الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.كِتَابُ الْجِنَايَاتِ: .في الْعَبْدِ يَقْتُلُ رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ فيعْفُو أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ جَمِيعُ الْعَبْدِ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَى، إنْ دَفَعَ سَيِّدُهُ نِصْفَ الدِّيَةِ إلَى أَخِيهِ جَازَ لَهُ مَا صَنَعَ، وَإِنْ أَبَى كَانَ الَّذِي عَفَا بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى رَدَّهُ. فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَقْتُلَا الْعَبْدَ قَتَلَا، وَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَعْفُوَا عَفَوَا، فَإِنْ عَفَوَا كَانَ السَّيِّدُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَنْ يَفْتَدِيَهُ بِالدِّيَةِ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسْلِمَهُ إلَيْهِمَا أَسْلَمَهُ. وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا: إنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَخِيهِ في نِصْفِ الْعَبْدِ فيكُونُ بَيْنَهُمَا لِشَرِكَتِهِمَا في الدَّمِ. .في الْعَبْدِ يَقْتُلُ رَجُلًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ فيعْفُو أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَبْدُ وَزِيَادَةُ عَبْدٍ آخَرَ: قَالَ: يُخَيَّرُ السَّيِّدُ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفَ الدِّيَةِ تَمَّ مَا صَنَعَ، وَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الَّذِي عَفَا. فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَ إلَى أَخِيهِ نِصْفَ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ فَقَطْ فيكُونُ بَيْنَهُمَا تَمَّ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَى رَدَّ الْعَبْدَيْنِ وَقَتَلَ الْقَاتِلَ إنْ أَحَبَّ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْوَلِيَّ يَدْخُلُ عَلَى أَخِيهِ في الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُمَا ثَمَنٌ لِلدَّمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ جُلِّ الرُّوَاةِ. .في الْعَبْدِ يَقْتُلُ رَجُلًا خَطَأً فيعْتِقُهُ سَيِّدُهُ وَقَدْ عَلِمَ بِالْقَتْلِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُسْأَلُ السَّيِّدُ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ - حِينَ أَعْتَقَهُ - حَمْلَ الْجِنَايَةِ عَنْ الْعَبْدِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ قَالَ: مَا أَعْتَقْتُهُ إلَّا وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنْ الرِّقِّ، وَتَكُونُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ يَحْمِلُهَا هُوَ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ. فَإِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَا أَعْتَقَهُ إلَّا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ، وَمَا أَرَادَ أَنْ يَحْمِلَهَا عَنْهُ رُدَّ الْعِتْقُ. فَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ يَكُونُ قَدْرَ الْجِنَايَةِ - أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ في الْجِنَايَةِ وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَدَرَ الْعَبْدُ عَلَى مَنْ يُعِينُهُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ إذَا أَعَانُوهُ بِمَالٍ قَدْرِ الْجِنَايَةِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَجْرَحُ رَجُلًا حُرًّا ثُمَّ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ بَعْدَمَا جَرَحَ، فيرِيدُ الْمَجْرُوحُ أَنْ يَعْقِلَ السَّيِّدُ الْجُرْحَ فيقُولَ السَّيِّدُ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ دِيَةَ الْجُرْحِ تَلْزَمُنِي إذَا أَعْتَقْته وَمَا أَرَدْت إلَّا حِرْزَ رَقَبَتِهِ. قَالَ: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ، مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ عَنْهُ. فَإِذَا حَلَفَ رَأَيْتُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَكُونُ فيهِ كَفَافُ دِيَةِ الْجُرْحِ، رَأَيْتُ أَنْ يُؤْخَذَ في ذَلِكَ مَالُهُ وَيَعْتِقَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَوَجَدَ أَحَدًا يُعِينُهُ في ذَلِكَ وَيَحْمِلُ عَنْهُ ذَلِكَ تُلُوِّمَ لَهُ في ذَلِكَ. فَإِنْ جَاءَ بِهِ عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَلَا مِمَّنْ يُرْجَى عَوْنُهُ، وَكَانَ في رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الْجُرْحِ، بِيعَ بِقَدْرِ الْجُرْحِ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ في ثَمَنِهِ فَضْلٌ، أُسْلِمَ إلَيْهِ كُلُّهُ وَبَطَلَ الْعِتْقُ، فَهُوَ الَّذِي فَسَّرَ لِي مَالِكٌ. .في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً ثُمَّ يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ وَقَدْ عَلِمَ بِجِنَايَتِهِ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةَ إذَا أَبَى السَّيِّدُ الْبَائِعُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ، أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ دِيَةَ الْجِنَايَةِ، أَنْ يُجِيزُوا الْبَيْعَ وَيَأْخُذُوا الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَإِلَّا فَسَخُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الْعَبْدَ، إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ إنْ هُوَ افْتَكَّهُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَعْلَمَهُ السَّيِّدُ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ حِينَ بَاعَهُ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. قَالَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ في الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَهُوَ كَعَيْبٍ ذَهَبَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ لَمْ يُجِزْ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَفْتَكَّهُ السَّيِّدُ وَأَرَادُوا فَسْخَ الْبَيْعِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا أُعْطِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَأَتَمَسَّكُ بِبَيْعَتِي، كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا افْتَكَّهُ بِهِ أَوْ مِنْ الثَّمَنِ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَقُولُ: إذَا لَمْ يَفْتَكَّهُ الْبَائِعُ فَالْجِنَايَةُ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ بِهَا مَرْهُونٌ. فَأَهْلُ الْجِنَايَةِ أَوْلَى بِفَضْلِهَا، كَالسَّيِّدِ لَوْ أَعْتَقَهُ وَالْجِنَايَةُ فيهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ، كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ رَهْنٌ لَهُمْ بِالْجِنَايَةِ وَالسَّيِّدُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الِافْتِكَاكُ، فَصَارَتْ رَقَبَتُهُ وَمَالُهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ، فَهُمْ أَوْلَى بِفَضْلِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ في هَذَا الْمَعْنَى: إنْ أَبَى السَّيِّدُ افْتِكَاكَ الْعَبْدِ وَقَدْ أُعْتِقَ أَخَذَ مَالَهُ، إنْ كَانَ الْعَبْدُ فيهِ وَفَاءٌ لِلْجِنَايَةِ وَعَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيهِ وَفَاءٌ وَكَانَ لَهُ أَحَدٌ يُعِينُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ بِمَا يُتِمُّ بِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَتَقَ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ. فَإِنْ كَانَ يَبْقَى مِنْ رَقَبَتِهِ شَيْءٌ بَعْدَ تَمَامِ الْجِنَايَةِ فيعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ رَقِيقٌ لَهُمْ. .في عَبْدٍ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى حُرٍّ فَلَمْ يَقُمْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ حَتَّى قُتِلَ الْعَبْدُ: قَالَ: نَعَمْ، لَهُمْ قِيمَتُهُ كُلُّهَا إلَّا أَنْ يَفْتَكَّ الْقِيمَةَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، لِأَنَّ مَالِكًا، قَالَ في الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ثُمَّ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ خَطَأً: إنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ عَمْدًا أَوْلَى بِدِيَتِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ. .في عَبْدٍ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَقُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً قَتَلَهُ عَبْدٌ لِرَجُلٍ: قَالَ: سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا أَوْلَى بِقِيمَةِ عَبْدِكَ إلَّا أَنْ تَفْتَكَّهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا، فيكُونُ لَكَ قِيمَةُ عَبْدِكَ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَتَلَ عَبْدَكَ قَتَلَهُ عَمْدًا أَيْضًا، كَانَ لَكَ أَنْ تُرْضِيَ سَيِّدَ الْعَبْدِ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا وَتَقْتُلَ قَاتَلَ عَبْدِكَ إنْ شِئْتَ، وَإِنْ شِئْتَ اسْتَحْيَيْتَهُ وَأَخَذْتَهُ إلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةِ عَبْدِكَ. فَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تُعْطِيَ سَيِّدَ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا قِيمَةَ عَبْدِهِ، أَوْ أَبَى هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الْقِيمَةَ، كَانَ أَوْلَى بِقِيمَةِ عَبْدِكَ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَحْيَاهُ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ كَانَ الْأَمْرُ إلَى عَمَلِ الْخَطَأِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْأَحْرَارِ: إنَّ الْحُرَّ إذَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقُتِلَ الْقَاتِلُ عَمْدًا أَيْضًا: إنَّهُ يُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ: اُرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الَّذِي قَتَلَهُ وَلِيُّكُمْ، فَإِنْ أَرْضَوْهُمْ كَانُوا أَوْلَى بِقَاتِلِ صَاحِبِهِمْ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَحْيَوْهُ. وَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ أَسْلَمُوا قَاتَلَ صَاحِبِهِمْ وَبَرِئُوا مِنْهُ، وَكَانَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْلَى بِهِ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَحْيَوْهُ، فَهَكَذَا الْعَبِيدُ عِنْدِي مِثْلُ الْأَحْرَارِ. .(في الْعَبْدِ يَقْتُلُ قَتِيلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا): قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا قَتَلَ قَتِيلًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا قَالَ: يُقَالُ لِسَيِّدِهِ: ادْفَعْ نِصْفَ الْعَبْدِ أَوْ افْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا في يَدَيَّ عَارِيَّةٌ أَوْ وَدِيعَةً أَوْ رُهِنَ بِإِجَارَةٍ، جَنَى جِنَايَةً - وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ - فَفِدْيَتُهُ مِنْ الْجِنَايَةِ ثُمَّ قَدِمَ مَوْلَاهُ؟ فَقَالَ: يُقَالُ لِمَوْلَاهُ: إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ إلَيْهِ هَذَا جَمِيعَ مَا فَدَى بِهِ وَخُذْ عَبْدَكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَسْلِمْهُ إلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْدِهِ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ لَقِيلَ لَهُ هَذَا الْقَوْلُ وَهَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ قَتَلَ عَبْدِي قَتِيلَيْنِ عَمْدًا فَعَفَا أَوْلِيَاءُ أَحَدِ الْقَتِيلَيْنِ، أَيُّ شَيْءٍ يُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ؟ أَيُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ جَمِيعَ الْعَبْدِ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ؟ أَمْ يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ كُلِّهَا؟ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ. .في الْعَبْدِ يَجْرَحُ رَجُلًا حُرًّا فَبَرِأَ مِنْ جِرَاحَتِهِ فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ انْتَفَضَتْ الْجِرَاحَاتُ فَمَاتَ: قَالَ: إذَا مَاتَ مِنْهَا أَقْسَمَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ، فَإِذَا أَقْسَمُوا، فَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ عَمْدًا قِيلَ لَهُمْ: إنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ فَاسْتَحْيُوهُ، فَإِنْ اسْتَحْيَوْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ خَطَأً، يُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: ادْفَعْ عَبْدَكَ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ أَخَذَ مَا كَانَ دَفَعَ إلَى الْمَقْتُولِ، وَإِنْ فَدَاهُ صَارَ لَهُ في الْفِدَاءِ بِمَا دَفَعَ إلَى الْمَقْتُولِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَهُ لِي مَالِكٌ في الْحُرِّ، وَهَذَا في الْعَبْدِ عِنْدِي مِثْلُهُ. .في عَبْدَيْنِ لِرَجُلٍ قَتَلَا رَجُلًا خَطَأً فَقَالَ: أَنَا أَدْفَعُ أَحَدَهُمَا وَأَفْدِي الْآخَرَ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْعَبِيدِ إذَا قَتَلُوا حُرًّا خَطَأً أَوْ جَرَحُوا إنْسَانًا: إنَّهُمْ مُرْتَهَنُونَ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ الْمَجْرُوحِ، وَتُقَسَّمُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَدِيَةُ الْجُرْحِ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ أَرْبَابِ الْعَبِيدِ أَنْ يُسْلِمَ أَسْلَمَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْتَكَّ افْتَكَّ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدِّيَةِ - كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ - لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ عُشْرُ الدِّيَةِ غَرِمَ عُشْرَ الدِّيَةِ وَحَبَسَ عَبْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ النِّصْفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَبْدَهُ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ الدِّيَةِ. وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مَالِكٌ في الْأَرْبَابِ - أَرْبَابِ الْعَبِيدِ - إذَا كَانُوا شَتَّى أَوْ كَانَ رَبُّهُمْ وَاحِدًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ ذَلِكَ عِنْدَنَا - إنَّهُ إنْ كَانَ أَرْبَابُهُمْ وَاحِدًا: إنَّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَدْفَعَ مَنْ شَاءَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فيهِ غَيْرُ مَرَّةٍ مَالِكٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فيهِ قَطُّ. .في الْعَبْدِ تُفْقَأُ عَيْنَاهُ أَوْ تُقْطَعُ يَدَاهُ: قَالَ: يَضْمَنُهُ الْجَارِحُ وَيُعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا أَبْطَلَهُ هَكَذَا. فَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلَ فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَدْعِ أُذُنٍ أَوْ قَطْعِ أُصْبُعٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هُوَ رَأْيِي، وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّهُ قَالَ: يُسَلَّمُ إلَى الَّذِي صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ فيعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي إذَا أَبْطَلَهُ. .في الْأَمَةِ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ فيجْنِي أَحَدُهُمَا جِنَايَةً: قَالَ: نَعَمْ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ في قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ أَنْ يُبْقِيَا الْأُمُّ وَالْوَلَدَ جَمِيعًا وَلَا يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَعَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ قِيمَةُ الْعَبْدِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ وَوَلَدُهَا صَغِيرٌ فَجَنَى وَلَدُهَا أَوْ جَنَتْ هِيَ جِنَايَةً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَ الَّذِي جَنَى بِجِنَايَتِهِ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ، وَيُجْبَرَانِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَهُمَا كَمَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فيقَسِّمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدِي جَرَحَ رَجُلًا فَقَطَعَ يَدَهُ وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ جِرَاحَاتِهِمْ. قُلْت: فَإِنْ اسْتَهْلَكَ أَمْوَالًا حَاصَّ أَهْلَ الْجِرَاحَاتِ في الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ في قَوْلِ مَالِكٍ. .(في عَبْدٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً أَوْ فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ خَطَأً): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا خَطَأً أَوْ فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْ جِنَايَتِهِ في الْعَقْلِ فَأَدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ مَنْ الْعَبْدِ وَلَا أَفْدِيهِ؟ قَالَ: يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَافِدِ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ شَرِيكًا في الْعَبْدِ - هُوَ وَالْمَجْنِيّ عَلَيْهِ - في الْعَيْنِ، يَكُونُ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ ثُلُثَا الْعَبْدِ، وَهُوَ رَأْيِي وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلَيْنِ - وَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ - فَأَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَفْدِيَ نِصْفَهُ بِدِيَةِ أَحَدِهِمَا وَيُسْلِمَ نِصْفَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ جَمِيعَهُ بِالدَّيْنِ أَوْ يُسْلِمَهُ، لِأَنَّ وَارِثَ الدِّيَتَيْنِ جَمِيعًا وَاحِدٌ فَهِيَ كُلُّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ. .(في الْعَبْدِ يَقْتُلُ رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَقُلْت: أَنَا أَفْدِي حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَأَدْفَعُ حِصَّةَ الْآخَرِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَرَى لَهُ أَنْ يَفْدِيَ نَصِيبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِي إذَا جَنَتْ جِنَايَةً فَجُنِيَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ فيهَا فَأَخَذْتُ لَهَا أَرْشًا، مَا يَكُونُ عَلَيَّ؟ أَقِيمَتُهَا مَعِيبَةً أَمْ قِيمَتُهَا صَحِيحَةً؟ قَالَ: بَلْ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً يَوْمَ يَنْظُرُ فيهَا مَعَ الْأَرْشِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً مَعَ مَا أَخَذَ مِنْ الْأَرْشِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ لَهُ سَيِّدُهُ أَرْشًا، أَنَّهُ يُخَيَّرُ في أَنْ يُسْلِمَهُ وَمَا أَخَذَ لَهُ أَوْ يَفْتَكَّهُ بِمَا جَنَى. فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إلَّا أَنَّ أَمَّ الْوَلَدِ لَا تُسَلَّمُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا مَعِيبَةً، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ مَعَهَا، أَوْ قِيمَةُ الْجِنَايَةِ الَّتِي في رَقَبَتِهَا، بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ سَوَاءً، لِأَنَّ أَمَّ الْوَلَدِ لَا يَسْتَطِيعُ سَيِّدُهَا أَنْ يُسْلِمَهَا، فيكُونَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ، لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ ذَهَبَتْ جِنَايَةُ الْمَجْرُوحِ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ ذَهَبَتْ جِنَايَةُ الْمَجْرُوحِ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ. قلت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً جَنَتْ جِنَايَةً، أَيُمْنَعُ سَيِّدُهَا مَنْ وَطِئَهَا حَتَّى يَنْظُرَ أَيَدْفَعُ أَمْ يَفْدِي؟ قَالَ: نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا. قُلْت: وَلِمَ قُلْت هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهَا مُرْتَهَنَةٌ بِالْجُرْحِ حَتَّى يَدْفَعَهَا أَوْ يَفْدِيهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ رَهْنَ رَهْنًا عَبْدًا لَهُ فَأَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ عَبْدَهُ هَذَا الرَّهْنَ قَدْ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ أَوْ مُفْلِسٌ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قِيلَ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْ وَافِدِ. فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ، فَدَاهُ وَكَانَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَفْدِي، وَأَنَا أَدْفَعُ الْعَبْدَ. لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَدَّى الدَّيْنَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا، وَإِنْ فَلِسَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الَّذِينَ أَقَرَّ لَهُمْ بِالْجِنَايَةِ. وَلَا يُشْبِهُ إقْرَارُهُ هَهُنَا الْبَيِّنَةَ إذَا قَامَتْ عَلَى الْجِنَايَةِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ مَالِكٌ في جِنَايَةِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ رَهْنًا فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْجِنَايَةِ مَا قَدْ أَخْبَرْتُكَ وَهُوَ رَأْيِي. .في رَجُلٍ رَهَنَ عَبْدًا فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً عَلَى رَجُلٍ فَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِرَبِّ الْعَبْدِ: افْدِ عَبْدَكَ، فَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى رَهْنِهِ كَمَا هُوَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَفْدِيَهُ قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ: افْدِهِ لِأَنَّ حَقَّكَ فيهِ. فَإِنْ افْتَدَاهُ وَأَرَادَ سَيِّدُهُ أَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ الْجِنَايَةِ مَعَ دِيَتِهِ، وَإِنْ أَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِيعَ بِمَا فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْجِنَايَةِ. فَإِنْ قَصَرَ ثَمَنُهُ عَنْ الَّذِي افْتَدَاهُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْجِنَايَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى السَّيِّدِ في ذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا الدَّيْنُ الَّذِي ارْتَهَنَهُ بِهِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ افْتَدَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. وَإِنْ زَادَ ثَمَنُهُ عَلَى مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ الْجِنَايَةِ قَضَى بِالزِّيَادَةِ في الدَّيْنِ عَلَى الرَّهْنِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في الْأَجَلِ شَيْئًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَا جَمِيعًا - الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ -: نَحْنُ نُسَلِّمُهُ فَأَسْلَمَاهُ، أَيَكُونُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ كَمَا هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ وَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: افْتَدِهِ لِي؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَفْتَدِيَ اتَّبَعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِالدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ أَسْلَمَاهُ جَمِيعًا، وَلَهُ مَالٌ، كَانَ مَالُهُ مَعَ رَقَبَتِهِ في جِنَايَتِهِ. وَإِنْ افْتَكَّهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَ رَقَبَتِهِ فيمَا افْتَكَّهُ بِهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا كَانَ في يَدَيْهِ مِنْ رَهْنِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالُ الْعَبْدِ رَهْنًا مَعَهُ أَوَّلًا. .في الْعَبْدِ يَقْتُلُ رَجُلًا، وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا: قَالَ: إذَا عَفَا وَاسْتَحْيَاهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَعْفُو عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ إنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَحْيِيَهُ عَلَى أَنْ آخُذَهُ. قَالَ: لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا قَالَ. فَإِنْ أَتَى بِمَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ إلَّا أَنْ يَفْتَدِيَهُ سَيِّدُهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ أَوْ يَفْتَدِيَ نِصْفَهُ مِنْ أَحَدٍ بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ، وَيُسْلِمَ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَى الْمَوْلَى الْآخَرَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي عَبْدٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَقِيمَةُ هَذَا الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِي فَعَفَوْتُ عَلَى الْعَبْدِ؟ قَالَ: أَمَّا في الْعَمْدِ فَعَفْوُكَ جَائِزٌ، وَالْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ لَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ اسْتَحْيَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ، فيكُونَ سَيِّدُ الْعَبْدِ بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ دِيَةَ الْمَقْتُولِ وَيَحْبِسَ عَبْدَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِمَّا أَسْلَمَهُ. وَأَمَّا في الْخَطَأِ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ - وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ - لَمْ يَجُزْ إلَّا قَدْرُ الثُّلُثِ. قُلْت: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ سَحْنُونٌ فيهِ اخْتِلَافٌ وَيُقَالُ: إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدِّيَةِ فيحْسِبُهُ في الثُّلُثِ. .في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً فيبِيعُهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ دِيَةَ جُرْحِهِ: قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَقَدْ سَأَلْنَاهُ عَنْ الْعَبْدِ يَجْنِي الْجِنَايَةَ فيقُولُ سَيِّدُهُ: اُتْرُكُوهُ في يَدِي أَبِيعُهُ وَأَدْفَعُ إلَيْكُمْ دِيَةَ جِنَايَتِكُمْ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثِقَةً مَأْمُونًا فيضْمَنَ ذَلِكَ، أَوْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ فيؤَخِّرَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ. فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِدِيَةِ الْجُرْحِ أَوْ يُسْلِمَ عَبْدَهُ. فَفي الْبَيْعِ إنْ أَعْطَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ دِيَةَ الْجُرْحِ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَقَدْ فَسَّرْتُ هَذِهِ قَبْلَ هَذَا. .في جِنَايَةِ الْأَمَةِ: قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَدْفَعُ وَلَدَهَا مَعَهَا. وَقَالَ: وَأَنَا أَرَى أَنْ لَا يَدْفَعَ وَلَدَهَا مَعَهَا مِثْلَ مَا بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ. قُلْت: وَمَا حُجَّةُ مَنْ قَالَ: لَا يَدْفَعُ وَلَدَهَا مَعَهَا؟ أَلَيْسَ قَدْ اسْتَحَقَّهَا الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ يَوْمَ جَنَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، إنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ يَوْمَ يُقْضَى لَهُ بِهَا، فَالْوَلَدُ قَدْ زَايَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ إذَا قَتَلَتْ وَلَهَا مَالٌ، أَتَدْفَعُ بِمَالِهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ تَدْفَعُ بِمَالِهَا. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ في الْوَلَدِ: إنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مَعَهَا. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: إنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا مُرْتَهَنٌ بِالْجِنَايَةِ، إمَّا أَنْ يَفْتَكَّهُمَا، وَإِمَّا أَنْ يُسْلِمَهُمَا، وَهِيَ عِنْدِي كَالرَّهْنِ. .(في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً وَيَرْكَبُهُ الدَّيْنُ مِنْ تِجَارَةٍ قَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فيهَا): قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ يَجْنِي جِنَايَةً وَيَرْكَبُهُ الدَّيْنُ مِنْ تِجَارَةٍ قَدْ أَذِنَ لَهُ فيهَا سَيِّدُهُ، فيأْسِرُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ ثُمَّ يَغْنَمُهُ الْمُسْلِمُونَ فيشْتَرِيهِ رَجُلٌ مَنْ الْمَغَانِمِ فيسْلِمُهُ سَيِّدُهُ وَلَا يُرِيدُ أَخْذَهُ؟ قَالَ: إذَا أَسْلَمَهُ سَيِّدَهُ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِينَ جَنَى عَلَيْهِمْ الْعَبْدُ شَيْءٌ، إلَّا أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي صَارَ لِهَذَا الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمَغْنَمِ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْمَغَانِمِ. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لِمَنْ صَارَ لَهُ أَنْتَ أَوْلَى بِهِ بِالثَّمَنِ، فَكَذَلِكَ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ رَأْيِي. وَأَمَّا الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ فَهُوَ في ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَبْدِ وَاَلَّذِي يَصِيرُ لَهُ الْعَبْدُ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْسَرَ الْعَبْدُ في رَقَبَتِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ في ذِمَّتِهِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهِ وَهُوَ رَأْيِي. .في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً بَعْدَ جِنَايَةٍ: فَإِنْ أَسْلَمَهُ تَحَاصَّا بِقَدْرِ جِنَايَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ جَنَى ثُمَّ افْتَدَاهُ ثُمَّ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ خُيِّرَ أَيْضًا، إمَّا أَنْ يَفْتَدِيَهُ وَإِمَّا أَنْ يُسْلِمَهُ بِجَرِيرَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ في رَقَبَتِهِ مَا يَتَحَاصُّونَ فيهِ إذَا لَمْ يَفْتَدِهِ حَتَّى جَنَى جِنَايَةً بَعْدَ جِنَايَتِهِ الْأُولَى. فَأَمَّا إنْ افْتَدَاهُ ثُمَّ جَنَى، فَإِنَّ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَفْتَدِيَهُ ثَانِيَةً أَوْ يَدْفَعَهُ. .في جِنَايَةِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ في عَبْدٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ، فَإِنَّ النِّصْفَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ رَقِيقٌ لِوَرَثَتِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ شِقْصًا لَهُ في عَبْدٍ، فَلَحِقَ السَّيِّدَ دَيْنٌ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ السُّلْطَانُ عَلَى السَّيِّدِ بِعِتْقِ جَمِيعِهِ، فَإِنَّ النِّصْفَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ السُّلْطَانُ رَقِيقٌ يُبَاعُ في الدَّيْنِ. فَأَرَى في مَسْأَلَتِكَ أَنْ تُقَسَّمَ الْجِنَايَةُ نِصْفينِ، فيكُونُ نِصْفُهَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَعْتَقَ، وَيَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي في النِّصْفِ الَّذِي فيهِ الرِّقُّ، ثُمَّ يُنْظَرُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ، نِصْفُ الْجِنَايَةِ أَوْ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فيدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ، أَخَذَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا نِصْفُ الْجِنَايَةِ، وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَكْثَرَ، أَسْلَمَ إلَيْهِ النِّصْفَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ أَكْثَرُ مِمَّا أَسْلَمَ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ في الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ يُعْتَقُ، لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ النِّصْفَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدُّ مِنْ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النِّصْفُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ. قُلْت: فَإِنْ أَعْتَقَ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ؟ قَالَ: أَرَى عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ، وَنِصْفُ الْجِنَايَةِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ السَّيِّدُ، وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: افْتَكُّوهُ وَهُوَ رَقِيقٌ لَكُمْ، أَوْ ادْفَعُوهُ رَقِيقًا لِلْمَجْرُوحِ. وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَا تَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى هَذَا. .في الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ: قَالَ: يُقَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ: إنْ شِئْتَ فَأَسْلِمْ نِصْفَ الْعَبْدِ بِنِصْفِ دِيَةِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ شِئْتَ فَافْدِهِ بِنِصْفِ دِيَةِ الْجِنَايَةِ. فَإِنْ فَدَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الَّذِي أَعْتَقَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِلَّذِي أُسْلِمَ إلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُعْتِقَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، وَيَكُونَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ عَلَى النِّصْفِ الْمُعْتَقِ مِنْ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهِ. وَقَالَ: وَلَا تُتْبَعُ الْعَاقِلَةُ بِشَيْءٍ مِمَّا صَارَ عَلَى النِّصْفِ الْمُعْتَقِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ. قُلْت: وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُعْتِقِ: ادْفَعْ أَوْ افْدِ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ في مِلْكِ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ فَلَزِمَتْ رَقَبَةَ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ نَصِيبُهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ نَصِيبُهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَزِمَ نَصِيبَهُ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ النَّصِيبِ يَوْمَ يُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِتَمَامِهِ وَنُقْصَانِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ضَمَّنْتُ الْمُعْتِقَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ، لِأَنَّ هَذَا لَمَّا أَعْتَقَ كَانَ ضَامِنًا. فَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ شَرِيكِ الْمُعْتِقِ الدَّافِعِ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لَمَّا أُعْتِقَ نِصْفُهُ وَهَبَ شَرِيكُ هَذَا الْمُعْتِقِ نَصِيبَهُ لِرَجُلٍ لَضَمَّنْتُ الْمُعْتَقَ لِلَّذِي وَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي قَالَ مَالِكٌ في الْبَيْعِ: إنَّهُ يُرَدُّ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إذَا كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ مُوسِرًا، لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا هُوَ غَرَرٌ، وَلَيْسَتْ الْهِبَةُ غَرَرًا لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِدَنَانِيرِهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي لَا يَدْرِي أَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَعْطَى أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ بَاعَهُ بِعُرُوضٍ كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا إنَّمَا بَاعَ عُرُوضَهُ بِدَنَانِيرَ لَا يَدْرِي مَا هِيَ. .في الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نِصْفُهُ لِسَيِّدِهِ يَأْخُذُهُ، وَنِصْفُهُ لِلْعَبْدِ يَقَرُّ في يَدَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ جُرِحَ الْعَبْدُ كَانَ نِصْفُ دِيَةِ الْجُرْحِ عَلَى الْعَبْدِ وَنِصْفُهُ عَلَى السَّيِّدِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ جَمِيعًا. وَقَدْ كَانَ لِمَالِكٍ فيهَا قَوْلٌ إذَا جُرِحَ: إنَّ جُرْحَهُ لِلسَّيِّدِ. ثُمَّ قَالَ: هُوَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا يَجْنِي جِنَايَةً، وَفي يَدَيْهِ مَالٌ يَفْتَكُّ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ: إنَّ مَالَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ في نِصْفِ الْجِنَايَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْتَقِ مِنْهُ.
|