الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مذكرة على العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية (نسخة منقحة)
.الإيمان بالقضاء والقدر: ومعنى الإيمان بالقضاء والقدر: أن تؤمن بأن كل ما في الكون من موجودات ومعدومات، عامة وخاصة، فانه بمشيئة الله وخلقه، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. .درجات الإيمان بالقضاء والقدر: فالدرجة الأولى تتضمن العلم والكتابة، ودليلها قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج:70]. العلم أن تؤمن بعلم الله المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلا. والكتابة هي أن تؤمن بأن الله كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ بحسب علمه. وهي أنواع: النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم: «أن الله لما خلق القلم قال له: اكتب. قال: رب ماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة» [أخرجه الإمام احمد (5/ 317) وأبو داوود كتاب السنة، باب في القدر رقم (4700) والترمذي كتاب القدر رقم (2155) والحاكم (2/ 498) وصححه]. النوع الثاني: الكتابة العمرية، وهي ما يكتبه الملك الموكل بالأرحام على الجنين في بطن أمه إذا تم له أربعة أشهر، فيؤمر المَلَك بكتب رزقه واجله وعمله وشقي أم سعيد، ودليله حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في الصحيحين [البخاري (3208) ومسلم (2643)]. وهذه الدرجة ينكرها غلاة القدرية قديما. وأما الدرجة الثانية فتتضمن شيئين: المشيئة والخلق، ودليل المشيئة قوله تعالى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء} [إبراهيم: من الآية 27]. ودليل الخلق قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: من الآية 62]. فأما المشيئة فهي أن تؤمن بمشيئة الله العامة، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، سواء في ذلك أفعاله وأفعال الخلق، كما قال تعالى في أفعاله: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: من الآية 13]. وقال في أفعال الخلق: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: من الآية 112]. أما الخلق فهو أن تؤمن إن الله خالق كل شيء سواء مما فعله أو فعله عباده. دليل الخلق في فعله قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: من الآية 54]. ودليل الخلق في أفعال العباد قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96]. ووجه كونه خالقا لأفعال العباد إن فعل العبد لا يصدر إلا عن إرادة وقدرة، وخالق إرادة العبد وقدرته هو الله. .مشيئة العبد وقدرته: .من ضل في هذه الدرجة وهي المشيئة والخلق: الأولى: القدرية حيث زعموا أن العبد مستقل بإرادته وقدرته ليس لله في فعله مشيئة ولا خلق. الثانية: الجبرية حيث زعموا أن العبد مجبولا على فعله ليس له فيه إرادة ولا قدرة. والرد على الطائفة الأولى القدرية بقوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] وقوله: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112]. والرد على الطائفة الثانية الجبرية بقوله تعالى: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]. وقوله: {نساؤكم حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. فاثبت للإنسان مشيئة وقدرة. .الاعتماد على القضاء السابق وترك العمل: .مجوس هذه الأمة: وكذلك القدرية قالوا: إن للحوادث خالقين، فالحوادث التي من فعل العبد يخلقها العبد، والحوادث التي من فعل الله يخلقها الله. الجبرية يخرجون عن أحكام الله حكمها ومصالحها فما وجه ذلك؟ وجه ذلك إن الجبرية لا يفرقون بين فعل العبد اختيارا وفعله بدون اختيار، كلاهما عندهم مجبر عليه كما سبق، وإذا كان كذلك صار ثوابه على الطاعة وعقابه على المعصية لا حكمة له، إذ الفعل جاء بدون اختياره، وما كان كذلك فإن صاحبه لا يمدح عليه فيستحق الثواب، ولا يذم عليه فيستحق العقاب. .الإيمان: .زيادة الإيمان ونقصانه: .الكبيرة: وحكم فاعل الكبيرة من حيث الجزاء أنه مستحق للجزاء المرتب عليه، ولا يخلد في النار، وأمره إلى الله إن شاء عذبه بما يستحق، وإن شاء غفر له لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: من الآية 48]. .الذي خالف أهل السنة في فاعل الكبيرة: 1. المرجئة: قالوا: إن فاعل الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ولا عقاب له. 2. الخوارج: قالوا: إنه كافر مخلد في النار. 3. المعتزلة: قالوا: لا مؤمن ولا كافر، في منزلة بين منزلتين، وهو مخلد في النار. .هل الفاسق يدخل في اسم الإيمان؟ .الصحابي وموقف أهل السنة من الصحابة: .اختلاف مراتب الصحابة رضي الله عنهم: أفضلهم جنسا المهاجرون ثم الأنصار؛ لأن الله قدم المهاجرين عليهم فقال تعالى: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} [التوبة: من الآية 117]. ولأنهم جمعوا بين الهجرة من ديارهم وأموالهم والنصرة. وأفضل الصحابة عينا أبو بكر، ثم عمر بالإجماع، ثم عثمان ثم علي على رأي جمهور أهل السنة الذي استقر عليه أمرهم، بعدما وقع الخلاف في المفاضلة بين علي وعثمان، فقدم قوم عثمان وسكتوا، وقدم قوم عليا ثم عثمان، وتوقف قوم في التفضيل. ولا يضلل من قال بأن عليا أفضل من عثمان لأنه قد قال به بعض أهل السنة. .الخلفاء الأربعة: ويضلل من خالف في خلافة واحد منهم، أو خالف في ترتيبهم؛ لأنه مخالف لإجماع الصحابة وإجماع أهل السنة. وثبتت خلافة أبى بكر بإشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إليها، حيث قدمه في الصلاة وفي أمارة الحج، وبكونه أفضل الصحابة فكان أحقهم بالخلافة. وثبتت خلافة عمر بعهد أبى بكر إليه بها، وبكونه أفضل الصحابة بعد أبى بكر. وثبتت خلافة عثمان باتفاق أهل الشورى عليه. وثبتت خلافة علي بمبايعة أهل الحل والعقد له، وبكونه أفضل الصحابة بعد عثمان. |