الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.حرمتها: روى عبد الرازق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى جاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة. قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}. روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح قال ابن عباس: الاضرار في الوصية من الكبائر. ورواه النسائي مرفوعا ورجاله ثقات ومثل هذه الوصية التي يقصد بها الاضرار باطلة ولو كانت دون الثلث. وتحرم كذلك إذا أوصى بخمر أو ببناء كنيسة أو دار للهو. .كراهتها: فإذا علم الموصي أو غلب على ظنه أن الموصى له سيستعين بها على الطاعة فإنها تكون مندوبة. إباحتها: وتباح إذا كانت لغني سواء أكان الموصى له قريبا أم بعيدا. .ركنها: والايجاب يكون بكل لفظ يصدر منه متى كان هذا اللفظ دالا على التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بغير عوض مثل: أوصيت لفلان بكذا بعد موتي أو وهبت له ذلك أو ملكته بعدي. وكما تنعقد الوصية بالعبارة تنعقد كذلك بالاشارة المفهمة متى كان الموصي عاجزا عن النطق كما يصح عقدها بالكتابة. ومتى كانت الوصية غير معينة بأن كانت للمساجد أو الملاجئ أو المدارس أو المستشفيات فإنها لا تحتاج إلى قبول بل تتم بالايجاب وحده لأنها في هذه الحال تكون صدقة، أما إذا كانت الوصية لمعين بالشخص فإنها تفتقر إلى قبول الموصى له بعد الموت أو قبول وليه إن كان الموصى له غير رشيد. فإن قبلها تمت وإن ردها بعد الموت بطلت الوصية وبقيت على ملك ورثة الموصي. والوصية من العقود الجائزة التي يصح فيها للموصي أن يغيرها أو يرجع عما شاء منها أو يرجع عما أوصى به. والرجوع يكون صراحة بالقول كأن يقول: رجعت عن الوصية. ويكون دلالة بالفعل مثل تصرفه في الموصى به تصرفا يخرجه عن ملكه مثل أن يبيعه. .متى تستحق الوصية: فإذا استغرقت الديون التركة كلها فليس للموصى له شيء لقول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}. .الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط: والشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما ولم يكن منهيا عنه ولا منافيا لمقاصد الشريعة. ومتى كان الشرط صحيحا وجبت مراعاته ما دامت المصلحة منه قائمة. فإن زالت المصلحة المقصودة منه أو كان غير صحيح لم تجب مراعاته. .شروطها: .شروط الموصي: وكمال الأهلية بالعقل والبلوغ والحرية والاختيار وعدم الحجر لسفه أو غفلة، فإن كان الموصي ناقص الأهلية بأن كان صغيرا أو مجنونا أو عبدا أو مكرها أو محجورا عليه فإن وصيته لا تصح. ويستثنى من ذلك أمران: 1- وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه مادامت في حدود المصلحة. 2- وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير مثل تعليم القرآن وبناء المساجد وإقامة المستشفيات. ثم إن كان له وارث وأجازها الورثة نفذت من كل ماله. وكذا إذا لم يكن له وارث أصلا. وأما إن كان له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط، وهذا مذهب الأحناف. وخالف في ذلك الإمام مالك فأجاز وصية ضعيف العقل والصغير الذي يعقل معنى التقرب إلى الله تعالى قال: الأمر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به. وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ولم يأت بمنكر من القول فوصيته جائة ماضية. وقد أجاز القانون في مصر وصية السفيه وذوي الغفلة إذا أذنت بها الجهة القضائية المختصة. .شروط الموصى له: 1- أن لا يكون وارثا للموصي. روى أصحاب المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: «لا وصية لوارث». رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه. وهذا الحديث وان كان خبر آحاد إلا أن العلماء تلقته بالقبول وأجمعت العامة على القول به وفي رواية: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث». وأما آية {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}. فقد قال الجمهور من العلماء بنسخها. وقال الشافعي: إن الله تعالى أنزل آية الوصية وأنزل آية المواريث فاحتمل أن تكون آية الوصية باقية مع الميراث. واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصايا. وقد طلب العلماء ما يرجح أحد الاحتمالين فوجدوه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى عنه أصحاب المغازي أنه قال عام الفتح: «لا وصية لوارث» ا.هـ. واتفقوا على اعتبار كون الموصى له وارثا يوم الموت حتى لو أوصى لاخيه الوارث حيث لا يكون للموصي ابن ثم ولد له ابن قبل موته صحت الوصية للاخ المذكور ولو أوصى لاخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فهي وصية لوارث. ومذهب الأحناف أن الموصى له إذا كان معينا يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا. أي يكون موجودا بالفعل وقت الوصية أو يكون مقدرا وجوده أثناءها. كما إذا أوصى لحمل فلانة. وكان الحمل موجودا وقت ايجاب الوصية. أما إذا لم يكن الموصى له معينا بالشخص فيشترط أن يكون موجودا وقت موت الموصي تحقيقا أو تقديرا. فإذا قال الموصي: أوصيت بداري لاولاد فلان ولم يعين هؤلاء الأولاد، ثم مات ولم يرجع عن الوصية. فإن الدار تكون مملوكة للاولاد الموجودين وقت موت الموصي سواء منهم الموجود حقيقة أو تقديرا كالحمل، ولو لم يكونوا موجودين وقت إيجاب الوصية. ويتحقق من وجود الحمل وقت الوصية أو وقت موت الموصي متى ولد لاقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو من وقت موت الموصي. وقال الجمهور من العلماء: إن من أوصى أن يفرق ثلث ماله حيث أرى الله الوصي انها تصح وصيته ويفرقه الوصي في سبيل الخير ولا يأكل منه شيئا ولا يعطي منه وارثا للميت. وخالف في ذلك أبو ثور، أفاده الشوكاني في نيل الاوطار. 3- ويشترط أن لا يقتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا. فإذا قتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا بطلت الوصية له لأن من تعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه. وهذا مذهب أبي يوسف. وقال أبو حنيفة ومحمد لا تبطل الوصية وتتوقف على إجازة الورثة. .شروط الموصى به: وتصح الوصية بما يثمره شجره وبما في بطن بقرته لأنه يملك بالارث فما دام وجوده محققا وقت موت الموصي استحقه الموصى له. وهذا بخلاف ما إذا أوصى بمعدوم. وتصح الوصية بالدين وبالمنافع كالسكن وبالوصية بالحلو. ولا تصح بما ليس بمال كالميتة. وما ليس متقوما في حق العاقدين كالخمر للمسلمين. .مقدار المال الذي تستحب الوصية فيه: فروي عن علي أنه قال: ستمائة درهم أو سبعمائة درهم ليس بمال فيه وصية وروي عنه ألف درهم مال فيه وصية. وقال ابن عباس: لا وصية في ثمانمائة درهم وقالت عائشة: في امرأة لها أربعة من الولد ولها ثلاثة آلاف درهم لا وصية في مالها. وقال ابراهيم النخعي: ألف درهم إلى خمسمائة درهم. وقال قتادة في قوله {إن ترك خيرا} ألفا فما فوقها وعن علي: من ترك مالا يسيرا فليدعه لورثته فهو أفضل وعن عائشة فيمن ترك ثمانمائة درهم لم يترك خيرا فلا يوصي ا.هـ. .الوصية بالثلث: روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا بمكة - وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها - قال: «يرحم الله ابن عفراء - قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: الثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في ايديهم، وانك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في في امرتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك أناس ويضر بك آخرون، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة». .الثلث يحسب من جميع المال: وهل المعتبر الثلث حال الوصية أو عند الموت؟ ذهب مالك والنخعي وعمر بن عبد العزيز أو المعتبر ثلث التركة عند الوصية. وذهب أبو حنيفة وأحمد والاصح من قولي الشافعية إلى اعتبار الثلث حال الموت. وهو قول علي وبعض التابعين. .الوصية بأكثر من الثلث: 1- أن تكون بعد موت الموصي لأنه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا تعتبر إجازته، وإذا أجازها أثناء الحياة كان له الرجوع عنها متى شاء. وإن أجازها بعد الحياة نفذت الوصية. وقال الزهري وربيعة: ليس له الرجوع مطلقا. 2- أن يكون المجيز وقت الاجازة كامل الأهلية غير محجور عليه لسفه أو غفلة. وإن لم يكن له وارث فليس له أن يزيد على الثلث أيضا. وهذا عند جمهور العلماء. وذهب الأحناف واسحاق وشريك وأحمد في رواية، وهو قول علي وابن مسعود، إلى جواز الزيادة على الثلث لان الموصي لا يترك في هذه الحال من يخشى عليه الفقر، ولان الوصية جاءت في الآية مطلقة. وقيدتها السنة بمن له وارث فبقي من لا وارث له على إطلاقه.
|