثالث: الأكل والشرب متى أتى بهما في الفريضة عمدا بطلت لأنهما ينافيان الصلاة والنافلة كالفريضة. وعنه: لا يبطلها اليسير والأولى أولى لأن ما أبطل الفريضة أبطل النافلة كالعمل الكثير وإن فعلها سهوا وكثر ذلك بطلت الصلاة لأنه عمل كثير وإن قل فكذلك لأنه من غير جنس الصلاة فسوى بين عمده وسهوه كالمشي. وعنه: لا يبطل لأنه سوى بين قليله وكثيره في العمد فعفي عنه في السهو كالسلام فعلى هذا يسجد له لأنه تبطل الصلاة بعمده وعفي عن سهوه فيسجد له كحنس الصلاة. ومن ترك في فيه ما يذوب كالسكر وابتلع ما يذوب منه فهو أكل وإن بقي في فمه أو بين أسنانه يسير من بقايا الطعام يجري به الريق فابتلعه لم تبطل صلاته لأنه لا يمكنه التحرز منه وإن ترك في فيه لقمة لم يبلعها لم تبطل صلاته لأنه عمل يسير ويكره لأنه يشغل عن خشوعها وقراءتها فإن لاكها فهو كالعمل وإن كثر أبطل وإلا فلا.
وهو ثلاثة أنواع: أحدها: ترك ركن كركوع أو سجود فإن كان عمدا أبطل الصلاة وإن كان سهوا فله أربعة أحوال: أحدها: لم يذكره حتى سلم وطال الفصل فتفسد صلاته لتعذر البناء مع طول الفصل. الثاني: ذكره قريبا من التسليم فإنه يأتي بركعة كاملة لأن الركعة التي ترك الكن منها بطلت بتركه والشروع في غيرها فصارت كالمتروكة. الثالث: ذكر المتروك قبل شروعه في قراءة الركعة الأخرى فإنه يعود فيأتي بما تركه ثم يبني على صلاته: فإن سجد سجدة ثم قام قبل جلسة الفصل فذكر جلس للفصل ثم سجد ثم قام وإن ترك السجود وحده سجد ولم يجلس لأنه لم يتركه ولو جلس للاستراحة لم يجزئه عن جلسة الفصل لأنه نوى بجلوس النفل فلم يجزئه عن الفرض كمن سجد للتلاوة لم يجزئه عن سجود الصلاة ويسجد للسهو فإن لم يعد إلى فعل ما تركه فسدت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا إلا أن يكون جاهلا. الحال الرابع: ذكر بعد شروعه في قراءة الفاتحة في ركعة أخرى فتبطل الركعة التي ترك ركنها وحدها ويجعل الأخرى مكانها ويتم صلاته ويسجد قبل السلام. وإن ترك ركنين مع ركعتين أتى بركعتين مكانها. وإن ترك أربع سجدات من أربع ركعات وذكر وهو في التشهد سجد سجدة تصح له الركعة الرابعة ويأتي بثلاث ركعات ويسجد للسهو وعنه: أن صلاته تبطل لأنه يفضي إلى عمل كثير غير معتد به. وإن ذكر وهو في التشهد أنه ترك سجدة من الرابعة سجد في الحال ثم تشهد وسجد للسهو فإن لم يعلم من أي الركعات تركها جعل من ركعة قبلها ليلزمه ركعة وإن ذكر في الركعة أنه ترك ركنا لم يعلم أركوع هو أم سجود؟ جعله ركوعا ليأتي به ثم بما بعده كي لا يخرج من الصلاة على شك. النوع الثاني: ترك واجب غير ركن عمدا كالتكبير غير تكبيرة الإحرام وتسبيح الركوع والسجود بطلت صلاته إن قلنا بوجوبه وإن تركه سهوا سجد للسهو قبل السلام لما روى عبد الله بن مالك ابن بحينة قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فقام في الركعتين فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم متفق عليه فثبت هذا بالخبر وقسنا عليه سائر الواجبات وإن ذكر التشهد قبل انتصابه قائما رجع فأتى به وإن ذكر بعد شروعه في القراءة لم يرجع لذلك لأنه تلبس بركن مقصود فلم يرجع إلى واجب وإن ذكره بعد قيامه وقبل شروعه في القراءة لم يرجع أيضا لذلك لما روى المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائما جلس فإن استتم قائما لم يجلس وسجد سجدتي السهو] رواه أبو داود. وقال أصحابنا: وإن رجع في هذه الحالة لم تفسد صلاته ولا يرجع إلى غيره من الواجبات لأنه لو رجع إلى الركوع لأجل تسبيحة لزاد ركوعا في صلاته وأتى بالتسبيح في ركوع غير مشروع. النوع الثالث: ترك سنة فلا تبطل الصلاة بترها عمدا ولا سهوا ولا سجود عليه لأنه شرع للجبر فإن لم يكن الأصل واجبا فجبره أولى ثم إن كان المتروك من سنن الأفعال لم يشرع له السجود لأنه يمكن التحرز منه وإن كان من سنن الأقوال ففيه روايتان: أحدهما: لا يسن له السجود كسنن الأفعال. والثانية: يسن لقول عليه السلام: [إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين].
وفيه ثلاث مسائل: إحداهن: شك في عدد الركعات ففيه ثلاثة روايات: إحداهن: يبني على غالب ظنه ويتم صلاته ويسجد بعد السلام لما روى ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين] متفق عليه وللبخاري: (بعد التسليم). الثانية: يبني على اليقين لما روى أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أو أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان] رواه مسلم. والرواية الثانية: يبني الإمام على غالب ظنه والمنفرد على اليقين لأن للإمام من يذكره إن غلط فلا يخرج منها على شك والمنفرد يبني على اليقين لأنه لا يأمن الخطأ وليس له من يذكره فلزمه البناء على اليقين كيلا يخرج من الصلاة شاكا فيها وهذا ظاهر المذهب. المسألة الثانية: شك في ركن من الصلاة فحكمه حكم تاركه لأن الأصل عدمه. المسألة الثالثة: شك فيها يوجب سجود السهو من زيادة أو ترك واجب ففيه وجهان: أحدهما: لا سجود عليه لأن الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك. والثاني: إن شك في زيادة لم يسجد لأن الأصل عدمها وإن شك في ترك واجب لزمه السجود لأن الأصل عدمه وإنما يؤثر الشك إذا وجد في الصلاة فإن شك بعد سلامها لم يلتفت إليه لأن الظاهر الإتيان بها على الوجه المشروع لأن ذلك يكثر فيشق الرجوع إليه فسقط وهكذا الشك في سائر العبادات بعده فراغه منها.
وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به ولأنه شرع لجبر واجب فكان واجبا كجبرانات الحج وجميعه قبل السلام لأنه من تمامها وشأنها فكان قبل سلامها كسجود صلبها إلا في ثلاث مواضع: أحدها: إذا سلم من نقصان في صلاته سجد بعد السلام لحديث ذي اليدين. الثاني: إذا بنى على غالب ظنه سجد بعد السلام لحديث ابن مسعود. الثالث: إذا نسي السجود قبل السلام سجده بعده لأنه فاته الواجب فقضاه وعن أحمد: أن جميعه قبل السلام إلا أن ينساه قبل أن يسلم. وعنه: ما كان من زيادة فهو بعد السلام لحديث ذي اليدين وما كان من نقصان أو شك كان قبله لحديث ابن بحينة وابن سعيد فمن سجد قبل السلام جعله بعد فراغه من التشهد لحديث ابن بحينة: فيكبر للسجود والرفع منه ويسجد سجدتين كسجدتي صلب الصلاة ويسلم عقيبها وإن سجد بعد السلام كبر للسجود والرفع منه لحديث ذي اليدين ويتشهد ويسلم لما روى عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد وسلم وهذا حديث حسن ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد كسجود صلب الصلاة فإن نسي السجود فذكره قبل طول الفصل سجد وإن تكلم. وقال الخرقي: يسجد ما لم يخرج من المسجد وإن تكلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام رواه مسلم. وإن نسيه حتى طال الفصل أو خرج من المسجد على قول الخرقي سقط وعنه: يعيد الصلاة. وقال أبو الخطاب: إن ترك المشروع قبل السلام عامدا بطلت صلاته لأنه ترك واجبا فيها عمدا وإن ترك المشروع بعد السلام عمدا أو سهوا لم تبطل صلاته لأنه ترك واجبا ليس منها فلم تبطل تبركه كجبرانات الحج.
فإن سها سهوين محل سجودهما واحد كفاه أحدهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين] ولأن السجود إنما أخر ليجمع السهو كله ولولا ذلك فعله عقيب السهو لأنه سببه وإن كان أحدهما قبل السلام الآخر بعده ففيه وجهان: أحدهما: يجزئه سجود واحد لذلك ويسجد قبل السلام لأنه أسبق وآكد ولم يسبقه ما يقوم مقامه فلزمه الإتيان بخلاف الثاني. والثاني: يأتي بهما في محلهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [لكل سهو سجدتان] رواه أبو داود.
وليس على المأموم سجود لسهوه فإن سها إمامه فعليه السجود معه لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ك [ليس على من خلف الإمام سهوا فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه] رواه الدارقطني ولأن المأموم تابع لإمامه فلزمه متابعته في السجود وفي تركه. ويسجد المسبوق مع إمامه في سهوه الذي لم يدركه فإن كان السجود بعد السلام لم يقم المسبوق حتى يسجد معه. وعنه: لا سجود عليه هاهنا والأول المذهب فإن قام ولم يعلم فسجد الإمام رجع فسجد معه إن يكن استتم قائما وإن استتم قائما مضى ثم سجد في آخر صلاته قبل سلامه لأنه قام عن واجب فأشبه تارك التشهد الأول وإن سجد مع الإمام ففيه روايتان: إحداهما: يعيد السجود لأن محله آخر الصلاة وإن سجد مع إمامه تبعا فلم يسقط المشروع في محله كالتشهد. والثانية: لا يسجد لأنه قد سجد وانجبرت صلاته وإن لم يسجد مع إمامه سجد وجها واحدا. وإن ترك الإمام السجود فهل يسجد المأموم؟ فيه روايتان: إحداهما: يسجد لأن صلاته نقضت بسهو إمامه ولم يجبرها فلزمه جبرها. والثانية: لا يسجد لأنه إنما يسجد تبعا فإن لم يوجد المتبوع لم يجب التبع.
والنافلة كالفريضة في السجود لعموم الأخبار ولأنها في معناها ولا يسجد لسهو في سجود السهو لأنه يفضي إلى التسلسل ولا في صلاة جنازة لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى ن لا يسجد لفعل عمد لأن السجود سجود للسهو ولأن العمد إن كان لمحرم أفسد الصلاة وإن كان من غيره فلا عذر عليه والسجود إنما شرع في محل العذر.
ومن أحدث عمدا بطلت صلاته لأنه أخل بشرطها عمدا وإن سبقه الحدث أو طرأ عليه ما يفسد طهارته كظهور قدمي الماسح وانقضاء مدة المسح ومن به سلس لبول بطلت صلاته. وعنه فيمن سبقه الحدث: يتوضأ ويبني وهذه الصورة في معناها والمذهب الأول لأن الصلاة لا تصح من محدث في عمد ولا سهو وله أن يستخلف من يتم به الصلاة. وعنه: ليس له ذلك لأن صلاته باطلة والمذهب الأول لأن عمر رضي الله عنه حين طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة فلم ينكره أحد فكان إجماعا وإن لم يستخلف فاستخلف الجماعة لأنفسهم أو صلوا وحدانا جاز. قال أصحابنا: وله استخلف من لم يكن معه في الصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة أبي بكر ولم يكن معه فأخذ من حيث انتهى إليه أبو بكر فإن كان مسبوقا ببعض الصلاة فتمت صلاة المأمومين قبله وجلسوا يتشهدون وقام هو فأتم صلاته ثم أدركهم فسلم بهم ولا يسلمون قبله لأن الإمام ينتظر المأمومين في صلاة الخوف فالمأمومون أولى بانتظاره.
يكره الالتفات لغير حاجة لأن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل وهو في الصلاة فقال: [هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة الرجل] حديث صحيح ولا تبطل الصلاة به ما لم يستدر بجملته أو يستدبر القبلة. ولا يكره للحاجة لأن سهل بن الحنظلية قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب قال: وكان بعث أنس بن أبي مرثد طليعة رواه أبو داود. وقال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره رواه النسائي ويكره رفع البصر لما روى البخاري أن أنسا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم- فاشتد قوله في ذلك حتى قال- لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم [ويكره أن يصلي ويده على خاصرته] لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرا متفق عليه ويكره أن يكف شعره أو ثيابه أو يشمر كميه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف شعرا ولا ثوبا] متفق عليه ويكره أن يصلي معقوصا أو مكتوفا لما روي أن ابن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص فحله وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [إنما مثل هذا مثل الذي يصلي مكتوف] رواه الأثرم. ويكره أن يشبك أصابعه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج بين أصابعه رواه ابن ماجة ويكره فرقعة الأصابع لما روي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة] رواه ابن ماجة ويكره التروح لأنه من العبث ويكره أن يعتمد على يده في الجلوس لما روى ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل وهو يعتمد على يديه رواه أبو داود ويكره مسح الحصى لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا قام أحدكم في الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى] من المسند ويكره أن يكثر الرجل مسح جبهته لقول ابن مسعود: إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل أن يفرغ من الصلاة ويكره النظر إلى ما يلهيه لما روت عائشة قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام فقال: [شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم بن حذيفة وائتوني بأنبجانيته] متفق عليه ويكره أن يصلي وبين يديه ما يلهيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: [أميطي عنا قرامك هذا فإنه ما تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي] رواه البخاري ويكره كثرة التميل لقول عطاء: إني لأحب أن يقل فيه التحريك وأن يعتدل قائما على قدميه إلا أن يكون إنسانا كبيرا لا يستطيع ذلك فأما التطوع فإنه يطول على الإنسان فلا بد من التوكي على هذا مرة وعلى هذا مرة وكان ابن عمر رضي الله عنه لا يفرج بين قدميه ولا يمس إحداهما الأخرى ولكن بين ذلك ويكره تغميض العين نص عليه أحمد رضي الله عنه وقال: هو من فعل اليهود ويكره العبث كله وما يذهب بخشوع الصلاة ولا تبطل الصلاة بشيء من هذا إلا ما كان عملا كثيرا.
ولا بأس بعد الآي والتسبيح لأنه روي عن طاوس والحسن وابن سيرين ولا بأس بقتل الحية والعقرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب وإن قتل القملة فلا بأس فإن عمر رضي الله عنه كان يقتل القمل في الصلاة. رواه سعيد. قال القاضي: والتغافل عنها أولى ولا بأس بالعمل اليسير للحاجة لما قدمنا.
فإن تثاءب في الصلاة استحب له أن يكظم فإن لم يقدر وضع يده على فمه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع] وفي رواية: [فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل] وهذا حديث حسن صحيح وإن بدره البصاق بصق عن يساره أو تحت قدمه فإن كان في المسجد بصق في ثوبه وحك بعضه ببعض لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فأقبل على الناس فقال: [ما بال أحدكم يقوم مستقبل القبلة فيتنخع أمامه أيحب أن يستقبل فيتنخع في وجهه وإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا] ووصف القاسم: فتفل في ثوبه ومسح بعضه على بعض وإن سلم على المصلي رد بالإشارة لما روى جابر قال: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني وقال: [إنك سلمت علي آنفا وأنا أصلي] متفق عليه.
|