الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.في الشَّرِكَةِ بِالْمَالَيْنِ يَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ وَلَا يَعْمَلَ الْآخَرُ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَا في رَأْسِ الْمَالِ وَفي الْعَمَلِ. قُلْت: فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْآخَرُ أَلْفي دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ وَالْوَضِيعَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ، أَوْ اشْتَرَطَا أَنَّ الْوَضِيعَةَ وَالرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ صَاحِبُ الْأَلْفِ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَحْدَهُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَحْدَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ في هَذِهِ الشَّرِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَصْنَعُ فيهَا إنْ عَمِلَ صَاحِبُ الْأَلْفِ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَرَبِحَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ في الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْأَلْفينِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفينِ وَصَاحِبُ الْأَلْفِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفًا. ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَلِلْعَامِلِ الَّذِي عَمِلَ في الْمَالِ مِنْ الْأَجْرِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ. قَالَ: وَأَصْلُ هَذَا، أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا في الْعَمَلِ، يَتَكَافَآنِ فيهِ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ صَاحِبَ الْأَلْفِ الَّذِي عَمِلَ في جَمِيعِ الْمَالِ في أَلْفِهِ وَأَلْفي شَرِيكِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّ لَهُ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ، لِمَ لَا تَجْعَلُهُ مُقَارِضًا في الْأَلْفينِ اللَّذَيْنِ أَخَذَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَتَجْعَلُ لِلْعَامِلِ صَاحِبِ الْأَلْفِ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْأَلْفِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِهِ، وَتَجْعَلُهُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْأَلْفينِ مِنْ شَرِيكِهِ مُقَارَضَةً بِالسُّدُسِ، لِأَنَّهُ شَرَطَ نِصْفَ رِبْحِ الْأَلْفِ، فَكَانَ ثُلُثُ الرِّبْحِ لَهُ بِأَلْفِهِ، وَسُدُسُ رُبْعِ الْجَمِيعِ بِمَا عَمِلَ في رَأْسِ مَالِ صَاحِبِهِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ، لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْخُذْ الْأَلْفينِ عَلَى الْقِرَاضِ، إنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ، فيحْمَلُ مَحْمَلَ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. وَلَا يَجْتَمِعُ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ شَرِكَةٌ وَقِرَاضٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ: أُقَارِضُك بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُخْرِجَ مَنْ عِنْدِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، عَلَى أَنْ تَخْلِطَهَا بِأَلْفي هَذِهِ نَعْمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا، فَكَرِهَ مَالِكٌ هَذِهِ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَتَكَ لَا تَكُونُ مُقَارَضَةً. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا رُبْعًا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ الرُّبْعِ فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ تِجَارَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ في عَمَلِهِ ذَلِكَ أَجْرٌ. .في الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَالِ يَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى يَدَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ: قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذِهِ السَّاعَةِ. وَأَرَى إنْ كَانَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى يَدِهِ، هُوَ الَّذِي يَشْتَرِي وَيَبِيعُ دُونَ صَاحِبِهِ، فَأَرَى الشَّرِكَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ غَيْرَ جَائِزَةٍ، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَمَانَةِ أَيْضًا. وَهَذَا لَمْ يَأْتَمِنْ صَاحِبَهُ حِينَ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عِنْدَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَشْتَرِي وَيَبِيعُ دُونَ صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا، هُمَا اللَّذَانِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ، غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا الَّذِي يَكُونُ الْمَالُ في يَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ، فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا وَأَرَاهَا شَرِكَةً صَحِيحَةً. .(في الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَالِ بِالسَّوِيَّةِ يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ في الرِّبْحِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا وَرَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ، وَفَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ في الرِّبْحِ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: هَلْ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا، أَخْرَجَ هَذَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْرَجَ صَاحِبُهُ خَمْسَمِائَةٍ، وَقَالَ: لِي أَلْفُ دِرْهَمٍ في مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الَّذِي لَهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَخَرَجَ الَّذِي كَانَتْ أَلْفُهُ غَائِبَةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فيهِ الْأَلْفُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا لَهُ هُنَاكَ، لِيُجَهِّزَ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَلْفِهِ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا هُنَاكَ، فَاشْتَرَى بِالْأَلْفينِ تِجَارَةً؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبْحِ قَدْرَ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَمْ يَرَ لِصَاحِبِ الْأَلْفِ الْغَائِبَةِ في الشَّرِكَةِ، إلَّا قَدْرَ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي أَخْرَجَ. قُلْت: فَهَلْ جَعَلَ لَهُ مَالِكٌ أَجْرَ عَمَلِهِ؟ قَالَ: لَا، مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَجْرَ عَمَلِهِ. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا عِنْدِي مُتَطَوِّعٌ بِعَمَلِهِ، لِأَنَّهُ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَكَ هُوَ وَرَجُلٌ، عَلَى أَنَّ لِهَذَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ. وَلِهَذَا الرُّبْعَ، عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ رُبْعِ الْمَالِ، فَخَرَجَ فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ تِجَارَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ في عَمَلِهِ ذَلِكَ أَجْرٌ، فَكَذَلِكَ هَذَا. قَالَ: فَمَسْأَلَتُكَ الَّتِي سَأَلَتْنِي عَنْهَا مِنْ الشَّرِكَةِ في الْمَالِ الْغَائِبِ، أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ في رَأْيِي إنْ أَخْرَجَ ذَلِكَ الْمَالَ. .في الشَّرِيكَيْنِ في الْمَالَيْنِ الْمُخْتَلِفي السِّكَّةِ: قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ هَذَا السَّاعَةَ عَنْ مَالِكٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْجِبُنِي، إذَا كَانَتْ لِلْهَاشِمِيَّةِ صَرْفٌ غَيْرُ صَرْفِ الدِّمَشْقِيَّةِ لَهَا قَدْرٌ وَقِيمَةٌ كَبِيرَةٌ، فَلَا يُعْجِبُنِي هَذَا. وَإِنْ كَانَ فَضْلُ صَرْفِ الْهَاشِمِيَّةِ شَيْئًا قَلِيلًا لَا قَدْرَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهَا كَبِيرُ فَضْلِ صَرْفٍ، فَلَا أَرَى بِالشَّرِكَةِ بَأْسًا فيمَا بَيْنَهُمَا. قُلْت: لِمَ كَرِهْتَهُ إذَا كَانَ لِلْهَاشِمِيَّةِ فَضْلٌ كَبِيرٌ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْهَاشِمِيَّةَ، إذَا كَانَ لَهَا فَضْلٌ كَبِيرٌ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا نِصْفينِ، وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ، فَقَدْ تَفَضَّلَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ في رَأْسِ الْمَالِ، وَذَلِكَ الْفَضْلُ هُوَ في الْعَيْنِ الَّذِي تَزِيدُ دَنَانِيرُهُ الْهَاشِمِيَّةُ عَلَى دَنَانِيرِ صَاحِبِهِ الدِّمَشْقِيَّةِ، فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ رَأْسِ مَالٍ مِنْ صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا. فَهُمَا إنْ أَرَادَا أَيْضًا أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ الْهَاشِمِيَّةِ وَالدِّمَشْقِيَّةِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ دَنَانِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَشْتَرِكَا بِهَا عَلَى الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ، الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ عَلَى الْوَزْنِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى الْقِيمَةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا، عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ يَزِيدِيَّةٌ، وَرَأْسَ مَالِ الْآخَرِ أَلْفٌ مُحَمَّدِيَّةٌ؟ قَالَ: إذَا كَانَ لِفَضْلِ الْعَيْنِ قِيمَةٌ كَبِيرَةٌ، لَا تَصْلُحُ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَ تَافِهًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ ذَلِكَ في غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا عَلَى رَأْسَ مَالِ هَذَا أَلْفُ دِينَارٍ هَاشِمِيَّةٌ، وَرَأْسَ مَالِ هَذَا أَلْفُ دِينَارٍ دِمَشْقِيَّةٌ، وَهُمَا في الصَّرْفِ يَوْمَ اشْتَرَكَا سَوَاءٌ؟ قَالَ: الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ. قُلْت: فَإِنْ افْتَرَقَا وَقَدْ حَالَ الصَّرْفُ غَلَتْ الْهَاشِمِيَّةُ وَرَخُصَتْ الدِّمَشْقِيَّةُ، مَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الدِّمَشْقِيَّةِ في رَأْسِ مَالِهِ، وَمَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْهَاشِمِيَّةِ في رَأْسِ مَالِهِ؟ قَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى مَا حَالَ إلَيْهَا الصَّرْفُ، وَلَكِنْ إذَا أَرَادَا الْفُرْقَةَ، اقْتَسَمَا مَا في أَيْدِيهِمَا بِالسَّوِيَّةِ عَرْضًا كَانَ أَوْ طَعَامًا أَوْ عَيْنًا، لِأَنَّ مَا في أَيْدِيهِمَا إذَا اشْتَرَكَا عَلَى السَّوِيَّةِ في رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، فَقَدْ صَارَ مَا في أَيْدِيهِمَا بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ في الْعُرُوضِ عَلَى الْقِيمَةِ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَتَانِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ في رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ السَّاعَةَ وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي. .في الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ: أَنَّهُ لَا خَيْرَ في ذَلِكَ. قُلْت: وَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ - في قَوْلِ مَالِكٍ - بِالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وَالدَّنَانِيرِ مِنْ عِنْدِ هَذَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في الشَّرِكَةِ، أَنَّهَا لَا تَجُوزُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا نَوْعًا وَاحِدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا، جَاءَ هَذَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَجَاءَ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، جَهِلَا ذَلِكَ، فَعَمِلَا عَلَى هَذَا حَتَّى رَبِحَا مَالًا، كَيْفَ يَصْنَعَانِ في رَأْسِ مَالِهِمَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ، وَيُضْرَبُ لَهُ رِبْحُهُ عَلَى قَدْرِ رِبْحِ الدَّنَانِيرِ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَالدَّرَاهِمُ مِثْلُهُ، وَالْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ. بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ في الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، إذَا اشْتَرَكَا: أَنَّهُ لَا خَيْرَ فيهِ، فَإِنْ فَاتَ، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسُ مَالِهِ، وَيُضْرَبُ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ؟ قَالَ: ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِعَيْنِهِ، يُبَاعُ وَيَقْتَسِمَانِهِ، فيأْخُذُ هَذَا مِنْهُ بِقَدْرِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهَذَا بِقَدْرِ مِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ كَانَ لِلْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ، وَلِلْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دِينَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ وَضِيعَةٌ فَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَكُونُ. وَاَلَّذِي بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ اشْتَرَكَا عَلَى هَذَا كَيْفَ يَكُونُ؟ قَالَ: يَكُونُ لِهَذَا رَأْسُ مَالِهِ مِنْ الذَّهَبِ، وَلِهَذَا رَأْسُ مَالِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى الْعَشَرَة أَحَدَ عَشَرَ، لِلدَّرَاهِمِ: لِلْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ، وَلِلدَّنَانِيرِ: لِلْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دِينَارٌ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: إنْ عَرَفَ مَا اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ، وَعَرَفَ مَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِكَةٌ في سِلْعَةِ صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ رُءُوسُ أَمْوَالِهِمَا لَا تَعْتَدِلُ، فيكُونَ لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ الرَّأْسِ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ الرَّأْسِ الْمَالِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فيمَا أَعَانَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ - وَفي الْمَالِ فَضْلٌ أَوْ نُقْصَانٌ - قُسِّمَ الْفَضْلُ عَلَى قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْ الدَّنَانِيرِ يَوْمَ اشْتَرَكَا النِّصْفَ، اقْتَسَمَاهُ عَلَى النِّصْفِ. وَإِنْ كَانَتْ الثُّلُثَ فَعَلَى ذَلِكَ. وَيَرْجِعُ الْقَلِيلُ الرَّأْسِ الْمَالِ عَلَى الْكَثِيرِ الرَّأْسِ الْمَالِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فيمَا أَعَانَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ السِّلَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الطَّعَامِ إذَا اشْتَرَكَا بِهِ شَرِكَةً فَاسِدَةً، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى اخْتَلَطَا وَاشْتَرَيَا بِهِ، فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ قَمْحِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ قَمْحِ صَاحِبِهِ، عَلَى مَا في صَدْرِ الْكِتَابِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَرَجْت أَنَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَخْرَجَ صَاحِبِي مِائَةَ دِينَارٍ، فَبِعْتُهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، فَاشْتَرَكْنَا أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: لِمَ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا صَرْفٌ وَشَرِكَةٌ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ وَلَا خَيْرَ فيهِ. قُلْت: فَإِنْ أَخْرَجَ رَجُلٌ خَمْسِينَ دِينَارًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْرَجَ صَاحِبُهُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَكَا جَمِيعًا، أَتَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: مَا فَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؟ قَالَ: لِأَنَّ في الْأُولَى مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ، وَهَذِهِ لَيْسَ فيهَا صَرْفٌ. قُلْت: وَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ أَنْ يَشْتَرِكَا، مِنْ عِنْدِ هَذَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَمِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ ذَهَبٌ مِثْلُ ذَهَبِ هَذَا، وَفِضَّةٌ مِثْلُ فِضَّةِ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. .في الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الثُّلُثَيْنِ، وَقِيمَةُ الْحِنْطَةِ الثُّلُثَ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ ثُلُثَيْ الْعَمَلِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْحِنْطَةِ ثُلُثَ الْعَمَلِ، وَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحِنْطَةِ الثُّلُثَيْنِ، وَالدَّرَاهِمُ الثُّلُثَ، فَاشْتَرَكَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَعَلَى أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَمَلِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا دَنَانِيرُ، وَمِنْ عِنْدِ الْآخَرِ عُرُوضٌ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ أَوْ قِيمَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ، فَذَلِكَ جَائِزٌ أَيْضًا في قَوْلِ مَالِكٍ، بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي في الدَّرَاهِمِ وَالْحِنْطَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَبِالْعُرُوضِ وَبِالدَّنَانِيرِ وَبِالدَّرَاهِمِ، جَائِزٌ أَيْضًا في قَوْلِ مَالِكٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَلِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ الشَّرِكَةَ إذَا كَانَ مَنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا طَعَامٌ وَمِنْ عِنْدِ الْآخَرِ دَرَاهِمُ، وَالدَّرَاهِمُ الثُّلُثَانِ وَقِيمَةُ الطَّعَامِ الثُّلُثُ، إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا وَالرِّبْحُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَدْخُلْهُ قَرْضٌ وَشَرِكَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَدْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا أَلْفَانِ، وَمِنْ عِنْدِ الْآخَرِ أَلْفٌ، عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالْعَمَلَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا؟ فَالطَّعَامُ وَالدَّرَاهِمُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ وَالْعُرُوضُ وَالدَّرَاهِمُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ وَالْعُرُوضُ، إذَا زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، إذَا اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا. .في الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَالَيْنِ يُضَيَّعُ أَحَدُ الْمَالَيْنِ: قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْهَا فَقَالَ: إذَا كَانَ في يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَرَاهِمُهُ وَلَمْ يَخْلِطَاهَا، فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَهُوَ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ الَّذِي ضَاعَ مِنْهُ، لِأَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَخْلِطَا الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَكَا بِهِ. قَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ كَانَا قَدْ صَرَّا كُلَّ أَلْفٍ في خِرْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ جَمَعَاهُمَا عِنْدَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ جَعَلَاهُمَا في خُرْجِ أَحَدِهِمَا، فَضَاعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا، كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا في خَرِيطَتِهَا لَمْ يَخْلِطَاهَا. قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلَيْنِ، يَشْتَرِكَانِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ، يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ عِتْقًا، وَهَذَا مِائَةَ دِينَارٍ هَاشِمِيَّةً، فَاشْتَرَكَا، ثُمَّ ضَاعَتْ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ وَقَدْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا في خَرِيطَةٍ؟ قَالَ: إنْ كَانَتَا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهَا، فَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا قَدْ جَمَعَاهَا في خُرْجٍ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا، إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَصْرُورَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَأُصِيبَتْ إحْدَاهُمَا. قَالَ مَالِكٌ: الْمُصِيبَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا إذَا جَعَلَاهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا، أَوْ جَمَعَاهَا في خُرْجِ أَحَدِهِمَا. فَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَكْرُوهًا لَقَالَ لَنَا لَا خَيْرَ في هَذِهِ الشَّرِكَةِ، وَلَكَانَ يَنْبَغِي في قَوْلِهِ إنْ كَانَ هَذَا مَكْرُوهًا، أَنْ يَجْعَلَ الْمُصِيبَةَ فيهِ مِنْ الَّذِي ذَهَبَتْ دَنَانِيرُهُ. قَالَ: وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ مَالِكٌ عِنْدِي، لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فيمَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْهَاشِمِيَّةِ في الْعَيْنِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ مَالِكٌ أَنَّهُ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ شَرِيكَيْنِ اشْتَرَكَا، وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا جَمِيعًا التِّجَارَاتِ. وَأَلْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَهُ لَمْ يَخْلِطَاهَا، حَتَّى اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِأَلْفِهِ جَارِيَةً عَلَى الشَّرِكَةِ، وَتَلِفَتْ الْأَلْفُ الَّتِي لِشَرِيكِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا شَرِيكُهُ سِلْعَةً؟ قَالَ: أَرَى الْجَارِيَةَ بَيْنَهُمَا، وَمُصِيبَةُ الْأَلْفِ مِنْ صَاحِبِ الْأَلْفِ. لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ، في الرَّجُلَيْنِ يَشْتَرِكَانِ بِمَالَيْنِ، وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ، وَهِيَ في يَدَيْ صَاحِبِهَا. قَالَ: مُصِيبَةُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَخْلِطَا ذَلِكَ أَوْ يَجْمَعَا ذَلِكَ في خُرْجٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ أَلْفٍ مَصْرُورَةً عَلَى حِدَةٍ، فَضَاعَتْ أَلْفُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَا فَعَلَا مَا وَصَفْتُ لَكَ؟ قَالَ مَالِكٌ: فَالْمُصِيبَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَاَلَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْلِطَا، فَهَذَا لَمَّا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ، فَقَدْ فَعَلَ في أَلْفِهِ مَا أَمَرَهُ بِهِ صَاحِبُهُ. فَمُصِيبَةُ الْجَارِيَةِ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَضَيَاعُ الْأَلْفِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْ فيهَا صَاحِبُهَا شَيْئًا مِنْ صَاحِبِهَا. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا شِرْكٌ، لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يَكُونُ إلَّا أَنْ يَخْلِطَا الْمَالَ. أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الْمِائَةِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا، يَقُولُ لَمْ أَرْضَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعِي نَصِيبٌ في مَالِي، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِي مَعَهُ نَصِيبٌ في مَالِهِ، فَإِذَا كَانَ لَمْ يَنْعَقِدْ لِي في مَالِهِ شَرِكَةٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ في مَالِي. أَوْ لَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَدْ قَالَ، في الَّذِي أَخْرَجَ مِائَتَيْنِ، وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مِائَةً، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفينِ، وَالنُّقْصَانَ عَلَيْهِمَا، فَفَعَلَا وَاشْتَرَيَا عَلَى ذَلِكَ: لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُمَا بِاَلَّذِي يُوجِبُ لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ الرَّأْسِ الْمَالِ في مَالِ صَاحِبِهِ الْكَثِيرِ الرَّأْسِ الْمَالِ نِصْفَهُ، وَقَدْ فَعَلَا عَلَى الرِّضَا مِنْهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُمَا، إنْ وَقَعَتْ وَضِيعَةٌ أَنْ يَضْمَنَ الْقَلِيلُ الرَّأْسِ الْمَالِ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ الْكَثِيرِ الرَّأْسِ الْمَالِ شَيْئًا، فَلَا تَكُونُ شَرِكَةً إلَّا مَا خَلَطَا وَجَمَعَا. .في الشَّرِيكَيْنِ في الْبَلَدَيْنِ يُجَهِّزُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَيْفَ نَفَقَتُهُمَا: قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: تَحْفَظْهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، كَيْفَ يَصْنَعَانِ في نَفَقَتِهِمَا؟ قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الشَّرِيكَيْنِ يَكُونَانِ في بَلَدَيْنِ، يُجَهِّزُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَسْعَارُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ، فينْفِقُ هَذَا هَاهُنَا وَيُنْفِقُ هَذَا هَاهُنَا، أَتَرَى أَنْ يَحْسِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَنْفَقَ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَأَرَى أَنْ تُلْغَى نَفَقَةُ هَذَا وَنَفَقَةُ هَذَا جَمِيعًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمُنْفَرِدُ بِيَدَيْهِ لَا عِيَالَ لَهُ وَلَا وَلَدَ، وَالْآخَرُ لَهُ عِيَالٌ وَوَلَدٌ، فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا، رَأَيْتُ أَنْ يَحْسُبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَنْفَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَلَى ذَلِكَ، رَأَيْتُ أَنْ تُلْغَى النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَا في بَلَدٍ وَاحِدٍ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَا في بَلَدَيْنِ، فَاخْتَلَفَتْ الْأَسْعَارُ: إنَّ النَّفَقَةَ تُلْغَى بَيْنَهُمَا، فَإِذَا كَانَا في بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ تُلْغَى النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا، لَا شَكَّ في هَذَا إذَا كَانَ لَهُمَا عِيَالٌ. .الشَّرِكَةُ في الْمُفَاوَضَةِ: قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَعْرِفُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَا اشْتَرَكَا فيهِ، إنْ كَانَ في جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ فَقَدْ تَفَاوَضَا، وَإِنْ كَانَا إنَّمَا اشْتَرَكَا في أَنْ اشْتَرَيَا نَوْعًا وَاحِدًا مِنْ التِّجَارَةِ مِثْلَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ، فَقَدْ تَفَاوَضَا في ذَلِكَ النَّوْعِ. فَأَمَّا الْعِنَانُ، فَلَا يُعْرَفُ وَلَا نَعْرِفُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا مَا وَصَفْتُ لَكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا في شِرَاءِ الرَّقِيقِ وَحْدَهَا، أَتَرَاهُمَا مُتَفَاوِضَيْنِ في شِرَاءِ الرَّقِيقِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ هَذَا جَائِزٌ إذَا اشْتَرَكَا عَلَى أَصْلِ مَالٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ وَيَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ هَذَا جَائِزٌ إنْ اشْتَرَكَا عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ. .الشَّرِكَةُ في مَالِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا، إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ عَرْضٌ دُونَ صَاحِبِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ عَلَى رَجُلٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ في جَمِيعِ مَالِهِ أَيَكُونُ جَمِيعُ مَا في يَدَيْ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا، إلَّا مَا أَقَامَا عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، أَنَّهُ وَرِثَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَفَاوَضَا وَأَنَّهُ لَمْ يُفَاوِضْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّهُ رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلُ مَالٍ، دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَرِثَهَا، أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَتَنْقَطِعُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا تَنْقَطِعُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ، وَيَكُونُ مَا وَرِثَ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، لَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ. .(في الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ): قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَى أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَيَلْزَمُ شَرِيكَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَازِمٌ لِشَرِيكِهِ. قَالَ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فُقَهَاءَ يَعْرِفُونَ مَا يَشْتَرُونَ وَمَا يَبِيعُونَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَذَلِكَ لَازِمٌ لِشَرِيكِهِ إذَا فَاتَ كَمَا كَانَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَنْ طَعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ، لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ، أَيَكُونُ لِبَائِعِ الطَّعَامِ أَوْ الْكُسْوَةِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ أَيِّ الشَّرِيكَيْنِ قَدَرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: مَا اشْتَرَيَا مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَنْفَقَاهَا عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى عِيَالِهِمَا، كَانَ ذَلِكَ في مَالِ التِّجَارَةِ، لِأَنَّهُ يُلْغِي ذَلِكَ إذَا كَانَا جَمِيعًا لَهُمَا عِيَالٌ. فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ: تُلْغَى النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا، عَلِمْنَا أَنَّ مَا أَنْفَقَا إنَّمَا هُوَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَالْكُسْوَةُ، لَهُمَا أَوْ لِعِيَالِهِمَا، إنَّمَا هُوَ أَيْضًا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ يُلْغِي الْكُسْوَةَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: تُلْغَى النَّفَقَةُ، فَالْكُسْوَةُ مِنْ النَّفَقَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ كُسْوَةً لَيْسَ مِمَّا يَبْتَذِلُهَا الْعِيَالُ، وَإِنَّمَا هِيَ كُسْوَةٌ مِثْلُ الْقَصَبِيِّ وَالشَّطَوِيِّ وَالْوَشِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذِهِ لَا يُلْغَى. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، أَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ الشَّرِيكَ الْآخَرَ، الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَا مُتَفَاوِضَيْنِ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَى صَاحِبُهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الدَّيْنَ يَكُونُ عَلَى رَجُلٍ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فيقْبِضُهُ شَرِيكُهُ؟ قَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. .في مُفَاوَضَةِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ: قَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَارِضَ الْعَبْدُ الْحُرَّ، إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ في التِّجَارَةِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ مُقَارَضَةً. قُلْت: وَشَرِكَةُ الْعَبِيدِ في قَوْلِ مَالِكٍ جَائِزَةٌ؟ قَالَ: جَائِزَةٌ في رَأْيِي إذَا أُذِنَ لَهُمْ في التِّجَارَةِ. .في شَرِكَةِ الْمُسْلِمِ النَّصْرَانِيَّ وَالرَّجُلِ الْمَرْأَةَ: قَالَ: قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَغِيبُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ عَلَى شَيْءٍ، في شِرَاءٍ وَلَا بَيْعٍ وَلَا قَبْضٍ وَلَا صَرْفٍ وَلَا تَقَاضِي دَيْنٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ مَعَهُ. فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ وَإِلَّا فَلَا. قُلْت: هَلْ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا كَرَاهِيَةً، وَلَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَشُكُّ في هَذَا، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قلت: وَكَذَلِكَ شَرِكَةُ النِّسَاءِ مَعَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَيُشَارِكُ الْمُسْلِمُ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ؟ فَقَالَ: فَلَا يَفْعَلُ، لِأَنَّهُمْ يُرْبُونَ وَأَنَّ الرِّبَا لَا يَحِلُّ لَكَ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُهُ. قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ. وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ. .في الشَّرِيكَيْنِ يَتَفَاوَضَانِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا وَيَتَدَايَنَا: قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَفَاوَضَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ، إلَّا عَلَى الْأَمْوَالِ. فَإِنْ فَعَلَا فَاشْتَرَيَا بِالدَّيْنِ، كَانَ مَا اشْتَرَيَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا. قَالَ سَحْنُونُ: وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهَذِهِ في رسم الشَّرِيكَيْنِ، اللَّذَيْنِ لَمْ يَخْلِطَا وَهَذِهِ الَّتِي تَحْتَهَا مِثْلُهَا. قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَى هَذَا سِلْعَةً عَلَى حِدَةٍ بِالدَّيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَاشْتَرَى صَاحِبُهُ كَذَلِكَ، أَيَكُونُ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، أَمْ يَكُونُ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ خَاصَّةً، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا لَا يُعْجِبُكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَرَى كُلَّ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَيْهِ، فَأَرَى مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ نِصْفُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَنِصْفُهُ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَفَاوَضَ رَجُلَانِ بِمَالٍ أَخْرَجَاهُ، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا الرَّقِيقَ وَيَبِيعَا، أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا جَمِيعَ السِّلَعِ وَيَبِيعَا تَفَاوُضًا، وَلَمْ يَذْكُرَا بَيْعَ الدَّيْنِ في أَصْلِ شَرِكَتِهِمَا. فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِالدَّيْنِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ شَرِيكُهُ، وَقَالَ: لَا أُجِيزَ لَكَ أَنْ تَبِيعَ عَلَيَّ بِالدَّيْنِ. أَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى شَرِيكِهِ.
|