الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
وسئل شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ عن الصدقة والهدية أيهما أفضل؟ فأجاب: الحمد لله، الصدقة: ما يعطي لوجه الله عبادة محضة من غير قصد في شخص معين ولا طلب غرض من جهته، لكن يوضع في مواضع الصدقة كأهل الحاجات، وأما الهدية فيقصد بها إكرام شخص معين؛ إما لمحبة وإما لصداقة؛ وإما لطلب حاجة؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها، فلا يكون لأحد عليه مِنة، ولا يأكل أوساخ الناس التي يتطهرون بها من ذنوبهم، وهي الصدقات، ولم يكن يأكل الصدقة لذلك وغيره. وإذا تبين ذلـك، فالصدقة أفضـل، إلا أن يكون في الهدية معني تكون به أفضل من الصدقة، مثل الإهداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته محبة له. ومثل الإهداء لقريب يصل به رحمه، وأخ له في الله، فهذا قد يكون أفضل من الصدقة.
/ فأجاب: تنازع العلماء في هبة المجهول: فجوزه مالك، حتى جوز أن يهب غيره ما ورثه من فلان، وإن لم يعلم قدره، وإن لم يعلم أثلث هو أم ربع؟ وكذلك إذا وهبه حصة من دار ولا يعلم ما هو، وكذلك يجوز هبة المعدوم كأن يهبه ثمر شجره هذا العام، أو عشرة أعوام، ولم يجوز ذلك الشافعي. وكذلك المعروف في مذهب أبي حنيفة وأحمد المنع من ذلك، لكن أحمد وغيره يجوز في الصلح على المجهول والإبراء منه ما لا يجوزه الشافعي. وكذلك أبو حنيفة يجوز من ذلك ما لا يجوزه الشافعي. فإن الشافعي يشترط العلم بمقدار المعقود عليه في عامة العقود، حتى عوض الخلع والصداق، وفيما شرط على أهل الذمة. وأكثر العلماء يوسعون في ذلك. وهو مذكور في موضعه. ومذهب مالك في هذا أرجح. وهذه المسألة متعلقة بأصل آخر، وهو: أن عقود المعاوضة؛ كالبيع، والنكاح، والخلع تلزم قبل القبض. فالقبض ـ موجب العقد ومقتضاه ـ /ليس شرطا في لزومه. والتبرعات، كالهبة، والعارية، فمذهب أبي حنيفة والشافعي أنها لا تلزم إلا بالقبض، وعند مالك تلزم بالعقد. وفي مذهب أحمد نزاع، كالنزاع في المعين: هل يلزم بالعقد أم لابد من القبض؟ وفيه عنه روايتان. وكذلك في بعض صور العارية. وما زال السلف يعيرون الشجرة ويمنحون المنايح، وكذلك هبة الثمر واللبن الذي لم يوجد، ويرون ذلك لازما ولكن هذا يشبه العارية؛ لأن المقصود بالعقد يحدث شيئًا بعد شيء كالمنفعة؛ ولهذا كان هذا مما يستحقه الموقوف عليه، كالمنافع؛ ولهذا تصح المعاملة بجزء من هذا؛ كالمساقاة. وأما إباحة ذلك فلا نزاع بين العلماء فيه وسواء كان ما أباحه معدوما أو موجوداً، معلوما أو مجهولا، لكن لا تكون الإباحة عقد لازما كالعارية عند من لا يجعل العارية عقدا لازما؛ كأبي حنيفة والشافعي. وأما مالـك فيجعل ذلك لازما إذا كان محدودا بشرط أو عرف، وفي مذهب أحمد نزاع وتفصيل.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، ليس لإخوتها عليها ولاية ولا حجر، فإن كانت ممن يجوز تبرعها في مالها صحت هبتها، سواء رضوا أو لم يرضوا والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، إذا لم يقبضها حتى ماتت بطلت الهبة في المشهور من مذهب الأئمة الأربعة. وإن أقبضته إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له، بل يكون مشتركا بينه وبين إخوته. والله أعلم. وقـال:
وأما العقود التي يشترط القبض في لزومها واستقرارها، كالصدقة، والهبة والرهن، والوقف ـ عند من يقول: إن القبض شرط في لزومه ـ فهذا أيضًا يصح في المشاع عند جمهور العلماء؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، ولم يجوزها أبو حنيفة. قال: لأن القبض شرط فيها، وقبضها غير ممكن قبل القسمة، وأما الجمهور فقالوا: تقبض في هذه العقود كما تقبض في البيع، وإن كان القبض من موجب البيع ليس شرطًا في صحته ولا لزومه. ويقبض ما لا ينقسم؛ فإنهم اتفقوا على جواز هبته مشاعا؛ لتعذر القسمة فيه. /ثم إذا وهب المشاع الذي تصح هبته بالاتفاق؛ كالذي لا ينقسم، والمتنازع فيه عند من يجوز هبتـه؛ كمالك، والشافعي، وأحمد، وقبض ذلك قبض مثله، وحازه الموهوب له، والمتصدق عليه، لزم بذلك باتفاق المسـلمين؛ يتصرف فيه بأنواع التصرفات الجائزة في المشاع. فإن شاء أن يبيعه أو يهبه، وإن شاء تهايآ هو والمتهب فيه بالمكان أو بالزمان. وإن شاءا أكرياه جميعًا؛ كما يفعل ذلك كل شريكين للشقص مع مالك الشقص الذي لم يوهب. وإن تصرف فيه بالمساكنة للمتهب مهايأة أو غير مهايأة لا ينقص الهبة ولا يبطلها. ومن قال غير ذلك فقد خرق إجماع المسلمين. وما فعله الفقهاء من أصحاب مالك في كتبهم؛ من اشتراط الخيار، وأن بقاءه في يد الواهب بإكراء، أو استعارة، أو غيرها يبطل الحيازة، وأن حيازة المتهب له ثم عوده إلى الواهب في الزمن القريب يبطل حيازته، وفي الزمن الطويل كالسنة نزاع، وأنه إذا مرض أو أفلس قبل الحيازة بطلت، ونحو ذلك. ومثل تنازعهم: هل يجبر على الإقباض أم لا؟ وعند أبي حنيفة والشافعي لا يجبر، وعند مالك يجبر، وعند أحمد في الغبن روايتان. وأمثال هذه المسائل فهذا كله في نفس الموهوب المفرد والمشاع. فأما النصف الباقي على ملك الواهب فهم متفقون ـ اتفاقا معلوما عند علماء الشريعة بالاضطرار من دين الإسلام ـ أن تصرف المالك فيه لا يبطل ما وقع من الهبة والحيازة السابقة في النصيب. ومتفقون على أن هذين الشريكين يتصرفان كتصرف الشركاء. ومن توهم من المتفقهة أنه/بعد إقباض النصيب المشاع إذا تساكنا في الدار، فسكن هذا في النصف الباقي له، وهذا في النصف الآخر ـ مهايأة أو غير مهايأة ـ أن ذلك ينقض الهبة ـ كما لو كان السكنى في نفس الموهوب، كما يقوله مالك في ذلك ـ فقد خرق إجماع المسلمين، وهو من أبعد الناس عن مذاق الفقه ومعرفة الشريعة. فإن هذا لو كان صحيحًا لكان الواهب للمشاع يتعطل انتفاعه بما بقي له، وكان بمنزلة واهب الجميع؛ ولأن الفقهاء إنما ذكروا ذلك في الموهوب؛ لأن بقاء يد الواهب عليه وعوده إليه في المدة اليسيرة يمتنع معها الحوز في العادة، وربما كان ذلك ذريعة إلى الهبة من غير حوز فيظهر سكناها بطريق العارية حيلة؛ ولهذا روي عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: ما بال أقوام يعطي أحدهم ولده العطية، فإن مات ولده قال: مالى وفي يدي، وإن مات هو قال: كنت وهبته، لا يثبت من الهبة إلا ما حازه الولد من مال والـده. ثم سألوه عن الصغير فقال: حوز والده حوز له. وبهذا أخذ مالك وغيره. وهذا ظاهر في نفس الأمر مفردًا كان أو مشاعًا. فأما النصيب الآخر الذي لم يوهب، فهو بمنزلة عين أخرى لم توهب؛ يتصرف تصرف الشريك، بحيث لو احتاج إلى عمارة أجبر على ذلك عند أحمد ومالك في ظاهر مذهبه، وبحيث تجب فيه الشفعة. وإذا كان قسمة عينه تمكن قسم إن كان قابلا للقسمة. وإن لم يقبلها: فهل يجبر على البيع إذا طلبه الآخر ليقتسما الثمن؟ فيه قولان للعلماء. والإجبار قول مالك، وأبي حنيفة وأحمد. وعدمه قول/الشافعي. وهذا واضح على من له في الفقه بالشريعة أدني إلمام، إذا كان يفهم مأخذ الفقهاء، ولكن من لم يميز إذا رأي ما ذكروه من الفروع في الموهوب وخيل إليه أن هذا فيه وفي النصيب الآخر، كان هذا بعيدا من التميز في الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية، وليست هذه المسألة مما تقبل النزاع والخلاف أصلا. ومن العجب أنهم يطلبون النقل في هذه المسألة من كتاب [الهبة والصدقة] ونحو ذلك، وليس هذا موضعها، وإنما موضعها كتاب [الشركة والقسمة] ونحو ذلك، فإن السؤال إنما وقع عن التصرف في الشقص الباقي لم يقع في النصيب الموهوب، وإن تخيل متخيل أن التساكت يقتضي ثبوت يد كل منهما على الجميع. قيل له: فحينئذ تكون يد كل من الشريكين على جميع المشترك، وإن صح هذا لم يصح يد المشترك بحال، فإن أبا حنيفة إنما قاله فيما يقبل القسمة، ثم إذا قدر أن يد الشريك على الجميع فهذه لا تمنع الحيازة المعتبرة في المشاع؛ فإنه إذا وهب شقصا من عين فإنما عليه أن يقبض الموهوب فقط، مع بقاء يده على ما لم يهبه، سواء قيل: إن بقاء يده على نصيبه يعم الجميع، أو لا يعم. فعلم أن استيلاء الشريك الواهب على نصيبه وتصرفه فيه لا يمنع الحوز ابتداء، ولا يمنعه دوامًا باتفاق المسلمين.
فأجاب: لا تبطل.
/ فأجاب: هذه المسألة فيها نزاع بين أهل العلم: إن كان قد ملك البنات تمليكًا تاما مقبوضًا. فأما أن يكون كتب لهن في ذمته ألفي دينار من غير إقباض، أو أعطاهن شيئًا ولم يقبضه لهن، فهذا العقد مفسوخ، ويقسم الجميع بين الذكر والأنثيين. وأما مع حصول القبض، ففيه نزاع. وقد روي أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده، فلما مات ولد له حمل، فأمر أبو بكر وعمر أن يعطي الحمل نصيبه من الميراث، فلهذا ينبغي أن يفعل بهذا كذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وقال: (إني لا أشهد على جور) لمن أراد تخصيص بعض أولاده بالعَطِيةِ. وعلى البنات أن يتقين الله ويعطين الابن حقه. /وقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي خصص بعض أولاده: (أشْهِد على هذا غيري) تهديدًا له؛ فإنه قال: [اردده] وقد رده ذلك الرجل. وأما إذا وصى لهن بعد موته فهي غير لازمة باتفاق العلماء. والصحيح من قولي العلماء أن هذا الذي خص بناته بالعطية دون حمله يجب عليه أن يرد ذلك في حياته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا؛ طاعة لله ولرسوله، واتباعا للعدل الذي أمر به؛ واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ولا يحـل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم.
الجواب: الحمد لله. هذه المسألة تبنى على أصلين: أحدهما: صفة العقود. ومذهب مالك وأحمد في المشهور من مذهبه وغيرهما أن البيع والهبة والإجارة لا تفتقر إلى صيغة، بل يثبت ذلك /بالمعاطاة، فما عده الناس بيعا أو هبة أو إجارة فهو كذلك. ومذهب الشافعي المشهور اعتبار الصيغة، إلا في مواضع مستثناة. وحيث كان ذلك بالصيغة فليس لذلك عند الجمهور صيغة محدودة في الشرع، بل المرجع في الصيغة المفيدة لذلك إلى عرف الخطاب. وهذا مذهب الجمهور، ولذلك صححوا الهبة بمثل قوله: أعمرتك هذه الدار، وأطعمتك هذا الطعام، وحملتك على هذه الدابة، ونحو ذلك مما يفهم منه أهل الخطاب به الهبة. وتجهيز المرأة بجهازها إلى بيت زوجها تمليك، كما أفتى به أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما. وذلك أن الله ذكر البيع والإجارة والعطية مطلقا في كتابه، ليس لها حد في اللغة ولا الشرع فيرجع فيها إلى العرف. والمقصود بالخطاب إفهام المعاني، فأي لفظ دل عليه مقصود العقد انعقد به. وعلى هذا قاعدة الناس إذا اشترى أحد لابنه أمة، وقال: خذها لك استمتع بها ونحو ذلك كان هذا تمليكا عندهم. وأيضا، فمن كان يعلم أن الأمة لا توطأ إلا بملك إذا أذن لابنه في الاستمتاع بها لا يكون مقصوده إلا تمليكها؛ فإن كان قد حصل ما يدل على التمليك على قول جمهور العلماء ـ وهو أصح قوليهم ـ كان الابن واطئا في ملكه، وولده حر لاحق النسب، والأمة أم ولد له، لا تباع، ولا توهب ولا تورث. وأما إن قدر أن الأب لم يصدر منه تمليك بحال، واعتقد الابن أنه قد ملكها، كان ولده أيضا حرًا، ونسبه لاحق، ولا حد عليه. وإن /اعتقد الابن ـ أيضا ـ أنه لم يملكها ولكن وطئها بالإذن، فهذا ينبني على [الأصل الثاني]فإن العلماء اختلفوا فيمن وطئ أمة غيره بإذنه. قال مالك: يملكها بالقيمة حبلت أو لم تحبل. وقال الثلاثة: لا يملكها بذلك. فعلى قول مالك: هي أيضا ملك للولد، وأم ولد له، وولده حر. وعلى قول الثلاثة: الأمة لا تصير أم ولد، لكن الولد هل يصير حرًا مثل أن يطأ جارية امرأته بإذنها؟ فيه عن أحمد روايتان: إحداهما: لا يكون حرًا، وهذا مذهب أبي حنيفة، وإن ظن أنها حلال له. الثاني: أن الولد يكون حرًا، وهذا هو الصحيح إذا ظن الواطئ أنها حلال، فهو المنصوص عن الشافعي وأحمد في المرتهن، فإذا وطئ الأمة المرهونة بإذن الراهن، وظن أن ذلك جائز، فإن ولده ينعقد حرًا؛ لأجل الشبهة؛فإن شبه الاعتقاد أو الملك يسقط الحد باتفاق الأئمة. فكذلك يؤثر في حرية الولد ونسبه، كما لو وطئها في نكاح فاسد، أو مالك فاسد، فإن الولد يكون حرًا باتفاق الأئمة. وأبو حنيفة يخالفهما في هذا، ويقول: الولد مملوك. وأما مالـك فعنده أن الواطئ قد ملك الجارية بالوطء المأذون فيه. وهل على هذا الواطئ بالإذن قيمة الولد؟ فيه قولان للشافعي: أحدهما ـ وهو المنصوص عن أحمد: أنه لا تلزمه قيمته؛ لأنه وطئ بإذن المالك، فهو كما لو أتلف ماله بإذنه. والثاني: تلزمه قيمته، وهو قول بعض/أصحاب أحمد. ومن أصحاب الشافعي من زعم أن هذا مذهبه قولا واحدًا. وأما المهر فلا يلزمه في مذهب أحمد ومالك وغيرهما. وللشافعي فيه قولان أحدهما: يلزمه كما هو مذهب أبي حنيفة. وكل موضع لا تصير الأمة أم ولد فإنه يجوز بيعها.
فأجاب ـ رحمه الله: إذا كانت هذه الصدقة لم تخرج عن يد المتصدق حتى مات بطلت باتفاق الأئمة في أقوالهم المشهورة. وإذا أثبت الحاكم ذلك لم يكن إثباته لذلك العقد موجبا لصحته. وأما الحكم بصحته وله ورثة والحالة هذه فلا يفعل ذلك حاكم عالم، إلا أن تكون القضية ليست على هذه الصفة، فلا يكون حينئذ حاكمًا. وإما أن تكون الصدقة قد أخرجها المتصدق/ عن يده إلى من تصدق عليه، وسلمها التسليم الشرعي، فهذه مسألة معروفة عند العلماء، فإن لم يكن المعطي أعطي بقية الأولاد مثل ذلك، وإلا وجب عليه أن يرد ذلك، أو يعطي الباقين مثل ذلك؛ لما ثبت في الصحيح عن النعمان بن بشير قال: نحلني أبي غلاما، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضي حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقلت: إني نحلت ابني غلاما، وإن أمه قالت: لا أرضي حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لك ولد غيره؟ ). قلت: نعم. قال: (فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ ). قلت: لا. قال: (أشهد على هذا غيري). وفي رواية: (لا تشهدني؛ فإني لا أشهد على جور، واتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. اردده) فرده. والله أعلم.
فأجاب: إذا كان قد ملك أخته الربع تمليكا مقبوضًا، وملك ابنه الثلاثة أرباع، فملك الأخت ينتقل إلى ورثتها، لا إلى البنت، وليس للمالك أن ينقله إلى ابنته. والله أعلم.
/ فأجاب: لا يقبل منه ذلك، بل ما كان في يدها من المال فهو لها ينتقل إلى ورثتها. وإن كان هو اشتراه وجهزها به على الوجه المعتاد في الجهاز فهو تمليك لها. فليس له الرجوع بعد موتها.
فأجاب: إذا أعطي الكلب المعلم، ولم يكن من نيته أن يأخذ عوضا ولا قصد بالهدية الثواب، بل إكرامًا للمهدي إليه، ثم إن المهدي إليه أعطاه شيئًا، فلا بأس.
/ فأجاب: الحمد لله، في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس لواهب أن يرجع في هبته، إلا الوالد فيما وهبه لولده). وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم، إلا أن يكون المقصود بالهبة المعاوضة؛ مثل من يعطي رجلا عطية ليعاوضه عليها، أو يقضي له حاجة: فهذا إذا لم يوف بالشرط المعروف لفظًا أو عرفا فله أن يرجع في هبته أو قدرها. والله أعلم.
/فأجاب: الحمد لله، ليس لواهب أن يرجع في هبته، غير الوالد، إلا أن تكون الهبة على جهة المعاوضة لفظا أو عرفا، فإذا كانت لأجل عوض ولم يحصل فللواهب الرجوع فيها. والله أعلم.
فأجاب: نعم، يتضمن ذلك الرجوع. والله أعلم.
فأجاب: إذا أعـاد إليه العين الموهوبة فلا شيء له غير ذلك، وليس له المطالبة بأجرتها، ولا مطالبته بالضمان؛ فإنه كان ضامنا لها وكان يطعمها بانتفاعه بها مقابلة لذلك.
/ فأجاب: نعم إذا وهبه بشرط الثواب لفظا أو عرفا فله أن يرجع في الموهـوب، ما لـم يحصل له الثواب الذي استحقه، إذا كان الموهوب باقيا؛ وإن كان تالفا فله قيمته أو الثواب. والثواب هنا هو العوض المشروط على الموهوب.
فأجاب: الحمـد لله، في سنن أبي داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من شفع لأخيه شفاعة فأهدي له هدية فقبلها فقد أتي بابا عظيما من أبواب الربا).
وسئل ابن مسعود عن السُّحت؟ فقال: هو أن تشفع لأخيك شفاعة فيهدي لك هداية فتقبلها. فقال له: أرأيت إن كانت هدية في باطل؟ فقال: ذلك كفر ولهذا قال العلماء: إن من أهدي هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز، كان حراما على المهدي والمهدي إليه. وهذه من الرشوة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي)، والرشوة تسمى [البرطيل]. و[البرطيل] في اللغة: هو الحجر المستطيل فاه. فأما إذا أهدي له هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب، كانت هذه الهدية حراما على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارًا). قيل: يا رسول الله، فلم تعطيهم؟ قال: (يأبون إلا أن يسألوني، ويأبي الله لي البخل). ومثل ذلك إعطاء من أعتق وكتم عتقه، أو أسر خبرا، أو كان ظالما للناس فأعطاء هؤلاء: جائز للمعطي، حرام عليهم أخذه. وأما الهدية في الشفاعة؛/ مثل أن يشفع لرجل عند ولي أمر ليرفع عنه مظلمة، أو يوصل إليه حقه، أو يوليه ولاية يستحقها، أو يستخدمه في الجند المقاتلة ـ وهو مستحق لذلك ـ أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النساك أو غيرهم ـ وهو من أهل الاستحقاق. ونحو هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب أو ترك محرم، فهذه ـ أيضا ـ لا يجوز فيها قبول الهدية، ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه، أو دفع الظلم عنه. هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكبار. وقد رخص بعض المتأخرىن من الفقهاء في ذلك، وجعل هذا من [باب الجعالة]، وهذا مخالف للسنة وأقوال الصحابة والأئمة، فهو غلط؛ لأن مثل هذا العمل هو من المصالح العامة التي يكون القيام بها فرضا؛ إما على الأعيان، وإما على الكفاية، ومتى شرع أخذ الجعل على مثل هذا لزم أن تكون الولاية وإعطاء أموال الفيء والصدقات وغيرها لمن يبذل في ذلك، ولزم أن يكون كـف الظلم عمن يبذل في ذلك، والذي لا يبذل لا يولي، ولا يعطي، ولا يكف عنه الظلم، وإن كان أحق وأنفع للمسلمين من هذا. والمنفعة في هذا ليست لهذا الباذل حتى يؤخد منه الجعل على الآبق والشارد. وإنما المنفعة لعموم الناس؛ أعني المسلمين؛ فإنه يجب أن يولي في كل مرتبة أصلح من يقدر عليها، وأن يرزق من رزق المقاتلة والأئمة والمؤذنين وأهل العلم الذين هم أحق الناس وأنفعهم للمسلمين. وهذا واجب على الإمام، وعلى الأمة أن يعاونوه على ذلك، فأخذ جعل من شخص معين على ذلك يفضي إلى أن تطلب هذه / الأمور بالعوض، ونفس طلب الولايات منهي عنه، فكيف بالعوض؟ ! ولزم أن من كان ممكنا فيها يولي ويعطي وإن كان غيره أحق وأولي، بل يلزم تولية الجاهل والفاسق والفاجر وترك العالم العادل القادر وأن يرزق في ديوان المقاتلة الفاسق، والجبان العاجز عن القتال، وترك العدل الشجاع النافع للمسلمين. وفساد مثل هذا كثير. وإذا أخذ وشفع لمن لا يستحق وغيره أولي، فليس له أن يأخذ ولا يشفع، وتركهما خير. وإذا أخذ وشفع لمن هو الأحق الأولى وترك من لا يستحق، فحينئذ ترك الشفاعة والأخذ أضر من الشفاعة لمن لا يستحق. ويقال لهذا الشافع الذي له الحاجة التي تقبل بها الشفاعة: يجب عليك أن تكون ناصحا لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. ولو لم يكن لك هذا الجاه والمال، فكيف إذا كان لك هذا الجاه والمال؟ ! فأنت عليك أن تنصح المشفوع إليه فتبين له من يستحق الولاية والاستخدام والعطاء، ومن لا يستحق ذلك، وتنصح للمسلمين بفعل مثل ذلك، وتنصح لله ولرسوله بطاعته؛ فإن هذا من أعظم طاعته، وتنفع هذا المستحق بمعاونته على ذلك، كما عليك أن تصلي، وتصوم، وتجاهد في سبيل الله. وأما الرجل المسموع الكلام، فإذا أكل قدرا زائدا عن الضيافة الشرعية فلابد له أن يكافئ المطعم بمثل ذلك، أو لا يأكل القدر الزائد، وإلا فقبوله الضيافة الزائدة مثل قبوله للهدية، وهو من جنس الشاهد، والشافع إذا أدي الشهادة وقام بالشفاعة؛ لضيافة أو جعل؛ فإن هذا من أسباب الفساد. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، إذا كانت العادة الجارية بالتعويض وأعطاه على هذا الشرط فإنه يستحق أحد الأمرين: إما التعويض، وإما الرجوع في الموهوب. وأما المملوك، فإنه إذا لم يعتقه الموهوب له فإنه يكون باقيا على ملكه. وأما أولاده فيتبعون أمهم، فإن كانت حرة فهم أحرار، وإن كانت مملوكة فهم ملك لمالكها، لا لمالك الأب؛ إذ الأولاد في المذاهب الأربعة وغيرها يتبعون أمهم في الحرية والرق، ويتبعون أباهم في النسب والولاء. وإذا لم يرجع الواهب حتى فات الرجوع فله أن يطالب الموهوب له بالتعويض إن كان حيا، وفي تركته إن كان ميتًا؛ كسائر الديون، وإن كان قد عتق وله أولاد من حرة فهم أحرار.
/ فأجاب: نعم، له أخذه.
فأجاب: نعم، لها أن ترجع فيما وهبته والحال هذه، فإنه سألها الهبة، وطلقها مع ذلك، وهي لم تطلب نفسها أن يأخذ مالها بسؤالها ويطلقها. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، إذا لم يكن لها في ذمته شيء قبل ذلك ـ لا هذا المبلغ، ولا ما يصلح أن يكون هذا المبلغ عوضًا عنه؛ مثل أن يكون قد أخذ بعض جهازها وصالحها عن قيمته بهذا المبلغ، ونحو ذلك ـ فإنه لا يستحق ورثتها شيئًا من هذا الدين في نفس الأمر، فإن كان إقرارًا فله أن يحلفهم أنهم لا يعلمون أن باطـن هذا الإقرار يخالف ظاهره، وإذا قامت بينة على المقر والمقر له بأن هذا الإقرار تلجئة فلا حقيقة له. ولو كان قيمة ما أقر به من مالها أقل من هذا المبلغ فصالحها على أكثر من قيمته، ففي لزوم هذه الزيادة نزاع بين العلماء، تبطله طوائف من أصحاب الشافعي وأحمد، ويصححه أبو حنيفة، وهو قياس قول أحمد وغيره، وهو الصحيح. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، نعم، إذا كان عليه دين مستغرق لماله فليس له في مرض الموت أن يتبرع لأحد بهبة، لا محاباة، ولا إبراء من دين، إلا بإجازة الغرماء، بل ليس للورثة حق إلا بعد وفاء الدين. وهذا باتفاق المسلمين، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي بالدين قبل الوصية، والتبرع في مرض الموت كالوصية باتفاق الأئمة الأربعة.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، إذا كانت قد قالت عند الهبة: أنا أهب أختي لتعينني على أموري، ونتعاون أنا وهي في بلاد الغربة. أو قالت لها أختها: هبيني هذا الميراث، قالت: ما أوهبك إلا لتخدميني في بـلاد الغربة، ثم أوهبتها، أو جري بينهما من الاتفاق ما يشبه ذلك؛ بحيث وهبتها لأجل منفعة تحصل لها منها، فإذا لم يحصل لها الغرض فلها أن تفسخ الهبة، وترجع فيها. فالعوض في مثل هذه الهبة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره. قيل: إن منفعته تكون بقدر قيمة ذلك. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، إن كان الصداق ثابتًا عليه إلى أن مرضت مرض الموت لم يصح ذلك إلا بإجازة الورثة الباقين. وأما إن كانت أبرأته في الصحة/ جاز ذلك، وثبت بشاهد ويمين عند مالك والشافعي وأحمد. وثبت ـ أيضا ـ بشهادة امرأتين ويمين عند مالك، وقول في مذهب أحمد. وإن أقرت في مرضها أنها أبرأته في الصحة لم يقبل هذا الإقرار عند أبي حنيفة وأحمد وغيرهما، ويقبل عند الشافعي. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطي كل ذي حظ حظه، فلا وصية لوارث). وليس للمريض أن يخص الوارث بأكثر مما أعطاه الله.
فأجاب: ليس له في حال مرضه أن يخص أحدًا منهم بأكثر من قدر ميراثه باتفاق المسلمين، وإذا فعل ذلك فلباقي الورثة رده وأخذ حقوقهم، بل لو فعل ذلك في صحته لم يجز ذلك في أصح قولي العلماء، بل عليه أن يرده كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرده حيًا وميتًا. ويرده المخصص بعد موته.
/ فأجاب: على الرجل أن يعدل بين أولاده، كما أمر الله ورسوله، فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبشير بن سعد ـ لما نحل ابنه النعمان نحلا، وأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك، فقال له: (اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم)، وقال: (لا تشهدني على هذا؛ فإني لا أشهد على جور)، وقال له: (اردده) فرده بشير. وقال له على سبيل التهديد: (أشهد على هذا غيري). لكن إذا خص أحدهما بسبب شرعي؛ مثل أن يكون محتاجا مطيعا لله، والآخر غني عاص يستعين بالمال على المعصية، فإذا أعطي من أمر الله بإعطائه ومنع من أمر الله بمنعه فقد أحسن. /وأما الذي حلف أنه لا يكلم أباه، فأيما يمين من أيمان المسلمين حلف بها الرجل فعليه إذا حنث كفارة يمين. وأي يمين حلف عليها ورأي الحنث خيرا من الإصرار عليها فإنه يكفر عن يمينه ويحنث، كما دل عليه الكتاب والسنة وسواء حلف باسم الله، أو بالنذر، أو بالطلاق، أو العتاق، أو الظهار، أو الحرام، كقوله: إن فعلت كذا فمالى صدقة، وعلى عشر حجج، وعلى صوم سنة، ونسائي طوالق، وعبيدي أحرار، ونحو ذلك، فكل ما كان من أيمان المسلمين أجزأت فيه كفارة. وما لم يكن من أيمان المسلمين، كالحلف بالكعبة، والمشايخ والملوك والآباء؛ فإنها أيمان محرمة، غير منعقدة، ولا حرمة لها. وليس في شرع الله ورسوله إلا يمينان: يمين منعقدة، ففيها الكفارة. ويمين غير منعقدة، فلا شيء فيها إذا حنث. ومن أثبت من العلماء يمينا منعقدة غير مكفرة، فقوله ضعيف، مخالف للكتاب والسنة وأقوال الصحابة والقياس الجلي. والله أعلم.
/فأجاب: لا يحل له أن ينحل بعض أولاده دون بعض، بل عليه أن يعدل بينهم، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم)، وكان رجل قد نحل بعض أولاده؛ وطلب أن يشهد فقال: (إني لا أشهد على جور)، وأمره برد ذلك، فإن كان ذلك بالكلام ولم يسلم إلى البنات ما أعطاهم حتى مات أو مرض مرض الموت فهذا مردود باتفاق الأئمة، وإن كان فيه خلاف شاذ. وإن كان قد أقبضهم في الصحة، ففي رده قولان للعلماء. والله أعلم.
فأجاب: يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث نهي عن الجور في التفضيل، وأمر برده. فإن فعل ومات قبل العدل كان الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال ـ الأول والآخر ـ على كتاب الله تعالى:
/ فأجاب: الحمد لله، إن كان أولاده محتاجين إلى المماليك فتركهم لأولاده أفضل من استرجاعهم وعتقهم، بل صلة ذي الرحم المحتاج أفضل من العتق؛ كما ثبت في الصحيح؛ أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أعتقت جارية لها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لو أعطيتها أخوالك كان خيرا لك)، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد فضل إعطاء الخال على العتق فكيف الأولاد المحتاجون؟ ! وأما إن كان الأولاد مستعنين عن بعضهم فعتقه حسن، وله أن يرجع في هذه الهبة عند الشافعي وأحمد وغيرهما، ولا يرجع فيها عند أبي حنيفة. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، إذا لم يكن ذلك مضرا بأولاده، فله أن يتملك من مالهم ما يشتري به أمة يطؤها وتخدمهم. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، إذا وهب لأولاده منها ما وهبه، وقبض ذلك، ولم يكن فيه ظلم لأحد، كان ذلك هبة صحيحة، ولم يكن لأحد أن ينتزعه/منها. وإذا كان قد جعل نصيب الأولاد إليها حيا وميتا، وهي أهل لم يكن لأحد نزعه منها. وإذا حلفت، تحلف أن عندها للميت شيء. والله أعلم.
فأجاب: إذا كان قد أعطاه للمرأة في صداق زوجته، لم يكن للإنسان أن يرجع فيه باتفاق العلماء.
فأجاب: الحمد لله، لا يزول ملك الولدين المملكين بما ذكر؛ إذ ليس ذلك رجوعا في الهبة، ولو كان رجوعا في الهبة لم يجز له الرجوع في مثل هذه الهبة؛ فإنه إذا أعطي الولدين الأخرىن ما عدل به بينهما وبين/الباقين فليس له أن يرجع عن العدل الذي أمره الله به ورسوله. كيف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم)، وقال: (إني لا أشهد على جور)، وقال في التفضيل: (اردده)، وقال على سبيل التهديد للمفضل: (أشهد على هذا غيري). والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، ما ملكته البنت ملكا تاما مقبوضا وماتت انتقل إلى ورثتها، فلأبيها السدس، والباقي لابنها، إذا لم يكن لها وارث، وليس له الرجوع بعد موت البنت فيما ملكها بالاتفاق.
/فأجاب: الحمد لله، له أن يرجع فيما وهبه لها، لكنه إن فعل المحلوف عليه حنث. فإن كان قصـده ألا يأخذ شيئًا بغير طيب قلبها، أو بغير إذنها، فإن طـابت نفسـها أو أذنت لم يحنث.
فأجاب: الحمد لله، إذا كان قد وهب لولده شيئًا ولم يتعلق به حق الغير؛ مثل أن يكون قد صار عليه دين، أو زوجوه لأجل ذلك، فله أن يرجع في ذلك. والله أعلم.
فأجاب: إن كان الأب قد أعطي ابنه شيئًا عوضا عما أخذه له، فليس له أن يرجع بذلك بلا نزاع بين العلماء. وأما إن كان تصدق به عليه صدقة لله ففي رجوعه عليه قولان للعلماء. أحدهما: لا يرجع. والثاني: يرجع، عند مالك والشافعي وأحمد. ومتى رجع وعقله غائب، أو أوقف وعقله غائب أو عقد عقدًا، لم يصح رجوعه ولا وقفه؛ إذا كان مغيبا عقله بمرض، بلا نزاع بين العلماء.
فأجاب: نعم إذا كان الولد مظلوما، فإن الله يكفر عنه بما يظلمه، ويؤجره على صبره، ويأثم من يدعو على غيره عدوانا.
/ فأجاب: ما أعطى المريض في مرض الموت لوراثه فإنه لا ينفذ إلا بإجازة الورثة، فما أعطاه المريض لامرأته فهو كسائر ماله، إلا أن يجيز ذلك باقي الورثة. وينبغي للأولاد أن يقروا أمهم، ويجيزوا ذلك لها، لكن لا يجبرون على ذلك، بل تقسم جميع التركة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
|