.مسكويه:
هو أبو فاضل في العلوم الحكمية متميز فيها خبير بصناعة الطب، جيد في أصولها وفروعها، ولمسكويه من الكتب كتاب الأشربة، كتاب الطبيخ، كتاب تهذيب الأخلاق.
.أحمد بن أبي الأشعث:
هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي الأشعث، كان وافر العقل، سديد الرأي محبًا للخير، كثير السكينة والوقار، متفقها في الدين، وعمر عمرًا طويلاً، له تلاميذ كثيرة، وكان فاضلًا في العلوم الحكمية متميزًا فيها وله تصانيف كثيرة في ذلك تدل على ما كان عليه من العلم وعلو المنزلة، وله كتاب في العلم الإلهي في نهاية الجودة وقد رأيته بخطه، رحمه اللّه تعالى، وكان عالمًا بكتب جالينوس خبيرًا بها، متطلعًا على أسرارها؛ وقد شرح كثيرًا من كتب جالينوس، وهو الذي فصل كل واحد من الكتب الست عشر التي لجالينوس إلى جمل وأبواب وفصول، وقسمها تقسيمًا لم يسبقه إلى ذلك أحد غيره، وفي ذلك معونة كثيرة لمن يشتغل بكتب الفاضل جالينوس، فإنه يسهل عليه كل ما يلتمسه منها، وتبقى له أعلام تدله على ما يريد مطالعته من ذلك؛ ويتعرف به كل قسم من أقسام الكتاب وما يشتمل عليه وفي أي غرض هو، وفصّل أيضًا كذلك كثيرًا من كتب أرسطوطاليس وغيره؛ وجلة مصنفات أحمد بن أبي الأشعث في صناعة الطب وغيرها، كل منها تام في معناه لا يوجد له نظير في الجودة.ونقلت من كتاب عبيد اللّه بن جبرائيل بن بختيشوع قال ذكر لي من خبر أحمد ابن الأشعث، رحمه اللّه، أنه لم يكن منذ ابتدأ عمره يتظاهر بالطب، بل كان متصرفًا وصودر، وكان أصله من فارس، فخرج من بلده هاربًا ودخل الموصل بحالة سيئة من العري والجوع، واتفق أنه كان لناصر الدولة ولد عليل في حالة من قيام الدم والأغراس، وكان كلما عالجته الأطباء ازداد مرضه، فتوصل إلى أن دخل عليه وقال لأمه أنا اعالجه، وبدأ يريها غلط الأطباء في التدبير، فسكنت إليه، وعالجه فبرأ، وأعطي وأحسن إليه، وأقام بالموصل إلى آخر عمره، واتخذ له تلاميذ عدة، إلا أن الخاص به والمتقدم عنده كان أبو الفلاح، وبرع في صناعة الطب.أقول كانت وفاة أحمد بن أبي الأشعث، رحمه اللّه، في سنة ثلثمائة ونيف وستين للهجرة، وكان له عدة أولاد، والذي وجدته مشهورًا منهم في صناعة الطب محمد.ولأحمد بن أبي الأشعث من الكتب كتاب الأدوية المفردة، ثلاث مقالات، وكان السبب الباعث له على تصنيفه قوم من تلامذته سألوه ذلك وهذا نص كلامه في صدر الكتاب قال سألني أحمد بن محمد البلدي أن أكتب هذا الكتاب، وقديمًا سألني محد بن ثواب، فتكلمت في هذا الكتاب بحسب طبقتهما وكتبته إليهما وبدأت به في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة، وهما في طبقة من تجاوز تعلم الطب، ودخلا في جملة من يتفقه فيما علم من هذه الصناعة ويفرع ويقيس ويستخرج، وإى من في طبقتهما من تلامذتي ومن إئتمَّ بكتبي، فإن من أراد قراءة كتابي هذا، وكان قد تجاوز حد التعليم إلى حد التفقه، فهو الذي ينتفع به ويحظى بعلمه، ويقدر أن يستخرج منه ما هو فيه بالقوة مما لم أذكره، وأن يفرع على ما ذكرته ويشيد، وهذا قولي لجمهور الناس دون ذوي القرائح الأفراد، التي يمكنها تفهم هذا وما فوقه بقوة النفس الناطقة فيهم، فإن هؤلاء تسهل عليهم المشقة في العلم، ويقرب لديهم ما يطول على غيرهم، كتاب الحيوان، كتاب العلم الإلهي، مقالتان فرغ من تأليفه في ذي القعدة سنة خمس وخمسين وثلثمائة، كتاب في الجدري والحصبة والحميقاء، مقالتان، كتاب في السرسام والبرسام ومداواتهما، ثلاث مقالات، صنفه لتلميذه محمد بن ثواب الموصلي، أملاه عليه إملاء من لفظه، وكتبه عنه بخطه، وذكر تاريخ الإملاء والكتابة في رجب سنة خمس وخمسين وثلثمائة، كتاب في القولنج وأصنافه ومداواته والأدوية النافعة منه، مقالتان، كتاب في البرص والبهق ومداواتهما، مقالتان، كتاب في الصرع وكتاب آخر في الصرع، كتاب في الاستسقاء، كتاب في ظهور الدم، مقالتان، كتاب الماليخوليا، كتاب تركيب الأدوية، مقالة في النوم واليقظة، كتبها إلى أحمد بن الحسين بن زيد بن فضالة البلدي بحسب سؤاله على لسان عزور بن الطيب اليهودي البلدي، كتاب الغادي والمغتذي، مقالتان، فرغ من تأليفه بقلعة برقى من أرمينية في صفر سنة ثمان وأربعين وثلثمائة، كتاب أمراض المعدة ومداواتها، شرح كتاب الفرق لجالينوس، مقالتان، فرغ منه في رجب سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة، شرح كتاب الحميات لجالينوس.
.محمد بن ثواب الموصلي:
هو أبو عبد اللّه بن ثواب بن محمد، ويعرف بابن الثلاج، من أهل الموصل؟ فاضل في صناعة الطب، خبير بالعلم والعمل، وشيخه في صناعة الطب أحمد بن أبي الأشعث، لازمه واشتغل عليه وتميز، وكتب بخطه كتبًا كثيرة.
.أحمد بن محمد البلدي:
هو الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى من مدينة بلد، وكان خبيرًا بصناعة الطب، حسن العلاج والمداواة، وكان من أجل تلامذة أحمد بن أبي الأشعث، لازمه مدة سنين واشتغل عليه وتميز، ولأحمد بن محمد البلدي من الكتب كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم، صنفه للوزير أبي الفرج يعقوب بن يوسف المعروف بابن كلس وزير العزيز باللّه في الديار المصرية.
.ابن قوسين:
كان طبيبًا مشهورًا في زمانه، وله دراية بصناعة الطب، ومقامه بالموصل، وكان يهوديًّا وأسلم، وعمل مقالة في الرد على اليهود، ولابن قوسين من الكتب، مقالة في الرد على اليهود.
.علي بن عيسى وقيل عيسى بن علي الكحال:
كان مشهورًا بالحذق في صناعة الكحل متميزًا فيها وبكلامه يقتدى في أمراض العين ومداواتها، وكتابه المشهور بتذكرة الكحالين هو الذي لا بد لكل من يعاني صناعة الكحل أن يحفظه، وقد اقتصر الناس عليه دون غيره من سائر الكتب التي قد ألفت في هذا الفن وصار ذلك مستمرًا عندهم، وكلام علي بن عيسى في أعمال صناعة الكحل أجود من كلامه فيما يتعلق بالأمور العلمية وكانت وفاته سنة وأربعمائة، ولعلي بن عيسى من الكتب كتاب تذكرة الكحالين، ثلاث مقالات.
.ابن الشبل البغدادي:
هو أبو علي الحسين بن عبد اللّه بن يوسف بن شبل، مولده ومنشؤه ببغداد، وكان حكيمًا فيلسوفاً، ومتكلمًا فاضلاً، وأديبًا بارعاً، وشاعرًا مجيداً، وكانت وفاته ببغداد سنة أربع وسبعين وأربعمائة.ومن شعر قاله في الحكمة، وهذه القصيدة من جيد شعره، وهي تدل على قوة اطلاع في العلوم الحكمية والأسرار الإلهية، وبعض الناس ينسبها إلى ابن سينا وليست له وهي هذه:
بربك أيها الفلك المدار ** أقصد ذا المسير أم اضطرارمدارك قل لنا في أي شيء ** ففي أفهامنا منك ابتهاروفيك نرى الفضاء وهل فضاء ** سوى هذا الفضاء به تداروعندك ترفع الأرواح أم هل ** مع الأجساد يدركها البواروموج ذا المجرة أم فرند ** على لجج الدروع له أواروفيك الشمس رافعة شعاعًا ** بأجنحة قوادمها قصاروطوقٌ في النجوم من الليالي ** هلالك أم يد فيها سواروشهب ذا الخواطف أم ذبال ** عليها المرخ يقدح والعفاروترصيع نجومك أم حباب ** تؤلف بينه اللجج الغزارتمد رقومها ليلًا وتطوى ** نهارًا مثل ما طوى الإزارفكم بصقالها صدي البرايا ** وما يصدى لها أبدًا غرارتباري ثم تخنس راجعات ** وتكنس مثل ما كنس الصوارفبينا الشرق يقدمها صعودًا ** تلقاها من الغرب انحدارعلى ذا ما مضى وعليه يمضي ** صوالُ مني وآجال قصاروأيام تعرفنا مداها ** لها أنفاسنا أبدًا شفارودهر ينثر الأعمار نثرًا ** كما للغصن بالورد انتثارودنيا كلما وضعت جنينًا ** غذاه من نوائبها ظؤارهي العشواء ما خبطت هشيم ** هي العجماء ما جرحت جبارفمن يوم بلا أمس ليوم ** بغير غد إليه بنا يسارومن نفسين في أخذ ورد ** لروع المرء في الجسم انتشاروكم من بعد ما ألفت نفوس ** حسومًا عن مجاثمها تطارألم تك بالجوارح آنسات ** فكم بالقرب عاد لها نفارفإن يك آدم أشقى بنيه ** بذنب ماله منه اعتذارولم ينفعه بالأسماء علم ** وما نفع السجود ولا الجوارفاخرج ثم أهبط ثم أودي ** فترب الساقيات له شعارفأدركه بعلم اللّه فيه ** من الكلمات للذنب اغتفارولكن بعد غفران وعفو ** يُعَيَّر ما تلا ليلًا نهارلقد بلغ العدو بنا مناه ** وحل بآدم وبنا الصغاروتهنا ضائعين كقوم موسى ** ولا عجل أضل ولا خوارفيا لك أكلة ما زال منها ** علينا نقمة وعليه عارتُعاقب في الظهور وما ولدنا ** ويُذبح في حشا الأم الحواروننتظر الرزايا والبلايا ** وبعد فبالوعيد لنا انتظارونخرج كارهين كما دخلنا ** خروج الضب أحوجه الوجارفماذا الامتنان على وجود ** لغير الموجدين به الخياروكانت أنعما لو أن كونًا ** نخير قبله أو نستشارأهذا الداء ليس له دواء ** وهذا الكسر ليس له انجبارتحير فيه كل دقيق فهم ** وليس لعمق جرحهم انسبارإذا التكوير غال الشمس عنا ** وغال كواكب الليل انتثاروبدلنا بهذي الأرض أرضًا ** وطوح بالسموات انفطاروأذهلت المراضعُ عن بنيها ** لحيرتها وعطلت العشاروغشى البدر من فرق وذعر ** خسوف للتوعد لا سراروسيرت الجبال فكن كثبًا ** مهيلات وسجرت البحارفأين ثبات ذي الألباب منا ** وأين مع الرجوم لنا اصطباروأين عقول ذي الإفهام مما ** يراد بنا وأين الاعتباروأين يغيب لب كان فينا ** ضياؤك من سناه مستعاروما أرض عصته ولا سماء ** ففيم يغول أنجمها انكداروقد وافته طائعة وكانت ** دخانًا ما لفاتره شرارقضاها سبعة والأرض مهدًا ** دحاها فهي للأموات دارفما لسمو ما أعلا انتهاء ** ولا لسمو ما أرسى قرارولكن كل ذا التهويل فيه ** لذي الألباب وعظ وازدجاروقال يرثي أخاه أحمد:
غاية الحزن والسرور انقضاء ** ما لحى من بعد ميت بقاءلا لبيد بأربد مات حزنًا ** وسلت عن شقيقها الخنساءمثل ما في التراب يبلى فالح ** زن يبلى من بعده والبكاءغير أن الأموات زالوا وأبقوا ** غصصًا لا يسيغه الأحياءإنما نحن بين ظفر وناب ** من خطوب أسودهن ضِراءنتمنى وفي المنى قصر العمر ** فنغدو بما نسر نساءصحة المرء للسقام طريق ** وطريق الفناء هذا البقاءبالذي نغتذي نموت ونحيا ** أقتل الداء للنفوس الدواءما لقينا من غدر دنيا فلا كا ** نت ولا كان أخذها والعطاءراجع جودها عليها فمهما ** يهب الصبح يسترد المساءليت شعري حلمًا تمر بنا الأيام ** أم ليس تعقل الأشياءمن فساد يجنيه للعالم الكو ** ن فما للنفوس منه اتقاءقبّح اللّه لذة لأذانا ** نالها الأمهات والآباءنحن لولا الوجود لم نألم الفقد ** فإيجادنا علينا بلاءوقليلًا ما تصحب المهجة الجسم ** ففيهم الأسى وفيم العناءولقد أيد الإله عقولًا ** حجة العود عندها الإبداءغير دعوى قوم على الميت شيئًا ** أنكرته الجلود والأعضاءوإذا كان في العيان خلاف ** كيف بالغيب يستبين الخفاءما دهانا من يوم أحمد إلا ** ظلمات ولا استبان ضياءيا أخي عاد بعدك الماء سما ** وسمومًا ذاك النسيم الرخاءوالدموع الغزار عادت من الأ ** نفاس نارًا تثيرها الصعداءوأعدّ الحياة عذرًا وإن كا ** نت حياة يرضى بها الأعداءأين تلك الخلال والحزم ** أين العزم أين السناء أين البهاءكيف أودى النعيم من ذلك ** الظل وشيكًا وزال ذاك الغناءأين ما كنت تنتضي من لسان ** في مقام للمواضي انتضاءكيف أرجو شفاء وما بي ** دون سكناي في ثراك شفاءأين ذاك الرواج والمنطق المو ** نق أين الحياء أين الإباءإن محا حسنك التراب فما للدمع ** يومًا من صحن خدي انمحاءأو تبن لم يبن قديم وداد ** أو تمت لم يمت عليك الثناءشطر نفسي دفنت والشطر باق ** يتمنى ومن مناه الفناءإن تكن قدمته أيدي المنايا ** فإلى السابقين تمضي البطاءيدرك الموت كل حي ولو ** أخفته عنه في برجها الجوزاءليت شعري وللبلى كل ذي ** الخلق بماذا تميز الأنبياءموت ذا العالم المفضل بالنطق ** وذا السارح البهيم سواءلا غوي لفقده تبسم الأرض ** ولا للتقي تبكي السماءكم مصابيح أوجه أطفأتها ** تحت أطباق رمسها البيداءكم بدور وكم شموس وكم ** أطواد حلم أمسى عليها العفاءكما محا غرة الكواكب صبح ** ثم حطت ضياءها الظلماءإنما الناس قادم إثر ماض ** بدء قوم للآخرين انتهاءوقال أيضًا:
وكأنما الإنسان فيه غيره ** متكونًا والحسن فيه معارمتصرفًا وله القضاء مصرّف ** ومكلفًا وكأنه مختارطوراًتصوبه الحظوظ وتارة ** خطأ تحيل صوابه الأقدارتعمى بصيرته ويبصر بعدما ** لا يسترد الفائت استبصارفتراه يؤخذ قلبه من صدره ** ويرد فيه وقد جرى المقدارفيظل يضرب بالملامة نفسه ** ندمًا إذا لعبت به الأفكارلا يعرف الإفراط في إيراده ** حتى يبينه له الإصداروقال أيضًا:
إذا أخنى الزمان على كريم ** أعار صديقه قلب العدووقال أيضًا:
تلق بالصبر ضيف الهم ترحله ** إن الهموم ضيوف أكلها المهجفالخطب ما زاد إلا وهو منتقص ** والأمر ما ضاق إلاّ وهو منفرجفروح النفس بالتعليل ترض به ** عسى إلى ساعة من ساعة فرجوقال أيضًا:
تسل عن كل شيء بالحياة فقد ** يهون بعد بقاء الجوهر العرضيعوض اللّه مالًا أنت متلفه ** وما عن النفس أن أتلفتها عوضوقال أيضًا:
وعلى قدر عقله فاعتب المرء ** وحاذر برًا يصير عقوقاكم صديق بالعتب صار عدوًا ** وعدو بالحلم صار صديقاوقال أيضًا:
ليكفيكم ما فيكم من جوى نلق ** فمهلًا بنا مهلًا ورفقًا بنا رفقاوحرمة ودي لا سلوت هواكم ** ولا رمت منه لا فكاكا ولا عتقاسأزجر قلبًا رام في الحب سلوة ** وأهجره إن لم يمت بكم عشقاعذبت الهوى يا صاح حتى ألفته ** فأضناه لي أشفى وأفناه لي أبقىفلا الصبر موجود ولا الشوق بارح ** ولا أدمعي تطفي اللهيب ولا ترقاأخاف إذا ما الليل مد سدوله ** على كبدي حرقًا ومن مقلتي غرقاأيجمل أن أجزى عن الوصل بالجفا ** وينعم طرفي والفؤاد بكم يشقىأحظي هذا أم كذا كل عاشق ** يضام فلا يعفى ويظمى فلا يسقىسل الدهر عل الدهر يجمع بيننا ** فلم أر مخلوقًا على حالة يبقىوقال أيضًا:
إن تكن تجزع من دمـ ** ـعي إذا فاض فصنهأو تكن أبصرت يومًا ** سيدا يعفو فكنهأنا لا أصبر عمن ** لا يحل الصبر عنهكل ذنب في الهوى يغـ ** ـفر لي ما لم أخنهوقال أيضًا:
ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ** حتى إذا ملئت بصرف الراحخفت فكادت أن تطير بما حوت ** وكذا الجسوم تخف بالأرواحوقال أيضًا:
قالوا القناعة عز والكفاف غنى ** والذل والعار حرص النفس والطمعصدقتم من رضاه سد جوعته ** إن لم يصبه بماذا عنه يقتنعوقال أيضًا:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ** سر ومال ما استطعت ومذهبفعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ** بمكفر وبحاسد ومكذِّبوفي هذا المعنى قد قال بعضهم نثراً، وفيه جناس الرجل يخفي ذهبه ومذهبه وذهابه، وقال أيضًا:
قالوا وقد مات محبوب فجعت ** به وبالصبا وأرادوا عنه سلوانيثانيه في الحسن موجود فقلت لهم ** من أين لي في الهوى الثاني صبا ثانيوقال أيضًا:
وفي اليأس إحدى الراحتين لذي الهوى ** على إن إحدى الراحتين عذابأعف وبي وجد وأسلو وبي جوى ** ولو ذاب مني أعظم وإهابوآنف أن تعتاق همي خريدة ** بلحظ وأن يروي صداي رضابفلا تنكري عز الكريم على الأذى ** فحين تجوع الضاربات تهابوقال أيضًا:
بنا إلى الدير من درتا صبابات ** فلا تلمني فما تغني الملاماتلا تبعدن وإن طال الزمان به ** أيام لهو عهدناه وليلاتفكم قضيت لبانات الشباب بها ** غنما وكم بقيت عندي لباناتما أمكنت دولة الأفراح مقبلة ** فانعم ولذ فإن العيش تاراتقبل ارتجاع الليالي وهي عارية ** وإنما لذة الدنيا إعاراتقم فاجل في فلك الظلماء شمس ضحى ** بروجها الدهر طاسات وجاماتلعله إن دعا داعي الحمام بنا ** نقضي وأنفسنا منا روياتبم التعلل لولا ذاك من زمن ** إحياؤه باعتياد الهمّ أمواتدارت تحيي فقابلنا تحيتها ** وفي حشاها لفزع المزج روعاتعذراء أخفى لنا بدور صورتها ** لم يبق من روحها إلا حشاشاتمدت سرادق برق من أبارقها ** على مقابلها منها بلالاتفلاح في أذرع الساقين أسورة ** تبرًا وفوق نحور الشرب جاماتقد وقّع الدهر سطرًا في صحيفته ** لا فارقت شارب الخمر المسراتخذ ما تعجل واترك ما وعدت به ** فعل اللبيب فللتأخير آفاتوللسعادة أوقات ميسرة ** تعطي السرور وللأحزان أوقات