الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.في الْمَأْذُونِ لَهُ يُفْلِسُ وَفي يَدَيْهِ سِلْعَةٌ أَوْ سَلَمٌ لِسَيِّدِهِ بِعَيْنِهِ: قَالَ: السَّيِّدُ أَحَقُّ بِذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَى السَّيِّدِ الثَّمَنَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ في أَلْفِ إرْدَبٍّ مَنْ حِنْطَةٍ، أَوْ إلَى عَبْدِي مِائَةَ دِينَارٍ في أَلْفِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ - وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ في التِّجَارَةِ - فَقَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْعَبْدِ فَفَلَّسُوهُ، أَوْ قَامَ عَلَى الرَّجُلِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ، وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي أُسْلِمَتْ إلَيْهِ في يَدِهِ بِعَيْنِهَا قَائِمَةٌ يَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَيْهَا أَنَّهَا بِعَيْنِهَا؟ قَالَ: إنْ شَهِدَ شُهُودٌ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ، وَأَنَّ الدَّنَانِيرَ هِيَ بِعَيْنِهَا، فَصَاحِبُهَا أَوْلَى بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فيمَا بَلَغَنِي. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ، في رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْ رَجُلٍ رَوَايَا زَيْتٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهَا فَصَبَّهَا في جِرَارٍ لَهُ فيهَا زَيْتٌ كَثِيرٌ، وَمَعَهُ شُهُودٌ يَنْظُرُونَ حَتَّى أَفْرَغَهَا في زَيْتِهِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبهُ بِحَقٍّ بَانَ فيهِ إفْلَاسُهُ، فَقَامَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ، فَقَالَ غُرَمَاؤُهُ: لَيْسَ هُوَ زَيْتُك بِعَيْنِهِ قَدْ خَلَطَهُ بِزَيْتٍ غَيْرِهِ. قَالَ: أَرَى أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ، وَهُوَ عِنْدِي بِعَيْنِهِ، لَيْسَ خَلْطُهُ إيَّاهُ بِاَلَّذِي يَمْنَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ زَيْتَهُ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى صَرَّافٍ، فَدَفَعَ إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فَصَبَّهَا في كِيسِهِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ ثُمَّ بَانَ فَلَسُهُ مَكَانَهُ أَوْ الْبَزُّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ فيرِقُّهُ وَيَخْلِطُهُ بِبَزٍّ غَيْرِهِ ثُمَّ يُفْلِسُ، فَلَيْسَ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ بِاَلَّذِي يُقْطَعُ عَنْ النَّاسِ؛ أَخَذَ مَا وَجَدُوا مِنْ مَتَاعِهِمْ إذَا فَلَّسَ مَنْ ابْتَاعَهُ إذَا كَانُوا عَلَى هَذَا. وَإِنْ كَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: لَيْسَ الْعَيْنُ مِثْلَ الْعَرَضِ، لَيْسَ لَهُ عَلَى الْعَيْنِ سَبِيلٌ وَهُوَ فيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْعَرَضِ إذَا وَجَدَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ. .في الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدَّيْنِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ في إقْرَارِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ، لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ إقْرَارُهُ كَمَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُ الْحُرِّ إذَا قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ وَفَلَّسُوهُ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ في مُدَايَنَتِهِ النَّاسَ. قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ، فيكُونَ إقْرَارُهُ جَائِزًا عَلَيْهِ، يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ إنْ فَلَّسُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ إذَا أَذِنْت لَهُ في التِّجَارَةِ، ثُمَّ حَجَرْت عَلَيْهِ وَفي يَدَيْهِ مَالٌ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ لِلنَّاسِ. أَيَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ في مَا في يَدَيْهِ مِنْ الْمَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْعَبْدِ التَّاجِرِ يُقِرُّ لِلنَّاسِ بِدُيُونٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ وَضَعَهُ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ في مَسْأَلَتِكَ شَيْئًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ في التِّجَارَةِ إذَا أَقَرَّ في مَرَضِهِ بِدَيْنٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لِي: إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ؛ جَازَ إقْرَارُهُ لَهُ. قَالَ لِي مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ في هَذَا وَالْحُرُّ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ. .في عُهْدَةِ مَا يَشْتَرِي الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ في التِّجَارَةِ: قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لِلنَّاسِ بَايِعُوهُ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ ذَلِكَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ في ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَفي ذِمَّةِ الْعَبْدِ أَيْضًا، وَيُبَاعُ الْعَبْدُ إنْ لَمْ يُوَفِّ السَّيِّدُ عَنْ الْعَبْدِ غُرَمَاءَ الْعَبْدِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. .في الرَّجُلِ يَسْتَتْجِرُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، وَلَا يَأْمُرُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [سُورَةُ النِّسَاء]. .في الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا في التِّجَارَة: قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا في التِّجَارَةِ دُونَ صَاحِبِهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، هَلْ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ في التِّجَارَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ لَهُ مَالٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَاسِمَ صَاحِبَهُ مَالَ الْعَبْدِ وَيَأْبَى الْآخَرُ. قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى شَرِيكُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْسِرُ ثَمَنَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَقُولُ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتْرُكَ مَالَ الْعَبْدِ في يَدِ الْعَبْدِ يَتَّجِرُ بِهِ وَلَا آخُذُهُ مِنْهُ؛ لِأَنِّي إذَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ كَانَ كَسْرًا لِثَمَنِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَوْلًا وَحُجَّةً. قُلْت: فَإِنْ أَنْتَ مَنَعْتَ هَذَا مِنْ الْقَسَمِ، أَتَجْبُرُهُمَا عَلَى الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ قَالَ: إذَا تَدَاعَيَا إلَى الْبَيْعِ، أَوْ دَعَا أَحَدُهُمَا إلَى الْبَيْعِ، أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَتَقَاوَمَاهُ فيمَا بَيْنَهُمَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. .الدَّعْوَى في مَالِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ في التِّجَارَةِ: قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ في رَأْيِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في عَبْدٍ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ، فَقَالَ: فُلَانٌ اسْتَوْدَعَنِي إيَّاهُ وَقَالَ: السَّيِّدُ بَلْ الثَّوْبُ ثَوْبِي. قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الثَّوْبَ ثَوْبُهُ. .في الْمَأْذُونِ لَهُ في التِّجَارَةِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ: قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحْجُرُ عَلَى وَلِيِّهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ، فيكُونُ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يُوَقِّفُهُ لِلنَّاسِ وَيَسْمَعُ بِهِ في مَجْلِسِهِ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ. ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: في عَبْدٍ لِرَجُلٍ إذَا كَانَ قَدْ أُذِنَ لَهُ في التِّجَارَةِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ دُونَ السُّلْطَانِ. قَالَ: لَا، حَتَّى يَكُونَ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يُوَقِّفُهُ لِلنَّاسِ. قَالَ مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ السُّلْطَانُ فيطَافَ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؟ قَالَ: لَا، قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرَ عَبْدَهُ هَذَا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ أَيَجُوزُ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ عَبْدَهُ وَلَا أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ. قلت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ في التِّجَارَةِ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ، أَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ في قَوْلِ مَالِكٍ وَيَمْنَعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَدَيْنُهُ في مَالِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ في مَالِهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ، أَوْ يَكُونَ السَّيِّدُ دَايَنَهُ فيكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. قُلْت: فَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَيْهِ وَالسَّيِّدُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ فيفَلِّسُوهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ في هَذَا وَهُوَ رَأْيِي. .كِتَابُ الْكَفَالَةِ وَالْحَمَالَةُ: .مَا جَاءَ في الْحَمِيلِ بِالْوَجْهِ يَغْرَمُ الْمَالَ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَكَفَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَرِمَ الْمَالَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلَ لَهُ بِوَجْهٍ إلَى أَجَلٍ، فَمَضَى الْأَجَلُ وَرَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ، أَيَغْرَمُهُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ أَتَى بِهِ وَإِلَّا غَرِمَ الْمَالَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلْت لِرَجُلٍ بِوَجْهِ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ، فَغَابَ لَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ سَافَرَ سَفَرًا بَعِيدًا غُرِّمَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا - الْيَوْمُ وَمَا أَشْبَهَهُ - لُوِّمَ لَهُ كَمَا يُتَلَوَّمُ في الْحَاضِرِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا غُرِّمَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلْت بِوَجْهِ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ آتِ بِهِ فَغَرِمْتُ الْمَالَ، ثُمَّ وَجَدْته بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ بِهِ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرْجِعَ عَلَى الَّذِي أَخَذَ مِنِّي الْمَالَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ تَتَبَّعْ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ الَّذِي تَحَمَّلْتُ لَهُ بِمَا غَرِمْتُ عَنْهُ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلْت لِرَجُلٍ بِرَجُلٍ إلَى أَجَلٍ، فَأَتَيْتُ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، أَيَكُونُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْكَ. قُلْت: وَلَا يَكُونُ عَلَيَّ مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ بِهِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت بِنَفْسِهِ كَفيلًا إلَى غَدٍ، ثُمَّ أَتَى بِهِ مِنْ الْغَدِ، أَيَبْرَأُ مِنْ الْمَالِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَبْرَأُ مِنْ الْمَالِ في رَأْيِي. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْحَمِيلُ غَارِمٌ». .في الْحَمِيلِ بِالْوَجْهِ لَا يَغْرَمُ الْمَالَ: أَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ إنْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ كَمَا اشْتَرَطَهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلْت لِرَجُلٍ بِوَجْهِ رَجُلٍ إلَى كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ لَمْ أُوَافِهِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ، وَلَكِنَّنِي حَمِيلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ أَطْلُبُهُ حَتَّى آتِيهِ بِهِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ، لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا طَلَبُ وَجْهِهِ هُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ مَا ذَكَرْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا تَحَمَّلَ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ أَوْ بِالْحَقِّ أَوْ بِعَيْنِهِ، فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالدَّيْنِ وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُ إذَا تَحَمَّلَ بِالرَّجُلِ أَوْ بِالْعَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِالْمَالِ، فَجَاءَ بِالرَّجُلِ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ جَمِيعِ حَمَالَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أُغْرِمَ الْحَمِيلُ كَمَا يُغَرَّمُ مَنْ تَحَمَّلَ بِالْمَالِ. فَالْحَمَالَةُ بِنَفْسِ الرَّجُلِ وَبِالْمَالِ سَوَاءٌ، إذَا لَمْ يَأْتِ بِالرَّجُلِ، وَحَمِيلُ الْمَالِ لَا يُبَرِّئُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالرَّجُلِ. وَمَنْ اشْتَرَطَ في الْحَمَالَةِ بِالْوَجْهِ أَنِّي لَسْتُ مِنْ الْمَالِ في شَيْءٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ، أَجَاءَ بِالرَّجُلِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ لَهُ لَمْ يُؤَكِّدْ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الَّذِي اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنِّي لَسْتُ مِنْ الْمَالِ في شَيْءٍ، كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِالرَّجُلِ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ، فَفَرَّطَ في ذَلِكَ وَتَرَكَهُ وَهُوَ يُمْكِنُهُ حَتَّى غَابَ، فيكُونُ قَدْ غَرِمَ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَخَذَ لِيَجْمَعَهُ عَلَى صَاحِبِهِ - وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شُرُوطِ الْمُسْلِمِينَ - وَإِنْ تَحَمَّلَ بِعَيْنِ الرَّجُلِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ إلَيْهِ، فَطَلَبَهُ مِنْهُ الْمَحْمُولُ لَهُ، وَرَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ حَتَّى أَتَى بِهِ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الْمَالِ وَمِنْ عَيْنِ الرَّجُلِ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ حِينَ لَمْ يَأْتِ بِالرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ مَا رَآهُ السُّلْطَانُ، فَقَدْ لَزِمَهُ الْمَالُ وَمَضَى الْحُكْمُ، وَإِنْ حَبَسَ الْغَرِيمُ الْمَحْمُولَ بِعَيْنِهِ في الْحَبْسِ، وَقَدْ كَفَلَ بِهِ رَجُلٌ فَأَخَذَ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَهُوَ في السِّجْنِ، فَقَدْ بَرِئَ الْحَمِيلُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ في السِّجْنِ، فيحْبَسُ لَهُ في حَقِّهِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ انْقَضَى مَا سُجِنَ فيهِ فَهُوَ يُحْبَسُ لَهُ في حَقِّهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ مِنْهُ في مَوْضِعِ حُكْمٍ وَسُلْطَانٍ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ. وَإِنْ دَفَعَهُ في مَوْضِعٍ لَا يَسْتَطِيعُ حَبْسُهُ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ سُلْطَانًا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا سُلْطَانَ فيهِ، أَوْ في حَالِ فِتْنَةٍ أَوْ في مَفَازَةٍ أَوْ في مَوْضِعٍ يَقْدِرُ الْغَرِيمُ عَلَى الِامْتِنَاعِ، لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ حَيْثُ تَمْضِي الْأَحْكَامُ وَيَكُونُ السُّلْطَانُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَفَّلَ لَهُ بِنَفْسِهِ فَقَدْ أَمْكَنَهُ مِنْ نَفْسِهِ في السِّجْنِ، أَوْ حَيْثُ تَجُوزُ الْأَحْكَامُ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحَمَّلَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَهَذِهِ نَفْسُهُ قَدْ ذَهَبَتْ وَإِنَّمَا تَحَمَّلَ بِهِ مَا كَانَ حَيًّا وَإِنْ كَانَ أُخِذَ الْحَمِيلُ بِالْغَرِيمِ - وَالْغَرِيمُ غَائِبٌ - فَحُكِمَ عَلَى الْحَمِيلِ وَأُغْرِمَ الْمَالَ، ثُمَّ طَلَعَتْ لِلْحَمِيلِ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْغَرِيمَ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْحَمِيلِ، ارْتَجَعَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ أَخَذَ بِهِ الْحَمِيلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحَمَّلَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَهَذِهِ نَفْسُهُ قَدْ ذَهَبَتْ. وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَمَالَةُ بِالنَّفْسِ مَا كَانَ حَيًّا. وَلَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ أَمْكَنَ الطَّالِبَ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَشْهَدَ أَنِّي قَدْ دَفَعْت نَفْسِي إلَيْك مَنْ حَمَالَةِ فُلَانٍ بِي، وَهُوَ في مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُبَرِّئُهُ ذَلِكَ، وَكَانَ كَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ بِوَكِيلٍ لِلْحَمِيلِ، وَلَا يَبْرَأُ الْحَمِيلُ حَتَّى يَدْفَعَهُ هُوَ نَفْسُهُ أَوْ وَكِيلُهُ. وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ، فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْحَمِيلُ أَوْ وَكِيلُ الْحَمِيلِ، فَقَدْ بَرِئَ الْحَمِيلُ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَمِيلُ غَارِمٌ» وَقَالَ أَيْضًا: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَالزَّعِيمُ هُوَ الْحَمِيلُ. فَإِذَا قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لَكَ، أَوْ حَمِيلٌ لَكَ، أَوْ قَبِيلٌ لَكَ، أَوْ زَعِيمٌ لَكَ، أَوْ هُوَ لَكَ عِنْدِي، أَوْ هُوَ لَكَ عَلَيَّ، أَوْ هُوَ لَكَ إلَيَّ، أَوْ هُوَ لَكَ قِبَلِي، فَهَذَا كُلُّهُ ضَامِنٌ لَازِمٌ. وَالضَّمَانُ حَمَالَةٌ وَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ في هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا يُرِيدُ الْحَقَّ فَهُوَ لَازِمٌ. وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الرَّجُلَ فَهُوَ لَازِمٌ، فَخُذْ هَذَا عَلَى هَذَا. .ادَّعَى حَقًّا قِبَلَ رَجُلٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ: فَقَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ: أَنَا كَفيلٌ لَكَ بِوَجْهِهِ إلَى غَدٍ، فَإِنْ لَمْ آتِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَلَمْ يَجِئْ بِهِ بَعْدَ الْغَدِ؟ قَالَ: يُقَالُ لِهَذَا الطَّالِبِ: أَثْبِتْ حَقَّكَ وَأَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ. وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْكَفيلِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. .ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ فيقُولُ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ: ثُمَّ قَالَ: أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَالْحَقُّ الَّذِي تَدَّعِي هُوَ لَكَ قِبَلِي؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذَا، وَأَرَى هَذَا مُخَاطَرَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. .في رَجُلٍ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ فيقُولُ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَنَا لَكَ حَمِيلٌ بِهَا ثُمَّ يُنْكِرُهُ: قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفيلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَدْ جَحَدَهُ. قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. .تَحَمَّلَ الرَّجُلُ بِحَقٍّ عَنْ صَبِيٍّ فَدَفَعَهُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ: قَالَ: يَرْجِعُ بِهِ في مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْمَالُ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَصْلِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذَا الْوَجْهِ كُلِّهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ حَقًّا. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا أَفْسَدَ مَتَاعًا لِرَجُلٍ، فَأَلْزَمَهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَتَاعِ فَأَدَّى عَنْهُ رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِ الصَّبِيِّ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْوَلِيِّ، فَأَرَادَ أَنْ يَتْبَعَ بِذَلِكَ الصَّبِيَّ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ، يَلْزَمُهُ ذَلِكَ في رَأْيِي، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا أَفْسَدَ الصَّبِيُّ أَوْ كَسَرَ أَوْ اخْتَلَسَ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَيْهِ. .الْقَضَاءُ وَالدَّعْوَى في الْكَفَالَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكُ: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، فيكُونُ نِصْفُهَا مِنْ الْكَفَالَةِ وَنِصْفُهَا مِنْ الْقَرْضِ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَوْلُ فيهَا قَوْلُ الْمُقْتَضِي مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ حِينَ دَفَعَ إلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَتَوَثَّقَ مِمَّا دَفَعَ وَيَتَبَرَّأَ مِمَّا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَيْضًا، لَا قَوْلَ لِوَرَثَةِ الَّذِي قَضَى مَعَ الْمُقْتَضِي إلَّا مِثْلُ الَّذِي كَانَ لِلَّذِي وَرِثَهُمْ. قُلْت: لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الدَّافِعُ فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ؟ فَقَالَ: وَرَثَتُهُ عِنْدِي بِمَنْزِلَتِهِ، يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْكَفَالَةِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في الْوَرَثَةِ شَيْئًا. .في أَخْذ الْحَمِيلِ بِالْحَقِّ وَالْمُتَحَمِّلُ بِهِ مَلِيءٌ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ. فَإِنْ نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الْحَمِيلِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِدْيَانًا وَصَاحِبُ، الْحَقِّ يَخَافُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ حَاصَّهُ الْغُرَمَاءُ، أَوْ غَائِبًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَمِيلَ وَيَدَعَهُ. وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ، لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ الْحَمِيلَ وَإِنْ شَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي أَخْبَرْتُكَ، وَهُوَ أَحَبُّ مَا فيهِ إلَيَّ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ مَلِيًّا غَائِبًا وَالْحَمِيلُ حَاضِرٌ، أَيَكُونُ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَمِيلَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَلِيءٌ إلَّا أَنَّهُ غَائِبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَمْوَالٌ حَاضِرَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ أَمْوَالُهُ في دَيْنِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ في تَثْبِيتِ ذَلِكَ وَفي النَّظَرِ فيهِ بُعْدٌ، فيؤْخَذُ مِنْ الْحَمِيلِ وَبِمِثْلِ هَذَا آخُذُ وَمَا أَشْبَهَهُ. .في الْحَمِيلِ أَوْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ يَمُوتُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا مَاتَ الْكَفيلُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ كَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ مَالِ الْكَفيلِ، وَلَا يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْكَفيلِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ شَيْئًا حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْمَالِ. قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ، كَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفيلَ بِالْحَقِّ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الْكَفيلُ قَبْلَ مَحَلِّ أَجَلِ الْكَفَالَةِ، وَعَلَى الْكَفيلِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ، أَيَكُونُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَالَ مَالِكٌ مَا أَخْبَرْتُكَ وَقَالَ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ. .في الْمُتَحَمِّلِ بِهِ يَمُوتُ قَبْلَ أَجَلِ الْحَقِّ وَالْمُتَحَمِّلُ لَهُ وَارِثُهُ: قَالَ: إنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ فَالْكَفيلُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَإِنْ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ فيهِ وَفَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفيلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفيلِ، يَرْجِعُ الْكَفيلُ في مَالِ الْمَطْلُوبِ الْهَالِكِ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ، فَقَدْ صَارَ لَهُ الْمَالُ فَصَارَ ذَلِكَ قِصَاصًا وَأَمَّا في الْحَوَالَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَحَالَ الطَّالِبَ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى هَذَا الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ، فَهِيَ حَوَالَةٌ وَلَيْسَتْ بِحَمَالَةٍ، وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى هَذَا الَّذِي أُحِيلَ عَلَيْهِ، كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيِي. .(في الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ لَهُمَا بِحَقٍّ فيأْخُذُ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ فيقْدَمُ): قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي تَكَفَّلْت لِرَجُلَيْنِ بِحَقٍّ لَهُمَا، فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ، فَأَخَذَ مِنِّي الْحَاضِرُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدِمَ الْغَائِبُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ عَلَى الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ فيمَا أَخَذَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الدَّيْنِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ في صَكٍّ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فيقْتَضِي أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مَنْ الدَّيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ. قَالَ مَالِكٌ: يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فيمَا اقْتَضَى إذَا كَانَ ذِكْرُ الْحَقِّ وَاحِدًا، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، وَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ في اقْتِضَائِهِ، أَوْ يُوَكِّلَ فَأَبَى فَأَذِنَ لَهُ في ذَلِكَ السُّلْطَانُ، أَوْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ السُّلْطَانُ بِأَنْ يَخْرُجَ أَوْ يُوَكِّلَ فَلَا يَفْعَلُ، فيخْرُجَ عَلَى ذَلِكَ فيسْتَقْضِي، فَهَذَا لَا يَرْجِعُ مَعَهُ فيهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: وَلَوْ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ - وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ غَائِبٌ - فَقَضَى السُّلْطَانُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ فَأَخَذَهُ، وَقَبِلَ الْغَرِيمُ وَفَاءً بِحَقِّ صَاحِبِهِ، فَأُعْدِمَ الْغَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَطَلَبَ شَرِيكَهُ بِنِصْفِ مَا اقْتَضَى؟ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ: وَلَوْ قَامَ الْحَاضِرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ إلَّا قَدْرَ حَقِّهِ فَقَطْ، أَخَذَ الْحَاضِرُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنُوبُهُ في الْمُحَاصَّةِ لَوْ كَانَ صَاحِبُهُ مَعَهُ، فَإِنْ جَهِلَ السُّلْطَانُ فَقَضَى لَهُ بِأَخْذِ حَقِّهِ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ طَالَبَ الْحَاضِرَ بِنِصْفِ مَا اقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بِيعَ مَالُهُ وَخُلِعَ مَالُهُ كُلُّهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا مِقْدَارُ حَقِّ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، فَقَضَى لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ في الْحِصَاصِ، أَوْ قَضَى لَهُ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، فَهُوَ سَوَاءٌ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ طَالَبَ شَرِيكَهُ بِمَا يَنُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّفْلِيسِ. .في الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ لِلرَّجُلِ بِمَا قَضَى لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ: قَالَ: نَعَمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ تَبَرَّعَ بِكَفَالَةٍ فَإِنَّهَا لَهُ لَازِمَةٌ، وَهَذَا لَهُ لَازِمٌ في مَسْأَلَتِك قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَدَّعِي قِبَلَ أَخِيهِ حَقًّا، فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: وَمَا تَصْنَعُ بِأَخِي احْلِفْ أَنَّ حَقَّكَ لَحَقٌّ وَأَنَا ضَامِنٌ لَكَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّمَا قُلْت لَكَ قَوْلًا وَلَا أَفْعَلُ وَلَا أَضْمَنُ، إنَّمَا تَبَرَّعْتُ بِهِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَحْلِفُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى رُجُوعِهِ هَذَا، فَإِذَا حَلَفَ ضَمِنَ حَقَّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي ضَامِنٌ بِمَا يُقْضَى لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا غَائِبَانِ جَمِيعًا، أَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ مَا لَكَ وَلِأَخِي، احْلِفْ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ الَّذِي تَدَّعِي قِبَلَهُ حَقٌّ وَأَنَا أَغْرَمُ لَكَ ذَلِكَ، فَرَضِيَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، فَنَزَعَ الَّذِي قَالَ احْلِفْ وَأَنَا أَضْمَنُ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ يَنْفَعُهُ نُزُوعُهُ، وَيَحْلِفُ هَذَا وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ وَيَغْرَمُهُ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ، وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا أَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ جَمِيعًا أَوْ حَاضِرَيْنِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: يَلْزَمُ الْمَعْرُوفُ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْكَفَالَةُ مَعْرُوفٌ وَهِيَ حَمَالَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ كَالدَّيْنِ، فَهَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ وَهَذَا رَأْيِي. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ؛ كَانَ ذَلِكَ في مَالِهِ في الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ لِرَجُلٍ بِحَمَالَةٍ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ غَائِبٌ عَنْهُمَا مَنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَهُ أَحَدٌ: اشْهَدُوا أَنِّي كَفيلٌ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، أَيَلْزَمُهُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَرَاهُ لَازِمًا لَهُ. .الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ قِبَلَهُ شَيْئًا ثُمَّ يُسْتَحَقُّ بَعْدَ مَوْتِهِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في هَذَا؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا رَأْيِي. .في رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ دَايِنْ فُلَانًا فَمَا ذَابَ لَكَ قِبَلَهُ فَأَنَا بِهِ حَمِيلٌ: قَالَ: نَعَمْ، يَلْزَمُكَ ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ مَا بَايَعَهُ بِهِ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ، كُلُّ مَا كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ بِمِثْلِهِ الْمَحْمُولُ عَنْهُ وَيُبَايِعَ بِهِ. .في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ دَايِنْ فُلَانًا وَأَنَا لَكَ حَمِيلٌ ثُمَّ يَرْجِعُ قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ: قَالَ: نَعَمْ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا. قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ في الَّذِي قَالَ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ لِلْحَقِّ الَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَى أَخِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَحْلِفْ فَإِنِّي لَا أَضْمَنُ، فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا لَا يَنْفَعُهُ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ قَدْ لَزِمَهُ. قَالَ: وَهَذَا لَا يُشْبِهُ مَسْأَلَتَكَ. .(في الرجلين يتحملان بالحمالة يغيب أحدهما والمتحمل به): قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَفيلَيْنِ تَكَفَّلَا عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ كَفيلٌ ضَامِنٌ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَغَابَ الَّذِي تَكَفَّلَ عَنْهُ وَغَابَ أَحَدُ الْكَفيلَيْنِ، فَلَزِمَ الْكَفيلَ الْحَاضِرَ وَأَدَّى الْمَالَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَالْكَفيلُ الْآخَرُ وَكِلَاهُمَا مَلِيءٌ، فَأَرَادَ الْكَفيلُ أَنْ يَتْبَعَ الْكَفيلَ الْآخَرَ بِنِصْفِ مَا أَدَّى عَنْهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ مَلِيءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَلِمَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ: إذَا كَانَ مَلِيًّا، لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفيلَ بِالْمَالِ؟ قَالَ: لَا يُشْبِهُ الْكَفيلَيْنِ هَهُنَا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْكَفيلَيْنِ إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفيلٌ ضَامِنٌ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى الْكَفيلِ الَّذِي تَكَفَّلَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَدَّى صَارَ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِمَا. قُلْت: وَهَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
|