الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***
كتاب النكاح أخره عما تقدم; لأنه بالنسبة إليه كالبسيط من المركب فإنه معاملة من وجه وعبادة من وجه أما معنى العبادة فيه فإن الاشتغال به أفضل من التخلي عنه لمحض العبادة , ولما فيه من حفظ النفس عن الوقوع في الزنا , ولما فيه من مباهاة الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله "تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" , ولما فيه من تهذيب الأخلاق وتوسعة الباطن بالتحمل في معاشرة أبناء النوع وتربية الولد والقيام بمصالح المسلم العاجز عن القيام بها والنفقة على الأقارب والمستضعفين وإعفاف الحرم ونفسه ودفع الفتنة عنه وعنهن وأما معنى المعاملة فلما فيه من المال الذي هو عوض البضع والإيجاب والقبول والشهادة ودخوله تحت القضاء واختلف في مفهومه لغة فقيل هو مشترك بين الوطء والعقد اشتراكا لفظيا وقيل حقيقة في العقد مجاز في الوطء ونسبه الأصوليون إلى الشافعي وقيل حقيقة في الوطء ومجاز في العقد وعليه أكثر المشايخ وقيل حقيقة في الضم وبه صرح مشايخنا ولا منافاة بين كلامهم ; لأن الوطء من أفراد الضم والموضوع للأعم حقيقة في كل من أفراده كإنسان في زيد فهو من قبيل المشترك المعنوي وسبب شرعيته تعلق بقاء العالم به المقدر في العلم الأزلي على الوجه الأكمل وله شرط خاص به وهو سماع اثنين وشروطه التي لا تخصه الأهلية بالعقل والبلوغ وينبغي أن يراد في الولي لا في الزوج والزوجة ولا في متولي العقد فإن تزويج الصغير والصغيرة جائز وتوكيل الصبي الذي يعقل العقد ويقصده جائز عندنا في البيع فصحته هنا أولى كما في الفتح وركنه الإيجاب والقبول حقيقة أو حكما كاللفظ القائم وحكمه حل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه المأذون فيه شرعا ووجوب المهر عليه وحرمة المصاهرة وعدم الجمع بين الأختين وسيأتي إن شاء الله تعالى وفي عرف الفقهاء نقل إلى العقد فصار حقيقة عرفية ولذا أخذ في تعريفه فقال ( هو عقد يرد على ملك المتعة ) أي حل استمتاع الرجل من المرأة فالمراد بالعقد الحاصل بالمصدر وهو ارتباط أجزاء التصرف الشرعي بل الأجزاء المرتبطة دون المعنى المصدري الذي هو فعل المتكلم ولا شك أن له عللا أربعا فالعلة الفاعلية المتعاقدان والمادية الإيجاب والقبول والصورية الارتباط الذي يعتبر الشرع وجوده والغائية المصالح المتعلقة بالنكاح ( قصدا ) احترازا عما يفيد الحل ضمنا كما إذا ثبت في ضمن ملك الرقبة كشراء جارية للتسري فإنه موضوع شرعا لملك الرقبة وملك المتعة ثابت ضمنا . وإن قصده المشتري وإنما لم يكن ملك المتعة مقصودا كملك الرقبة في الشراء ونحوه لتخلفه عنه في شراء محرمه نسبا ورضاعا والأمة المجوسية .
( وشرط ) لصحة النكاح ( سماع كل من العاقدين ) سواء كانا زوجين , أو غيرهما لكن يشكل الإطلاق بنكاح الفضولي وبما إذا ذكر الزوج اسم امرأة غائبة كما في القهستاني لكن فيه ما فيه , تدبر . ( لفظ الآخر ) حقيقة , أو حكما كما إذا كتب رجل وأشهد جماعة فأوصلوا الكتاب إلى امرأة فقرأته عندهم فقبلت عندهم ذلك التزويج ينعقد النكاح عند أبي يوسف ; لأن الكتاب كالخطاب خلافا لهما وهل يشترط تمييز الرجل من المرأة وقت العقد حكوا فيه اختلافا . وفي البحر في صغيرين قال أب أحدهما زوجت بنتي هذه من ابنك هذا وقبل , ثم ظهرت الجارية غلاما والغلام جارية جاز ذلك وقال العتابي لا يجوز ولا يشترط معرفة الشاهدين للمرأة ولا رؤية وجهها فلو سمعا صوتها من بيت لم يكن فيه غيرها جاز وإلا فلا , وكذا لو كانت متنقبة جاز وهو المختار والاحتياط حينئذ أن تكشف وجهها , أو يذكر أبوها وجدها وتنسب إلى المحلة إلا إذا كانت معروفة عند الشهود وعلم الشهود أنه أراد تلك المرأة لا غير . وقال الخصاف لو غابت جاز بذكر الاسم بلا معرفتهما هو المختار ولو كان لها اسمان اسم في صغرها وآخر في كبرها تزوج بالأخير ; لأنها صارت معروفة به . وفي الظهيرية والأصح أن يجمع بين الاسمين ولو كانت له بنتان كبرى اسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة فقال زوجتك بنتي فاطمة وهو يريد عائشة لا ينعقد إذا لم يشر إليها وقيل ينعقد على فاطمة ولو قال بنتي فاطمة الكبرى قالوا يجب أن لا ينعقد على إحداهما كما في الفتح .
لما كانت المحللة شرطا من شرائط النكاح احتاج أن يبين المحرمات في فصل على حدة ليمتاز بمعرفتها المحللات ; لأن المحرمات يمكن حصرهن ويلزم منه أن يكون ما عداه يحل وأسباب حرمتهن تتنوع إلى تسعة أنواع : القرابة والمصاهرة والرضاع والجمع وتقديم الحرة على الأمة وقيام حق الغير من نكاح أو عدة والشرك وملك اليمين والطلاق الثلاثة , وسيأتي ذلك في المتن مفصلا ( يحرم على الرجل أمه وجدته وإن علت ) فاسدة كانت , أو صحيحة ( وبنته وبنت ولده ) ذكرا , أو أنثى ( وإن سفلت ) لقوله تعالى ( وصح نكاح الكتابية ) حرة أو أمة إسرائيلية , أو غيرها ذمية أو حربية إلا أنه لو نكح حربية في دار الحرب كره فقيل إنما كره إذا قصد التوطن بها وقيل إذا قصد الوطء وقيل إذا قصد استيلادها لقوله تعالى ( و ) صح نكاح ( الصابئية ) المؤمنة بنبي , الصابئية من صبأ إذا خرج من الدين , ثم الوصف للتوضيح والتفسير على مذهب الإمام لا للتقييد ( المقرة بكتاب ) صفة كاشفة للصابئية واختلف في تفسيرها فمن قال هم قوم من النصارى يقرءون بكتاب ويعظمون الكواكب كتعظيم المسلمين الكعبة فلا خلاف في صحة النكاح ومن قال هم قوم يعبدونها كعبادة الأوثان فلا خلاف في عدم صحته وما نقل من الخلاف بين الإمام وبينهما مبني على القولين ثم كل من يعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيث وزبور داود عليهم الصلاة والسلام فهو من أهل الكتاب فيجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم ما لم يشركوا خلافا للشافعي . ( لا ) يصح نكاح ( عابدة كوكب ) ولا وطؤها بملك يمين ; لأنها مشركة ( وصح نكاح المحرم والمحرمة ) بالحج والعمرة خلافا للشافعي . ( و ) صح نكاح ( حبلى من زنا ) عند الطرفين وعليه الفتوى لدخولها تحت النص وفيه إشعار بأنه لو نكح الزاني فإنه جائز بالإجماع ( خلافا لأبي يوسف ) قياسا على الحبلى من غيره ( ولا توطأ ) الحبلى من الزنا أي يحرم الوطء , وكذا دواعيه ولا تجب النفقة ( حتى تضع ) الحمل اتفاقا لقوله عليه الصلاة والسلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره" يعني إتيان الحبالى خلافا للشافعي . وفي الفوائد عن النوازل أنه يحل الوطء عند الكل وتستحق النفقة كما في النهاية .
الولي من الولاية وهي تنفيذ الأمر على الغير والأكفاء جمع كفء وهو النظير والمساوي ( نفذ ) أي صح ( نكاح حرة ) احتراز عن الأمة ; لأن نكاحها موقوف على إذن مولاها كتوقف نكاح الصغيرة والمجنونة والمعتوهة على إذن المولى ولذا قال ( مكلفة ) بكرا كانت , أو ثيبا ( بلا ولي ) أي ولو كان النكاح بلا إذن ولي وحضوره عند الشيخين في ظاهر الرواية لأنها تصرف في خالص حقها وهي من أهله ; لكونها عاقلة بالغة ولهذا كان لها التصرف في المال , والأصل هنا أن كل من يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه يجوز نكاحه على نفسه وكل من لا يجوز لا , وأطلقه فشمل الكفء وغيره وعند الأئمة الثلاثة لا ينعقد بعبارة النساء أصلا أصيلة كانت أو وكيلة إلا عند مالك في رواية لو كانت خسيسة لا شريفة صح بلا ولي والخلاف في إنشاء النكاح وأما إقرارها به فجائز اتفاقا كما في الحقائق ( وله ) أي لكل من الأولياء إذا لم يرض واحد منهم ( الاعتراض ) أي ولاية المرافعة إلى القاضي ليفسخ وليس هذا التفريق طلاقا حتى لا ينقص عدد الطلاق ولا يجب شيء من المهر قبل الدخول ولو بعده لها المسمى , وكذا بعد الخلوة الصحيحة وعليها العدة ولها نفقة العدة ولا يثبت إلا بالقضاء لأنه مجتهد فيه والنكاح صحيح يتوارثان به إذا مات أحدهما قبل القضاء ( في غير الكفء ) دفعا لضرر العار , فإن رضي واحد منهم ليس لمن في درجته أو أسفل اعتراض . هذا إذا لم تلد منه وأما إذا سكت حتى ولدت فليس له الاعتراض لئلا يضيع الولد كما في أكثر المعتبرات وقيل : له الاعتراض وإن ولدت أولادا . وفي المحيط لو فارقته بعد رضى الولي بنكاحها , ثم تزوجت منه بدون رضاه له الاعتراض ; لأن حق الفسخ يتجدد بتجدد النكاح ( وروى الحسن عن الإمام ) وهو رواية عن أبي يوسف ( عدم جوازه ) أي عدم جواز نكاحها إذا زوجت نفسها بلا ولي في غير الكفء وبه أخذ كثير من مشايخنا ; لأن كم من واقع لا يرفع ( وعليه فتوى قاضي خان ) وهذا أصح وأحوط والمختار للفتوى في زماننا إذ ليس كل ولي يحسن المرافعة ولا كل قاض يعدل فسد هذا الباب أولى خصوصا إذا ورد أمر السلطان هكذا وأمر بأن يفتى به . وفي الفتح وغيره لو زوجت المطلقة ثلاثا نفسها بغير كفء ودخل بها لا تحل للأول قالوا ينبغي أن تحفظ هذه فإن المحلل في الغالب يكون غير كفء أما لو باشر الولي عقد المحلل فإنها تحل للأول هذا إذا كان لها ولي أما إذا لم يكن لها ولي فهو صحيح مطلقا اتفاقا كما في البحر ( وعند محمد ينعقد موقوفا ) على إجازة الولي . ( ولو ) وصلية ( من كفء ) ومعنى كونه موقوفا أنه لا يجوز وطؤها قبل الإجازة ولا يقع الطلاق ولا يتوارث أحدهما من الآخر ويروى رجوعه إلى قول الإمام ; ولهذا قال بعض الفضلاء والأولى أن يقول وعن محمد لكن في الغاية قال رجاء بن أبي رجاء سألت محمدا عن النكاح بغير ولي فقال لا يجوز قلت فإن لم يكن لها ولي قال ترفع أمرها إلى القاضي ليزوجها قلت , فإن كان في موضع لا حاكم فيه قال يفعل ما قال سفيان قلت وما قال سفيان قال تولي أمرها رجلا ليزوجها , انتهى . فيفهم منه عدم رجوعه فلهذا قال وعند محمد , تدبر .
فصل في الكفاءة ( تعتبر الكفاءة ) بالفتح والمد مصدر الكفء بمعنى النظير والمراد هنا المماثلة بين الزوجين في خصوص أمور وإنما اعتبر جانب الرجل ; لأن المرأة تعير باستفراش من دونها بخلاف الرجل ; لأنه مستفرش فلا يغيظه دناءة الفراش هذا عند الكل في الصحيح . وفي الظهيرية : الكفاءة في النساء للرجال غير معتبرة عند الإمام خلافا لهما واعلم أن الكفاءة حق الولي لا حق المرأة فلو زوجت نفسها من رجل ولم تعلم أنه عبد أو حر فإذا هو عبد مأذون في النكاح فلا خيار لها كما في البحر . ولو زوجها الولي برضاها ولم يعلم بعدم الكفاءة , ثم علم لا خيار له هذا إذا لم يشترط بالكفاءة أما إذا اشترط أو عقد على أنه حر فإذا هو عبد مأذون فله الخيار ( في ) وقت ( النكاح ) ; لأنه لو زال بعده كفئيته لها بأن صار فاسقا مثلا لا يفسخ النكاح وإنما اعتبر الكفاءة فيه كما في الظهيرية ولهذا قدرنا الوقت ثم تعتبر في العرب ( نسبا ) أي من جهة النسب ; لأن به يقع التفاخر . وقال سفيان الثوري لا تعتبر الكفاءة فيه لقوله عليه الصلاة والسلام "الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إنما الفضل بالتقوى" ( فقريش ) هو من ولد نضر بن كنانة ( بعضهم أكفاء بعض ) ولا يعتبر الفاضل فيما بينهم ولهذا "زوج النبي عليه الصلاة والسلام بنته من عثمان رضي الله تعالى عنه وهو أموي لا هاشمي وزوج علي رضي الله عنه وهو هاشمي بنته من فاطمة أم كلثوم لعمر رضي الله تعالى عنه وهو قريشي عدوي" ( وغيرهم ) أي غير القريشي ( من العرب ليسوا كفئا لهم ) ; لأنهم أشرف العرب نسبا . وفي المضمرات ولا يكون العالم ولا الوجيه كالسلطان كفئا لعلوية وهو الأصح لكن في المحيط وغيره أن العالم كفء للعلوية إذ شرف العلم فوق النسب ولذا قيل إن عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها أفضل من فاطمة رضي الله تعالى عنها لزيادة علمها كما في القهستاني ( بل بعضهم ) أي بعض العرب ( أكفاء بعض ) ; لتساويهم فلا يكون العجم كفئا لهم إلا أن يكون عالما , أو وجيها كما في المضمرات ( وبنو باهلة ) في الأصل اسم امرأة من همدان والتأنيث للقبيلة سواء كان في الأصل اسم رجل , أو اسم امرأة ( ليسوا كفء غيرهم من العرب ) . وفي شرح الجامع الصغير وغيره والعرب بعضهم أكفاء بعض إلا بنو باهلة لخساستهم لا يكونون كفئا لعامة العرب ; لأنهم كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية وكانوا يأخذون عظام الميتة يطبخون بها ويأخذون دسوماتها كما قيل لكن في الفتح وهذا لا يخلو من نظر فإن النص لم يفصل مع أن النبي عليه الصلاة والسلام أعلم بقبائل العرب واختلافهم وقد أطلق , وليس كل باهلي كذلك بل فيهم الأجواد وكون فضيلة منهم , أو بطن صعاليك فعلوا ذلك لا يسري في حق الكل . وقال في البحر بعد نقله والحق الإطلاق تأمل ( وتعتبر ) الكفاءة ( في العجم ) أي غير العرب ( إسلاما ) أي من جهة إسلام أب وجد إذ به تفاخرهم لا بالنسب ; لأنهم ضيعوا أنسابهم ( وحرية ) أي من جهة الأصل ; لأن الرق عيب ; لأنه أثر الكفر فتعتبر الحرية ( فمسلم أو حر ) تفريع لما قبله ( أبوه كافر ) صفة جرت على غير من هي له ( أو رقيق غير كفء لمن لها أب في الإسلام أو الحرية ) لعدم المساواة واتفقوا على أن الإسلام لا يكون معتبرا في حق العرب ; لأنهم لا يتفاخرون به وإنما يتفاخرون بالنسب . وفي المجتبى معتقة الشريف لا يكافئها معتق الوضيع . وفي التجنيس لو كان أبوها معتقا وأمها حرة الأصل لا يكافئها المعتق , ثم قال معتق النبطي لا يكون كفئا لمعتقة الهاشمي ( ومن له أب فيه ) أي في الإسلام ( أو فيها ) أي في الحرية ( غير كفء لمن لها أبوان ) فيه , أو فيها لأن التعريف لا يحصل إلا بذكر الجد ( خلافا لأبي يوسف ) يعني من كان له أب مسلم , أو حر يكون كفئا لمن يكون أبوه وجده مسلمين , أو حرين إلحاقا للواحد بالاثنين كما هو مذهبه في تعريف الشاهدين ( ومن له أبوان كفء لمن لها آباء ) ; لأن ما فوق الجد لا يعرف غالبا والتعريف لازم فلا يشترط ( وتعتبر ) الكفاءة ( ديانة ) أي صلاحا وحسبا وتقوى كما في أكثر الكتب . وفي الكرماني , أو عدالة عند الشيخين هو الصحيح ; لأنه من أعلى المفاخر كما في الهداية وهو قوله هو الصحيح أي الصحيح اقتران قول الشيخين فإنه روي عن أبي حنيفة أنه مع محمد ورجحه السرخسي . وقال الصحيح من مذهب أبي حنيفة أن الكفاءة من حيث الصلاح غير معتبرة وقيل هو احتراز عن رواية أخرى عن أبي يوسف أنه لم يعتبر الكفاءة في الدين وقال : إذا كان الفاسق ذا مروءة كأعونة السلطان , وكذا عنه إن كان يشرب المسكر سرا ولا يخرج وهو سكران يكون كفئا وإلا لا وحينئذ الأولى أن يكون قوله : هو الصحيح احترازا عما روي عن كل منهما أنه لا تعتبر والمعنى : هو الصحيح من قول كل منهما كما في الفتح ( خلافا لمحمد ) لأن التقوى من أمور الآخرة فلا يفوت النكاح بفواتها إلا إذا كان مستحقا به يخرج سكران ويلعب به الصبيان كما في أكثر المعتبرات لكن في الفتح . وفي حاشية المولى سعدي أفندي كلام فليطالع . وفي المحيط الفتوى على قول محمد لكن الإفتاء بما في المتون أولى كما في البحر ( فليس فاسق كفئا لبنت صالح ) هذا بناء على أن أكثر بنات الصالحين صالحات وإلا فتجوز أن يكون بنته فاسقة فتكون كفئا لفاسق كما في أكثر الكتب والعبارة الظاهرة ما اختاره ابن الساعاتي وهي أن الفاسق لا يكون كفئا للصالحة . ( وإن ) وصلية ( لم يعلن ) الفاسق ( في اختيار الفضلى وتعتبر ) الكفاءة ( مالا ) بأن يملك من المهر ما تعارفوا تعجيله ; لأنه بدل البضع وبأن يكسب نفقة كل يوم وما يحتاج إليه من الكسوة ; لأن بذلك يتمم الازدواج وقبل يعتبر أن يكون عند العقد مالكا لنفقة شهر وقيل لنفقة ستة أشهر وقيل لنفقة سنة . وفي الذخيرة ولو كانت الزوجة صغيرة لا تطيق الجماع فهو كفء وإن لم يقدر على النفقة , وكذا لو كان يجد نفقتها ولا يجد نفقة نفسه يكون كفئا لها كما في الشمني .
فصل في تزويج الفضولي وغيره ( ووقف ) أي جعل موقوفا ( تزويج فضولي ) من أحد الجانبين وهو من لم يكن وليا ولا أصيلا ولا وكيلا ( أو فضوليين ) من الجانبين ( على الإجازة ) أي إجازة من له العقد بالقول , أو الفعل فإن أجاز ينفذ وإلا لا . وعند الشافعي باطل وإن جاز ( ويتولى طرفي النكاح ) وهما الإيجاب والقبول بكلام , أو كلامين ( واحد ) خلافا لزفر ( بأن كان وليا من الجانبين ) كمن زوج ابنة أخيه بابن أخ آخر ( أو وكيلا منهما ) كمن وكله رجل بالتزويج ووكلته امرأة به أيضا ( أو وليا وأصيلا ) كابن عم يزوج نفسه من بنت عمه الصغيرة ( أو وليا ووكيلا ) كابن عم يزوج بنت عمه الصغيرة من موكله ( ووكيلا وأصيلا ) كمن يزوج من موكلته بنفسه ( ولا يتولاهما ) أي طرفي النكاح ( فضولي ولو من جانب ) عند الطرفين ( خلافا لأبي يوسف ) فإنه يجوز عنده للواحد الفضولي أن يعقد للطرفين ويتوقف عقده على إجازتهما مثلا إذا قال زوجت فلانة من فلان فلم يقبل عن الآخر قابل , أو قال الرجل تزوجت فلانة , أو قالت زوجت نفسي فلانا فلم يقبل عن الآخر أحد يتم ويتوقف على إجازتهما ; لأن الواحد يصلح عاقدا من الجانبين إذا كان بأمره , وكذا إذا كان بغير أمره إذ الواحد يصلح سفيرا عن الجانبين إذ لا يلزم التنافي لعود الحقوق إلى من عقد له ولهما أن هذا شطر عقد فلم يتوقف على ما وراء المجلس كبيع إذ التوقف إنما يكون بعد تمام العقد بخلاف المأمور قيل الخلاف فيما إذا تكلم بكلام واحد أما باثنين فينعقد موقوفا بلا خلاف كما إذا كان النكاح من الفضوليين كما في النهاية وغيرها لكن في الفتح كلام فليطالع .
|