الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.فصل اخْتِلَافُ الْأَطِبّاءِ فِي الْحِجَامَةِ عَلَى نُقْرَةِ الْقَفَا: وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الطّبّ النّبَوِيّ حَدِيثًا مَرْفُوعًا عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ فِي جَوْزَةِ القمحدوة فَإِنّهَا تَشْفِي مِنْ خَمْسَةِ أَدْوَاءٍ ذَكَرَ مِنْهَا الْجُذَامَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَلَيْكُمْ بِالْحِجَامَةِ فِي جَوْزَةِ القمحدوة فَإِنّهَا شِفَاءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دَاءً فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ اسْتَحْسَنَتْهُ وَقَالَتْ إنّهَا تَنْفَعُ مِنْ جَحْظِ الْعَيْنِ وَالنّتُوءِ الْعَارِضِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ احْتَاجَ إلَيْهَا فَاحْتَجَمَ فِي جَانِبَيْ قَفَاهُ وَلَمْ يَحْتَجِمْ فِي النّقْرَةِ وَمِمّنْ كَرِهَهَا صَاحِبُ الْقَانُونِ وَقَالَ إنّهَا تُورِثُ النّسْيَانَ حَقّا كَمَا قَالَ سَيّدُنَا وَمَوْلَانَا وَصَاحِبُ شَرِيعَتِنَا مُحَمّدٌ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّ مُؤَخّرَ الدّمَاغِ مَوْضِعُ الْحِفْظِ وَالْحِجَامَةُ تُذْهِبُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَدّ عَلَيْهِ آخَرُونَ وَقَالُوا: الْحَدِيثُ لَا يَثْبُتُ وَإِنْ ثَبَتَ فَالْحِجَامَةُ إنّمَا تُضْعِفُ مُؤَخّرِ الدّمَاغِ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَأَمّا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ لِغَلَبَةِ الدّمِ عَلَيْهِ فَإِنّهَا نَافِعَةٌ لَهُ طِبّا وَشَرْعًا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ احْتَجَمَ فِي عِدّةِ أَمَاكِنَ مِنْ قَفَاهُ بِحَسْبِ مَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ فِي ذَلِكَ وَاحْتَجَمَ فِي غَيْرِ الْقَفَا بِحَسْبِ مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَتُهُ. .فصل تَتِمّةُ الْكَلَامِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحِجَامَةِ وَنَفْعِهَا: .فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي أَوْقَاتِ الْحِجَامَةِ: أَنَسٍ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْتَجِمُ فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ وَكَانَ يَحْتَجِمُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ أَرَادَ الْحِجَامَةَ فَلْيَتَحَرّ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ لَا يَتَبَيّغْ بِأَحَدِكُمْ الدّمُ فَيَقْتُلَهُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَتْ شِفَاءً مِنْ كُلّ دَاءٍ وَهَذَا مَعْنَاهُ مِنْ كُلّ دَاءٍ سَبَبُهُ غَلَبَةُ الدّمِ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُوَافِقَةٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأَطِبّاءُ أَنّ الْحِجَامَةَ فِي النّصْفِ الثّانِي وَمَا يَلِيهِ مِنْ الرّبُعِ الثّالِثِ مِنْ أَرْبَاعِهِ أَنْفَعُ مِنْ أَوّلِهِ وَآخِرِهِ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا نَفَعَتْ أَيّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَوّلِ الشّهْرِ وَآخِرِهِ. قَالَ الْخَلّالُ أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ قَالَ حَدّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحْتَجِمُ أَيّ وَقْتٍ هَاجَ بِهِ الدّمُ وَأَيّ سَاعَةٍ كَانَتْ. وَقَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ: أَوْقَاتُهَا فِي النّهَارِ السّاعَةُ الثّانِيَةُ أَوْ الثّالِثَةُ وَيَجِبُ تَوَقّيهَا بَعْدَ الْحَمّامِ إلّا فِيمَنْ دَمُهُ غَلِيظٌ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِمّ ثُمّ يَسْتَجِمّ سَاعَةً ثُمّ يَحْتَجِمُ انْتَهَى. .مَفَاسِدُ الْحِجَامَةِ عَلَى الشّبَعِ: وَفِي أَثَرٍ الْحِجَامَةُ عَلَى الرّيقِ دَوَاءٌ وَعَلَى الشّبَعِ دَاءٌ وَفِي سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ الشّهْرِ شِفَاءٌ. الْأَوْقَاتِ لِلْحِجَامَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ وَالتّحَرّزِ مِنْ الْأَذَى وَحِفْظًا لِلصّحّةِ. وَأَمّا فِي مُدَاوَاةِ الْأَمْرَاضِ فَحَيْثُمَا وُجِدَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهَا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهَا. وَفِي قَوْلِهِ لَا يَتَبَيّغْ بِأَحَدِكُمْ الدّمَ فَيَقْتُلَهُ دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي لِئَلّا يَتَبَيّغَ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرّ مَعَ (أَنّ) ثُمّ حُذِفَتْ (أَنّ). وَالتّبَيّغُ الْهَيْجُ وَهُوَ مَقْلُوبُ الْبَغْيِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ فَإِنّهُ بَغْيُ الدّمِ وَهَيَجَانُهُ. وَقَدْ تَقَدّمَ أَنّ الْإِمَامَ أَحْمَدُ كَانَ يَحْتَجِمُ أَيّ وَقْتٍ احْتَاجَ مِنْ الشّهْرِ. .فصل اخْتِيَارُ أَيّامِ الْأُسْبُوعِ لِلْحِجَامَةِ: وَفِيهِ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسّانَ أَنّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عَنْ الْحِجَامَةِ أَيّ يَوْمٍ تَكْرَهُ؟ فَقَالَ فِي يَوْمِ السّبْتِ وَيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَيَقُولُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَرَوَى الْخَلّالُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ احْتَجَمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ يَوْمَ السّبْتِ فَأَصَابَهُ بَيَاضٌ أَوْ بَرَصٌ فَلَا يَلُومَنّ إلّا نَفْسَهُ. وَقَالَ الْخَلّالُ أَخْبَرَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَلِيّ بْنِ جَعْفَرٍ أَنّ يَعْقُوبَ بْنَ بختان حَدّثَهُمْ قَالَ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ النّورَةِ وَالْحِجَامَةِ يَوْمَ السّبْتِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ؟ فَكَرِهَهَا. وَقَالَ بَلَغَنِي عَنْ رَجُلٍ أَنّهُ تَنَوّرَ وَاحْتَجَمَ يَعْنِي يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَأَصَابَهُ قَالَ نَعَمْ. وَفِي كِتَابِ الْأَفْرَادِ لِلدّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ: تَبَيّغَ بِي الدّمُ فَابْغِ لِي حَجّامًا وَلَا يَكُنْ صَبِيّا وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا فَإِنّي سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ الْحِجَامَةُ تَزِيدُ الْحَافِظَ حِفْظًا وَالْعَاقِلَ عَقْلًا فَاحْتَجِمُوا عَلَى اسْمِ اللّهِ تَعَالَى وَلَا تَحْتَجِمُوا الْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ وَالسّبْتَ وَالْأَحَدَ وَاحْتَجِمُوا الِاثْنَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ جُذَامٍ وَلَا بَرَصٍ إلّا نَزَلَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: تَفَرّدَ بِهِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى وَقَدْ رَوَاهُ أَيّوبُ عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ فِيهِ وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثّلَاثَاءِ وَلَا تَحْتَجِمُوا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْحِجَامَةَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ وَقَالَ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يَوْمُ الثّلَاثَاءِ يَوْمُ الدّمِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَرْقَأُ فِيهَا الدّمُ. .فصل جَوَازُ احْتِجَامِ الصّائِمِ وَالْخِلَافُ فِي فِطْرِهِ: وَلَكِنْ هَلْ يُفْطِرُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى الصّوَابُ الْفِطْرُ بِالْحِجَامَةِ لِصِحّتِهِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ كَانَ فَرْضًا. الثّانِي: أَنّهُ كَانَ مُقِيمًا. الثّالِثُ أَنّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَرَضٌ احْتَاجَ مَعَهُ إلَى الْحِجَامَةِ. الرّابِعُ أَنّ هَذَا الْحَدِيثَ مُتَأَخّرٌ عَنْ قَوْلِهِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْمُقَدّمَاتُ الْأَرْبَعُ أَمْكَنَ الِاسْتِدْلَالُ بِفِعْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بَقَاءِ الصّوْمِ مَعَ الْحِجَامَةِ وَإِلّا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ الصّوْمُ نَفْلًا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْحِجَامَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ مِنْ رَمَضَانَ لَكِنّهُ فِي السّفَرِ أَوْ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ لَكِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا كَمَا تَدْعُو حَاجَةُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ إلَى الْفِطْرِ أَوْ يَكُونُ فَرْضًا مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهَا لَكِنّهُ مُبْقًى عَلَى الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ نَاقِلٌ وَمُتَأَخّرٌ فَيَتَعَيّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمُقَدّمَاتِ الْأَرْبَعِ فَكَيْفَ بِإِثْبَاتِهَا كُلّهَا. وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِئْجَارِ الطّبِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ بَلْ يُعْطِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مَا يُرْضِيهِ. .جَوَازُ التّكَسّبِ بِصِنَاعَةِ الْحِجَامَةِ: .فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قَطْعِ الْعُرُوقِ وَالْكَيّ: وَلَمّا رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ حَسَمَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ وَرَمَتْ فَحَسَمَهُ الثّانِيَةَ وَالْحَسْمُ هُوَ الْكَيّ. وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ ثُمّ حَسَمَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ رُمِيَ فِي أَكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ فَأَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِهِ فَكُوِي وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ أُتِيَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرَجُلٍ نُعِتَ لَهُ الْكَيّ فَقَالَ اكْوُوهُ وَارْضِفُوهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الرّضْفُ الْحِجَارَةُ تُسَخّنُ ثُمّ يُكْمَدُ بِهَا. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَوَاهُ فِي أَكْحَلِه وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنّهُ كُوِيَ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَيّ وَفِي التّرْمِذِيّ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنْ الشّوْكَة وَقَدْ تَقَدّمَ الْحَدِيثُ الْمُتّفَقُ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَمَا أُحِبّ أَنْ أَكْتَوِيَ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ وَأَنَا أَنْهَى أُمّتِي عَنْ الْكَيّ. وَفِي جَامِعِ التّرْمِذِيّ وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَهَى عَنْ الْكَيّ قَالَ فَابْتُلِينَا فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أَنْجَحْنَا وَفِي لَفْظٍ نُهِينَا عَنْ الْكَيّ وَقَالَ فَمَا أَفْلَحْنَ وَلَا أَنْجَحْنَ قَالَ الْخَطّابِيّ: إنّمَا كَوَى سَعْدًا لِيَرْقَأَ الدّمُ مِنْ جُرْحِهِ وَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِفَ فَيَهْلَكُ. وَالْكَيّ مُسْتَعْمَلٌ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا يُكْوَى مَنْ تُقْطَعُ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ. وَأَمّا النّهْيُ عَنْ الْكَيّ فَهُوَ أَنْ يَكْتَوِيَ طَلَبًا لِلشّفَاءِ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنّهُ هَلَكَ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ لِأَجْلِ هَذِهِ النّيّةِ. وَقِيلَ إنّمَا نَهَى عَنْهُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ خَاصّةً لِأَنّهُ كَانَ بِهِ نَاصُورٌ وَكَانَ مَوْضِعُهُ خَطَرًا فَنَهَاهُ عَنْ كَيّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النّهْيُ مُنْصَرِفًا إلَى الْمَوْضِعِ الْمُخَوّفِ مِنْهُ وَاللّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْكَيّ جِنْسَانِ: كَيّ الصّحِيحِ لِئَلّا يَعْتَلّ فَهَذَا الّذِي قِيلَ فِيهِ لَمْ يَتَوَكّلْ مَنْ اكْتَوَى لِأَنّهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ الْقَدَرَ عَنْ نَفْسِهِ. وَالثّانِي: كَيّ الْجُرْحِ إذَا نَغِلَ وَالْعُضْوُ إذَا قُطِعَ فَفِي هَذَا الشّفَاءُ. وَأَمّا إذَا كَانَ الْكَيّ لِلتّدَاوِي الّذِي يَجُوزُ أَنْ يَنْجَعَ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْجَعَ فَإِنّهُ إلَى الْكَرَاهَةِ أَقْرَبُ. انْتَهَى. وَثَبَتَ فِي الصّحِيحِ فِي حَدِيثِ السّبْعِينَ أَلْفًا الّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَنّهُمْ الّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيّرُونَ وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ فَقَدْ تَضَمّنَتْ أَحَادِيثُ الْكَيّ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا: فِعْلُهُ وَالثّانِي: عَدَمُ مَحَبّتِهِ لَهُ وَالثّالِثُ الثّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ وَالرّابِعُ النّهْيُ عَنْهُ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا بِحَمْدِ اللّهِ تَعَالَى فَإِنّ فِعْلَهُ يَدُلّ عَلَى جِوَازِهِ وَعَدَمُ مَحَبّتِهِ لَهُ لَا يَدُلّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ. وَأَمّا الثّنَاءُ عَلَى تَارِكِهِ فَيَدُلّ عَلَى أَنّ تَرْكَهُ أَوْلَى وَأَفْضَلُ. وَأَمّا النّهْيُ عَنْهُ فَعَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ عَنْ النّوْعِ الّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ يُفْعَلُ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ الدّاءِ وَاللّهُ أَعْلَمُ. .فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي عِلَاجِ الصّرَعِ: وَالثّانِي: هُوَ الّذِي يَتَكَلّمُ فِيهِ الْأَطِبّاءُ فِي سَبَبِهِ وَعِلَاجِهِ. .إثْبَاتُ صَرْعِ الْأَرْوَاحِ: .الْعِلَاجُ مِنْ صَرْعِ الْأَرْوَاحِ: وَالثّانِي: مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ هَذَانِ الْأَمْرَانِ أَيْضًا حَتّى إنّ مِنْ الْمُعَالِجِينَ مَنْ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ اُخْرُجْ مِنْهُ. أَوْ بِقَوْلِ بِسْمِ اللّهِ أَوْ بِقَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِاَللّهِ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَقُولُ اُخْرُجْ عَدُوّ اللّهِ أَنَا رَسُولُ اللّهِ.
|